سياسة

المنابر الدينية بخدمة السياسة: غداً “الدور” السنّي

كثيرة هي المحاولات التي يقوم بها الطامحون على الساحة السنية، ورعاتهم في الداخل والخارج، لتجييش الشارع السني ودعوته الى المشاركة في الإستحقاق الإنتخابي نهار الاحد، دون أن ينجحوا حتى اليوم بإشعال شعلة الحماس في هذا الشارع، الذي أثبت مع الوقت أنه بجزء كبير منه يقف الى جانب رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.

محاولات باءت بالفشل

وعود انتخابية، وحوافز مالية، ومحاولات تخويف، وضغوط هائلة على سعد الحريري وصلت حدّ تخوينه واتهامه ببيع دم والده الشهيد رفيق الحريري واتهامه بتسليم البلد الى حزب الله، كلها لم تنجح بتحقيق الهدف، فجاءت المشاركة السنية في انتخابات المغتربين ضعيفة وهزيلة، حتى داخل المملكة العربية السعودية نفسها، التي شهدت تصويتاً مسيحياً أكثر من التصويت السني، وفي الاماكن التي انتخب فيها السنّة، ذهبت غالبية الأصوات الى لوائح التغيير، لا لوائح القوات اللبنانية وفؤاد السنيورة، في رسالة واضحة الى موقف هذا الفريق.

حاول السفير السعودي وليد البخاري تعديل الكفّة، فلم ينجح، وكان التعويل كبير، ولا يزال على إصدار سعد الحريري بياناً يدعو فيه الجمهور السني الى الإقتراع، الأمر الذي ترفض مصادر قريبة من تيار “المستقبل” الحديث عنه على اعتبار أنه قرار الحريري وحده، فهو المعنيّ بكل ما يجري. وتُشير المصادر إلى أن تيار “المستقبل” لم يطلب من السنّة المشاركة ولم يطلب المقاطعة، إنما طلب من قيادييه والمنتسبين إليه، الاستقالة من التيار بحال أرادوا الترشح.

لا تُخفي المصادر غبطتها من موقف الشارع السني، حتى الحريري نفسه يشعر بالرضا من هذا الموقف الذي كان متقدماً على مواقف كثير من الشخصيات التي كانت تُعلن جهاراً دعمها للحريري وقراره، وتبين بعد خروجه رغبتها بالحصول على “الزعامة”، لكن يبدو أن دار الفتوى ليست سعيدة على الإطلاق بموقف “المؤمنين السنّة”.

المنبر الديني بخدمة السياسة

منذ يومين أصدرت المديرية العامة للأوقاف الإسلامية، بتوجيه من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، تعميماً على أئمة وخطباء المساجد في لبنان لدعوة اللبنانيين في خطبة الجمعة المقبلة إلى “المشاركة الواسعة وبكثافة في ممارسة واجبهم الوطني بانتخاب ممثليهم في المجلس النيابي، وحث المواطنين على النزول الى صناديق الاقتراع للانتخاب وعدم التهاون في ممارسة هذا الاستحقاق الذي هو فرصة للتغيير بالتصويت لمن يرونه يحافظ على لبنان ومستقبل أبنائه وعروبته ومؤسساته الشرعية”، وبحسب المعلومات الخاصة فإن أئمة المساجد وعددهم يتخطى الـ 1800، سيخصصون خطبة الجمعة يوم غد، للدعوة الى الإنتخاب، دون تحديد جهة معينة او فئة محددة لانتخابها، وذلك بتوجيهات مباشرة من دار الفتوى التي تُعلن بأنها تدعم “ممارسة حق الإقتراع”، حصراً، وتُبقي للناخب حرية الإختيار.

بحال رفض سعد الحريري دعوة اللبنانيين بشكل عام و”السنّة” بشكل خاص، للمشاركة في الإنتخابات، سيكون استعمال المنبر الديني في الإستحقاق السياسي هو “الخرطوشة الأخيرة” التي يُطلقها المفتي والقوى السياسية الداخلية والخارجية التي تطمح لتجييش الشارع السني، وبحسب مصادر سياسية متابعة فإن هذه الخرطوشة لن تحقق الهدف المنشود، ومن قرر عدم المشاركة نهار الأحد لن يتغير قراره، حتى ولو طلب المفتي ذلك، وحتى ولو طلب الحريري نفسه ذلك.

لن يكون دار الفتوى هو الطرف الديني الوحيد الذي استثمر موقعه الديني في الإنتخابات، فللشيعة حصة، والمسيحيين حصة، فعندما يحاول المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان إصدار فتاوى تحليل وتحريم تخص الإنتخابات، يكون قد سبق “زملائه” في طوائف أخرى، خاصة عندما يكون المنبر الديني الرسمي الشيعي بخدمة الثنائي الشيعي، وكأن “الشيعة” محرّم عليهم دعم لوائح معارضة لهذا الثنائي.

ولم يبتعد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابو المنى عن الحدث في الاسبوع الماضي عند مبايعته تيمور جنبلاط ما تلاه من بيانات وقرارات في خدمة انتخاب لوائح محددة.

كذلك كان للبطريرك الراعي استثماراته السياسية أيضاً، إذ يدعم فئة مسيحية قليلة على حساب فئة كثيرة، فيدعم علناً “القوات” وكل من هم ضد التيار الوطني الحر وتيار المردة، بسبب الموقف من سلاح حزب الله، لذلك يمكن بكل راحة ضمير اعتبار “الدين” في لبنان بخدمة السياسة، ومن يملك منبراً لا يقصّر.

محمد علوش

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى