سياسة

سجالٌ بين مولوي ويمق: الأزمات تتوالد في بلدية طرابلس

لا تخرج بلدية طرابلس من أزمة إلّا وتدخل في أخرى، بشكل يعكس الأرضية المهتزّة التي تقف عليها بلدية عاصمة لبنان الثانية، نتيجة الإنقسامات والخلافات الداخلية بين رئيسها رياض يمق وأعضاء في المجلس البلدي، وبفعل التدخلات السّياسيّة التي شلّت وتشلّ عمل بلدية مدينة منهكة ومحرومة وبائسة.

آخر هذه الأزمات التي رزحت تحتها بلدية عاصمة الشّمال، أو “إم الفقير” كما توصف، وأدخلتها في مرحلة جديدة من الجدل والتجاذب بين يمق ومعارضيه، تمثلت في تقدّم ثمانية أعضاء بطلب لعقد جلسة للمجلس البلدي من أجل انتخاب رئيس ونائب رئيس جديدين للبلدية، بعد انتهاء ولاية المجلس البلدية الحالي نهاية شهر أيّار/ مايو الماضي وتمديد ولاية المجالس البلدية في لبنان عاماً إضافياً، وفق قانون أقرّه مجلس النواب، معتبرين أنّ التمديد للبلديات لا ينسحب على الرئيس ونائبه.

الطلب الذي تقدّم به الأعضاء الثمانية إلى محافظ الشّمال رمزي نهرا وعبره وزارة الداخلية والبلديات، لقي إستجابة من وزير الوصاية بسّام مولوي الذي أحال في 8 حزيران / يونيو الجاري وثيقة رسمية إلى نهرا، بعد مطالعة المديرية العامة للمجالس والإدارات المحلية، أعلن فيها “الموافقة على انتخاب رئيس ونائب رئيس لبلدية طرابلس سنداً للمادة 21 من القانون 665 / 97”.

لكن نهرا وبدل أن يدعو لعقد جلسة لهذه الغاية، قام يوم الإثنين الفائت في 13 حزيران / يونيو الجاري بتوجيه كتاب إحالة إلى يمق أوضح له فيه أنّه “نودعكم المعاملة المرفقة مع إحالة معالي وزير الداخلية والبلديات رقم 7835 تاريخ 8 / 6 / 2022، للإطلاع وإبلاغ الكتاب أعضاء المجلس البلدي، وإجراء المقتضى القانوني، في ضوء أحكام الفقرة 5 من المادة 21 من القانون 665 / 97، بدءاً بدعوة أعضاء المجلس البلدي إلى جلسة تُخصص لبحث موضوع العريضة المقدمة من أكثر من ربع أعضاء المجلس البلدي، واتخاذ القرار المناسب بالأكثرية المطلقة، وعرضه علينا للنظر بالمقتضى”.

غير أنّ يمق وضع كتاب الإحالة في أدراج مكتبه ولم يقم بدعوة أعضاء المجلس البلدي إلى الجلسة المرتقبة، برغم تسلّمه كتاب الإحالة، وسط توقعات بأن لا يُقدم على هكذا خطوة وفق قول عضو المجلس البلدي، وأحد الأعضاء الثمانية، نور الأيوبي لـ”أحوال” أنّه “من الطبيعي أن لا يدعو يمق إلى عقد جلسة لطرح الثقة به من قبل أعضاء معارضين له داخل المجلس البلدي”.

وردّاً على سؤال أوضح الأيوبي أنّ “الدعوة لعقد المجلس البلدي بناء لطلب أعضاء المجلس البلدي ليست بيد نهرا إلا إذا كانت مقدّمة من نصف أعضاء المجلس زائداً واحداً، مثلما حصل في جلسة منتصف الولاية عام 2019، أمّا الجلسة المقدمة من ربع أعضاء المجلس البلدي فإنّ حسمها هو بيد رئيس البلدية، الذي بالتأكيد لن يمنح الأعضاء المعارضين له فرصة للإطاحة به، وانتخاب رئيس سواه”.

وأشار الأيوبي إلى أنّه “في ضوء هذا السّجال والجدل الدائرين، فإنّ وزارة الداخلية والبلديات هي الجهة الوحيدة القادرة على حسم هذا الجدل، ووضع حدّ له”.

لا يعكس هذا الجدل الخلاف الدائر بين يمق وأعضاء معارضين له، إنّما يُفسّر أيضاً خلاف عميق بينه وبين مولوي، ومن خلفه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي يُحسب مولوي عليه، بعدما أحال مولوي يمق للنّيابة العامة المالية وديوان المحاسبة للتحقيق معه في قضايا هدر مالي وعدم حفاظه على أملاك عامّة عائدة للبلدية، بناء على شكاوى قدّمها ضدّه مدّعمة بالوثائق، في الآونة الأخيرة، أعضاء في المجلس البلدي.

يمق ردّ على مولوي بأنّه “تحت القانون وليس فوقه، وأنّ طرابلس فوق الجميع”، لكنّه طالب في الوقت نفسه أن “تكون محاكمته علنية وفي قصر العدل بطرابلس، حتى يتسنى للرأي العام الطرابلسي واللبناني الإطلاع على كلّ شيء”، معتبراً أنّ “كرامته فوق كلّ شيء”، ومتسائلاً: “لماذا بلدية طرابلس وحدها مستهدفة، أم أنّه ليس هناك فساد وهدر مالي في بقية البلديات؟”.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى