سياسة

سنّة المدن خارج رئاسة اللجان النيابية.. سابقة لافتة!

لم تنتهِ تداعيات إنتخابات أعضاء ورؤساء ومقرّري اللجان النّيابية الـ16 تداعيات بعد، نظراً لما أسفرت عنه من نتائج ستترك، بلا شك، آثارها على الحياة البرلمانية والسّياسية في لبنان طوال السنين الأربع المقبلة.

هذه النتائج التي جرت يوم الجمعة في 10 حزيران / يونيو الجاري، لم تفضِ فقط إلى تقاسم أحزاب وقوى السّلطة، على اختلافها، “كعكة” اللجان النيابية وأبقت القديم على قدمه، إنّما في خروج نوّاب التغيير من مولد اللجان بلا حمّص، من غير أن يفوزوا برئاسة أيّ لجنة، أو حتى مقرّريها، أو أن يكونوا أعضاء في لجان معينة برغم ترشّحهم لها، لكنّهم تلقوا خسارة مدوية جعلتهم يخرجوا بوفاضٍ خالٍ.

التداعيات لم تقتصر على ذلك، إذ في سابقة لم يعرفها المجلس النّيابي في تاريخه من قبل بما يتعلق باللجان النّيابية من حيث التوزيع الطائفي والمناطقي، لم يفز أيّ نائب سنّي من بين نوّاب المدن الرئيسية، بيروت وطرابلس وصيدا، الذين يبلغون 13 نائباً سنّياً من أصل 27 نائباً سنّياً في مجلس النوّاب، أيّ أكثر من النصف، برئاسة أيّ لجنة نيابيّة.

غياب نوّاب المدن المذكورة عن ترؤس أيّ لجنة نيابيّة يعود بلا شكّ إلى غياب الزعامات والقيادات السنّية عن مجلس النواب الحالي، سواء بعزوفها عن الترشّح مثلما فعل الرئيس سعد الحريري وتيّار المستقبل قبل أن يتبعه الرئيس نجيب ميقاتي، وخسارة النائب فيصل كرامي، وعدم قراءتها جيداً للواقع السياسي والإستحقاق الإنتخابي، بموازاة غياب أيّ دعم لترشّح أحد نوّاب سنّة المدن لترؤس إحدى اللجان النيابية، مثلما حصل مع نائب صيدا عبد الرحمن البزري الذي ترشح لرئاسة لجنة الصحّة وخسر.

هذا التشتّت والضعف السنّي نيابياً في المدن، وانقسام النوّاب السنّة الجدّد فيها على أنفسهم، جاء لمصلحة نوّاب مناطق ودوائر سنّية أخرى، حيث يُشكّلون فيها زعامات وازنة ترتكز إلى حضورهم المتجذّر تاريخياً فيها، مثلما هو الحال بالنسبة للنائب جهاد الصمد من الضنّية الذي فاز برئاسة لجنة الدفاع والداخلية والشّؤون البلدية، والنائب حسن مراد من البقاع الغربي الذي فاز برئاسة لجنة التربية النيابية، والنائب بلال عبد الله من إقليم الخروب ـ الشوف الذي فاز برئاسة لجنة الصحّة والعمل والشّؤون الإجتماعية، وإنْ كان الأخير إستند أساساً إلى دعم الزعيم الدرزي وليد جنبلاط له.

عدم ترؤس سنّة المدن أيّ لجنة نيابيّة إنسحب على عدم فوزهم أو تزكيتهم كمقرّري لجان، باستثناء النّائب عدنان طرابلسي من بيروت الذي فاز كمقرّر للجنة المرأة والطفل، بينما فاز النّائب قاسم هاشم من منطقة العرقوب ومزارع شبعا في دائرة حاصبيا ومرجعيون بمنصب مقرّر لجنة البيئة، إلى جانب النّائب محمد سليمان من عكّار الذي فاز بمنصب مقرّر لجنة الإعلام والإتصالات.

لكنّ سليمان، العضو السّابق في كتلة المستقبل النيابية، أعلن إعتذاره عن قبول الموقع لأنّ إنتخابه تمّ “على رغم عدم ترشّحي لهذا المنصب”، حسب بيان صدر عنه، معتبراً أن ما حصل في انتخابات اللجان “خللٌ سياسي”، ومسجّلاً أسفه “لفقدان الصدقية لدى البعض وعدم الإلتزام بالوعود والتفاهمات التي حصلت”.

هذا الإمتعاض إنسحب أيضاً على النّائب وليد البعريني (عكّار)، وهو عضو سابق كذلك في كتلة المستقبل النيابية، إذ اعتبرت ما حصل في انتخابات اللجان “مسرحية”، وأنّ “النتائج أتت لتقصي التمثيل السنّي الوازن شمالاً عن رئاسة اللجان”.

أزمة سنّة المدن التي هي جزء من أزمة السنّة السّياسية في لبنان خلال السّنوات الأخيرة، طرحت تساؤلات عدّة حول ما إذا كانت ستمتد إلى تشيكلة الحكومة الجديدة، والتوظفيات والمشاريع في السّنوات المقبلة، وأيّ تداعيات ستكون لها في رسم مشهد السنّة ولبنان؟

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى