مجتمع

التصنيع الزراعي لمواجهة الفقر جنوبًا

في بلدة مجدل سلم – مرجعيون، تحولت حديقة منزل المدير المتقاعد طارق ياسين الى مزرعة ومعمل للتصنيع الزراعي، بعد أن لجأ الى زراعة الورود والأشجار المختلفة التي يمكن استخدامها في صناعة الصابون والزيوت والعطور، اضافة الى العسل وماء الورد.

هناك يبدو العمل أكثر متعة وقدرة على مواجهة مصاعب الحياة والأعباء المعيشية كون هذه الصناعة تحقق أرباحاً لافتة، اضافة الى أنها تحصّن المواطن من تداعيات الفساد والأزمات الاقتصادية المختلفة؛ انطلقت هوايات ياسين المتعددة من تربية النحل التي تحتاج الى العناية والجهد المتواصلين، لا سيما من خلال تأمين بيئة مناسبة للنحل مليئة بالأزهار والأشجار التي تؤمن الغذاء السليم وتساهم في انتاج أجود أنواع العسل، ليكتشف أن هذه البيئة مناسبة أيضاً لصناعة الصابون والعطور وغيرها.

ابتكر ياسين آلات جديدة لتنفيذ أعماله الجديدة، فعمل على انشاء معمل يدوي صغير لصناعة الصابون، وهو عبارة عن مكبس وقالب لتقطيع الصبون وغاز وأوان كبيرة، “استطعت من خلال هذه المعدات صناعة أنواع مختلفة من الصابون، منها صابون الغار وصابون الورد والصابون المنتج من الحليب الطبيعي وزيوت النباتات المختلفة”، كما لجأ ياسين الى صناعة معمل صغير لتقطير نباتات الزعتر والنعناع والورود المتنوعة، ومن ثم استخراج مائها وزيتها لتحويلها الى عطور وأدوية لمعالجة بعض الأمراض الجلدية ولدغات الحشرات اضافة الى دواء طبيعي لمعالجة أمراض النحل.

ويطالب ياسين “الجهات الرسمية أو الخاصة بضرورة تبني شراء الزيوت العطرية، لتحويلها الى عطور، لأن ثمن هذه الزيوت مرتفع جداً في الخارج، ويمكن استخدامها في صناعة الصابون وكريمات التجميل اضافة الى العطور”، مبيناً أن “زيت ليتر الورد في الدولى الغربية يقارب 10 آلاف دولار أميركي، ويصنّع منه أغلى العطور في العالم، فالورد الجوري موجود بكثرة هنا، وورد اللاّفندر أيضاً، ويستخدم لاستخراج زيت الورد وماء الورد”.

ويوضح لـ”احوال” أنه “بعد تقطير الورد في قنان زجاجية، يصبح مائه في الأسفل وزيته في الأعلى، فيسهل استخراجه، وحفظة في أوان زجاجية ملونة منعا لتعرضه للضوء”.

ومن اللاّفت أنه في العامين الأخيرين، ولمواجهة الأوضاع الاقتصادية الخانقة، ازدادت حماسة المزارعين الجنوبيين للعمل وزيادة الانتاج، فعمد معظمهم الى تصنيع منتجاتهم الزراعية التي يصعب تصريفها الى سلع ومنتجات مصنّعة يدوياً، يمكن تصريفها بسرعة، بعد أن أصبحت أسعار المنتجات المستوردة المنافسة مرتفعة جداً نسبة الى الليرة اللبنانية.

وكانت ربّات المنازل عمدة هذا النوع من الصناعة المتعلقة بانتاج المونة البيتية والتي باتت تصدّر الى الخارج، عبر المغتربين، بحسب المزارعة فاطمة جابر (بليدا)، التي بيّنت أن “ربّات المنازل تعملن الى جانب أزواجهن المزارعين، فيقمن بصناعة الزعتر والكشك والكبيس وغيرها، لبيعها الى المغتربين الذين يأتون صيفاً أو ارسالها اليهم بواسطة الأصدقاء، ما يحقّق دعماً مالياً كبيراً لعائلاتنا”.

وفي منطقة مرجعيون، تعمل 11 جمعيات زراعية، من أصل 45 جمعية مسجلة في وزارة الزراعة، على تصنيع الزراعات المحليّة، من بينها، على سبيل المثال، تعاونية التصنيع الزراعي والحيواني في بلدة دبّين التي باتت تؤمن المعيشة لعشرات الأسر الزراعية، الذين يعملون على تصنيع كميات كبيرة من المنتجات الزراعية والتي يتم بيعها في الأسواق اللبنانية، وتصدير بعضها الى دول الخليج العربي.

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى