سياسة

ضغوط أميركية على الحكومة اللبنانية للتبرؤ من عملية المسيّرات!

العميد جابر لـ"أحوال": حزب الله سيقصف الباخرة اليونانية إن بدأت استخراج الغاز في كاريش

بدأ حزب الله ترجمة التهديدات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على أرض الواقع الميداني، بإرسال ثلاث مسيّرات فوق محيط حقل “كاريش” في رسالة سياسية بأبعادٍ أمنية، ما يفتح مرحلة جديدة كون العملية أول تظهير عملي لجدية المقاومة في مقاربة ملف الثروة النفطية والغازية، ما سيفرض معادلة تفاوضية – عسكرية جديدة في المياه الإقليمية اللبنانية.

ووفق مصادر مطلعة على الملف لـ”أحوال”، فإن إطلاق المسيّرات هو إعلان مباشر بانتقال ملف الترسيم من يد القيادة السياسية للمقاومة إلى يد القيادة الميدانية، ما يفتح مساراً تدريجياً لتحرك ميداني للمقاومة سيتطور وفق ردة الفعل الإسرائيلية والتعامل مع رسائل المقاومة.

فما هو مضمون رسائل المسيّرات؟ وكيف سيتلقفها “الإسرائيليون”؟ وهل ستلزم الاحتلال تجميد عملية استخراج الغاز؟

يشير الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور هشام جابر لـ”أحوال” إلى أن “المسيّرات الثلاث تحمل رسائل شبه عسكرية، وقد تقصّدت المقاومة في بيانها ذكر أن المسيّرات غير مسلحة، أي أنها عملية تذكيرية فقط في الوقت الضائع خلال الشهرين المقبلين في ظل غياب أي جواب من الوسيط الأميركي من الحكومة الإسرائيلية على المقترح اللبناني واحتمال أن تستغل إسرائيل الوقت الضائع وتبدأ الباخرة اليونانية باستخراج الغاز في أيلول المقبل”.

ويعتبر جابر أن المسيّرات رسالة مختومة بالبريد السريع للعدو الإسرائيلي لضرورة التراجع عن العمل في المنطقة المتنازع عنها قبل ترسيم الحدود. ويرى بأنه ليس المهم استطاعة العدو إسقاط المسيرات من عدمه، بل المهم أن الرسالة وصلت وأحدثت حالة من الهلع التي أصابت الكيان. وهذا ما عكسته مقاربة الاعلام “الإسرائيلي” للحدث. وكذلك بيان الجيش “الإسرائيلي” الذي اعتبر أن “حزب الله يقوض استراتيجية إسرائيل في البر والجو والبحر”.

ويضيف جابر أن “التحول النوعي هو تأثير حزب الله في معادلة الجو والبحر بعدما اقتصرت على البر في مراحل معينة”. كما تظهر حالة القلق والرعب لدى كيان الاحتلال بالفيديو الذي بثه جيش الاحتلال لزوارق بحرية تابعة لحزب الله كانت ترصد وتجمع معلومات استخبارية عن منصة استخراج الغاز في “كاريش”.

وتوقع جابر أن تفعل رسالة المقاومة فعلها بتراجع “إسرائيل” عن أعمال الاستخراج، لأن الشركات ستخرج من المنطقة المتنازع عليها عندما تصبح منطقة توتر وغير آمنة، لا سيما وأن المقاومة بحسب جابر سيُتّبع رسالته الأولى برسالة أكثر جدية مثل مسيّرات مسلحة قد تقترب أكثر من باخرة الاستخراج، أما بحال لم توقف الشركة وتبتعد عن المنطقة، فقد يبادر الحزب الى توجيه ضربة لها من دون إشعال حرب.

ويرى العميد جابر أن حزب الله لا يريد الحرب لكنه مستعد لها، ولن يطلق الطلقة الأولى إلا بحالات معينة: إن بدأت “إسرائيل” باستخراج الغاز قبل إنجاز ملف الترسيم، أو إذا سيّرت بحرية الجيش اللبناني دوريات في محيط الباخرة وأطلقت النار باتجاهها وردت “إسرائيل” وحصل اشتباك مسلح، الأمر الذي سيدفع المقاومة للتدخل والدفاع مع الجيش.

هل ستدفع المسيّرات الى انسحاب الوسيط الأميركي من ملف الترسيم ونسف مفاوضات الناقورة وترك الأمور على غاربها العسكري؟

تشير معلومات “أحوال” الى أن المسؤولين اللبنانيين تعرضوا لضغوط سياسية كبيرة للتنصل من عملية المقاومة، واتخاذ موقف رسمي يرفضها، وقد انهالت اتصالات السفيرة الأميركية دورثي شيا على المعنيين بالملف لا سيما نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب. وقد دفع الاعتراض الأميركي وضغوط عوكر على عملية المقاومة، بوزير الخارجية عبدالله بوحبيب للإعلان بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن “اطلاق المسيَرات عمل غير مقبول ويعرض لبنان للمخاطر”.

ويرى جابر أن الولايات المتحدة لا تريد الحرب لأنها منشغلة بملفات كبرى ومصيرية في العالم والمنطقة، من الصراع مع الصين والحرب الروسية – الأوكرانية إلى الملف النووي الإيراني والعلاقة مع الخليج وقضايا سوريا والعراق واليمن، لذلك لن تتجرأ “إسرائيل” على فتح المواجهة مع لبنان. ويحذر الخبير الاستراتيجي من أن “إسرائيل” تسعى للخروج من الحلقة المقفلة التي حوصرت فيها، عبر استدراج حزب الله الى فتح المعركة، لكي تقف بموقع الدفاع عن النفس وتستدرج التعاطف الدولي، لكن حزب الله لن يقع بالفخ الإسرائيلي بحسب جابر.

وتوقع جابر تفعيل الوساطة الأميركية وتسريع الحصول على الرد الإسرائيلي على المقترح اللبناني، وبالتالي العودة الى مفاوضات الناقورة، ويؤكد أن لبنان لا يستطيع أن ينتظر حتى أيلول لبدء المفاوضات ويكون قد فات الأوان ويبدأ العدو بالاستخراج وفرض أمراً واقعاً ويكتسب الحق القانوني الدولي من الصعب إزالته، لذلك المقاومة لن تنتظر ووجهت رسائل الى العدو وسيعقبها رسائل أخرى.

ولا يستبعد جابر إرسال الحزب غواصات بحرية صغيرة لاستطلاع المنطقة الجيولوجية والحركة الاسرائيلية في حقل كاريش، ويتوقع مفاجآت لدى المقاومة ستكشف عنها في الوقت المناسب، لكنه المقاومة غير معنية بتقديم لائحة مجانية للعدو بالقدرات التي تمتلكها.

ويرى جابر أن القبة الحديدية الاسرائيلية لا تستطيع حماية منصات استخراج الغاز، لامتلاك الحزب صواريخ أرض – بحر لا تعترضها القبة.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى