رهان القوات الخاسر في بعلبك الهرمل.. المرشحون يفرّون
مقعد النائب أنطوان حبشي مهدّد والحاصل يحتاج معجزة
كسر عضم على الحاصل الانتخابي، هو باختصار حال المشهد في دائرة بعلبك الهرمل. وحال القوات اللبنانية في هذه المنطقة يوضح هشاشة عظامها في فهم طبيعة أبناء المنطقة. المرشحون يفرّون من اللائحة وباقي المرشحين غير قادرين على دق أبواب معظم البيوت البعلبكية رغم المال الانتخابي المهول الذي يُوزّع.
في 25 آذار الماضي، خاطب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، خلال إعلانه ترشيح أنطوان حبشي، أهالي دير الأحمر إلى الهرمل واليمونة ودورس وشليفا، متعهدًا أنه “لن يسمح أبدًا بأن تبوخ مسيرته الحمراء وتتحوّل إلى برتقالي وأصفر”.
باكرًا منذ ٤ أشهر، شكّلت القوات اللبنانية لائحتها برئاسة الشيخ عباس الجوهري، وأهملت المجموعات التغييرية التي تحمل مثلها خيار “منازلة” حزب الله، متجاوزة واقع المنطقة الاجتماعي والسياسي الذي لا يمكن تبديل مناخه بالخفّة التي ظنّ بها قيادات القوات والقائمون عليها.
فائض القوة الشعبيّة التي تُعوّل عليها القوات بين المسيحيين ليست دقيقة قياسًا على الانتخابات الماضية. ومن المُفيد التذكير أنه في انتخابات ٢٠١٨ في بعلبك الهرمل، التي تضم حوالي ١٩٠ ألف ناخب، لم يقترع سوى 13 ألف مسيحي وهي نسبة لا تتعدى ٨% من المقترعين.
الصراخ السيادي منع القوات اللبنانية من أن ترى بوضوح روحية المنطقة وأهواء عشائرها وعائلاتها وقرّرت أن تتجاوز كل الوقائع والحيثيات الناس وتشكل لائحة معتقدةً أنّ سماسرة شراء الاصوات يمكن أن يواجهوا حزب الله.
صفعات من داخل اللائحة، تمكنت من إيقاظ القوات على واقع انتخابي جديد: لا حاصل ولا تصويت شعبي. فقد استفاق أعضاء اللائحة عن المقاعد الشيعية رامز أمهز وهيمن مشيك على خطورة هوية اللائحة على هوية المنطقة واختارا الانسحاب من السير عكس التيّار البعلبكي ودعم لائحة “الأمل والوفاء” التي تضم تحالف الثنائي أمل وحزب الله والتيّار الوطني الحرّ والسّوري القومي الاجتماعي والبعث إضافةً إلى النائب جميل السيّد.
هذه الكفوف إضافة الى مصيبتي تعليق تيّار المستقبل عمله السياسي وعزوف الحليف يحيى شمص عن خوض الإنتخابات واحتمالات انسحاب مرشّحين آخرين ومن بينهم بحسب المعلومات المرشّح رفعت المصري، تُطيح بفرص فوز مرشح القوات النائب أنطوان حبشي وتجعل الحاصل بعيد المنال.
في انتخابات 2018، نجحت لائحة “الكرامة والانماء”، التي ضمّت حبشي، بالفوز بمقعدين نيابيين، بعد أن نالت 35607 صوتاً، بينما بلغ الحاصل الإنتخابي الأول 18707 صوتًا، مع العلم أنها كانت تضم في صفوفها مرشحًا شيعيًا قويًا هو النائب السابق يحيى شمص، الذي نال 6658 صوتاً تفضيليًا، بالإضافة إلى تيار “المستقبل”، حيث نال المرشحين السنيين أكثر من 10000 صوتًا (بكر الحجيري 5994، حسين صلح 4974)، بينما نال حبشي 14858.
النائب القواتي يُعاني في هذه الدورة الانتخابية من صعوبة التواصل مع أبناء دائرته الانتخابية. هو الذي نال محبة وتعاطف أبناء المنطقة واستطاع نسج علاقات مع الشيعي قبل الماروني، خسر جزءً كبيرًا منها خلال السنوات الماضية بسبب خيارات حزبه السياسية المتطرفة والمُعادية للبيئة الغالبة في المنطقة.
ابن دير الأحمر، وبحسب أصدقاء مقرّبين لم يتواصل مع المفاتيح الانتخابية وفعاليات المنطقة في بعلبك. لذا ارتفع منسوب الزعل والخصومة والعتب على حبشي الذي بقي أسير قريته السياسية بدلًا من أن يكون ممثلًا لأبناء الدائرة من تمنين إلى آخر جرود الهرمل. وبدل التماس اليومي مع أبناء هذا القرى وضع خط تماس بين دير الأحمر وباقي البلدات والقرى.
هذه البقعة الجغرافية الضيّقة، أضاقت الخيارات الانتخابية على حبشي، وهو لا يملك حرّية قراره وقد كبّله الخطاب السياسي الإلغائي لحزبه، لذا لم يجده أبناء بعلبك الهرمل أمامهم في محطات بحثهم عن إنماء منطقتهم ولا في قضايا تخص المنطقة ومنها: إنشاء صندوق بعلبك الهرمل وأيضًا موضوع الضم والفرز ونقل مركز المحافظة إلى جرود بعلبك وقصر العدل وموضوع مياه رأس العين.
بناءً على كل هذه الظروف فإن مقعد حبشي المهدّد عمّم خطابًا انتخابيًا قائمًا على مهاجمة سلاح حزب الله ومحور المقاومة واتهامه بممارسة الإرهاب والترهيب على أهالي البلدات البقاعية، وتصدّرت كلمتا “حزب الله” و”سلاح المقاومة” موسوعة المفردات في خطابات ماكينات القوات الانتخابية، الأمر الذي لا يمكن هضمه بقاعًا…