منوعات

“الجريدية” تهدد حياة الأطفال والمزارعين في الجنوب؟

في السنوات الأربع الأخيرة، شهدت المناطق الجنوبية، انتشاراً لافتاً لما يسمى حيوان “الجريدية”، وهو كما يبدو حيوان صغير، يشبه الذئب والثعلب في آن، لكنه مفترس، وأصبح يتواجد بين المنازل وفي الحقول القريبة والنائية، وخطورته تكمن في أنه يهاجم الأهالي ويقوم بعضّ من يستطيع التمكّن منه، وهذا ما حصل في أكثر من قرية وبلدة، ففي العام 2019 أصيب أكثر من عشرة أشخاض، في أوقات مختلفة، بعضّات هذا النوع من الحيوانات الغريبة عن المنطقة، من بينهم ثلاثة أشخاص في بلدة جزين، كما أصيب أكثر من طفل بجروح بليغة قرب منازلهم.

وقبل أيام تعرض ثلاثة أشخاص للهجوم والعضّ في بلدة مرجعيون من نفس فصيلة هذا الحيوان، ما استدعى بلدية مرجعيون تصدر بياناً تحذر فيه من انتشار هذه الحيوانات التي باتت تتجول بين الأحياء، وتمنت على الأهالي أخذ الحيطة والحذر.. ويشير المواطن أحمد عطوي (مرجعيون)، الى أنه “يعمل في الزراعة منذ أكثر من ثلاثين سنة، ولم يذكر أن هذا النوع من الحيوانات كان له وجود في المنطقة، فهو يجمع بين جرأة الثعلب، وشراسة الذئب، ويشبههما معاً، لكنه أكبر من الأول وأصغر من الثاني، واللاّفت أنه هجومي، بخلاف الذئب الذي عندما يشاهد الناس يبتعد بسرعة”. ويعتقد عطوي، كغيره من أبناء المنطقة، أن “هذا الحيوان يختلف أيضاً عن ابن آوى، وهو قد يكون وجوده نتيجة تزاوج بين الثعلب والذئب، ومن ثم زاد انتشاره بكثرة، لأن أعداده تزداد بشكل لافت، وبتنا نخاف على أطفالنا من اللعب في الحقول والبراري، وهذا أمر ما كان يحصل سابقا”.
ويطالب محمد سلمان (النبطية) أن “يتم وضع خطة للتخلص من هذا الحيوان، أو على الأقل ابعاده عن المنطقة، لأنه بات يهدد المزارعين، فقد تعرّض عدد من المزارعين في أكثر من بلدة لاصابات مختلفة بسبب هذا الحيوان، الذي يفاجيء من يراه وينقضّ عليه”, ويبين أن “المشكلة الأكبر تكمن في عدم توفر الدواء المناسب في المستشفيات والصيدليات، ويضطرّ الأهالي لقصد قوات اليونيفل لمساعدتهم على تأمين الدواء، اضافة الى الكلفة المالية العالية التي باتت تدفع على علاج المصابين بسبب الغلاء وسوء الأوضاع الاقتصادية”.
يقول أحد العاملين في الصليب الأحمر اللبناني في منطقة بنت جبيل، أن “حالات الاصابة بعضّات الكلاب والحيوانات البريّة ارتفعت في السنوات الأخيرة عن معدلها الطبيعي، لكن المشكلة تكمن في مواجهة هذه الاصابات بعد اختفاء الأدوية واللقاحات المناسبة، ما قد يهدد حياة المصابين”، ويذكر أنه “عندما أصيب الطفل خ –ب بجروح نتيجة عضّة حيوان مفترس في منطقة النبطية، وبسبب فقدان الدواء المعالج من الصيدليات والمستشفيات، لجأ أهل المصاب الى الكتيبة الهندية العاملة في جنوب لبنان، لكن تبين أن الدواء أستنفذ أيضاً بسبب استخدام الكميات الموجودة منه لمعالجات اصابات مشابهة في المنطقة، الى أن تم العثور على الدواء لدى مقر قيادة اليونيفل في الناقورة”. ويرى أن “الموت بسبب لدغة عقرب أو عضّة حيوان بات أمراً شائعاً ومخيفاً في آن، بعد اصابات متعددة أثبتت عدم قدرة الدولة ومؤسساتها من جهة، والمؤسسات الصحية التي تديرها الأحزاب والجمعيات الانسانية من جهة أخرى، على تأمين الأدوية واللقاحات المناسبة” .
ويلفت المواطن حسن هاشم الى أن “ترك الكلاب الشاردة ساهم في انتشارها بين المنازل، وكذلك حال الحيوانات الأخرى مثل حيوان الجريدية، الذي هاجم عشرات مواطنين في المنطقة، ومنهم من أصيب بجروح بليغة”، لكن أحد العاملين في الصليب الأحمر اللبناني يلفت الى أن “قوات اليونيفل تطلب تقارير طبية تؤكد أن الحالات التي تستدعي العلاج هي حالات طارئة وخطيرة، لأن الأدوية الموجودة هي مخصصة لقوات اليونيفل والعاملين معها، ولا يمكن في الوقت الحالي تأمينها لكل من يحتاج اليها”.
اذا ليس باستطاعة قوات اليونيفل تأمين العلاجات لكل المصابين، فالأمر يحتاج الى دراسة كل حالة بحسب الأولويات التي تتناسب مع عدد اللقاحات المتوفرة، لذلك بدأ العديد من الأهالي يطالبون باعادة افتتاح المستشفيات الميدانية التي كانت قوات اليونيفل قد افتتحتها بعد حرب تموز. يذكر أن الحكومة البلجيكية كانت قد افتتحت مستشفى ميداني في بلدة تبنين (بنت جبيل) عام 2006، استطاعت معالجة آلاف الحالات الطارئة وبشكل مجاني، وبعد اقفالها عام 2008 عملت الحكومة البلجيكية الى تقديم 3 ملايين يورو لتأهيل مستشفى تبنين الحكومية.

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى