ميديا وفنون

فيلم Deep Water: عندما تكون الخيانة دافعاً للقيام بأفعال خبيثة

لطالما كانت الخيانة الدافع الأكبر لقتل العلاقات الزوجية، يدعمها مقابلة الحب الآخر ومعاشرة ميول الآخرين من أجل الإستمتاع بلذةٍ ما غائبة في الحياة التي لم يكتب لها أن تكون مثالية بالدرجة المنشودة.

تتجسد هذه المشكلة في صورةٍ سينمائية خالصة في فيلم “Deep Water” الذي يقدمه المخرج الإنجليزي “آدريان لاين” العائد من جديد للسينما بعد غياب طويل دام لأكثر من 20 عاماً، والمعروف آيضاً بأعماله الصارخة في محتواها القصصي التي تسلط الضوء على الجوانب المظلمة في العلاقات الزوجية والإجتماعية وتأثيرها علي جميع الأطراف خصوصاً علي الجانب السلبي.

عودة جيدة إلي حدٍ كبير من ناحية القصة والمحتوى، ربما كان ينقصها بعض التفاصيل من أجل أن تكتمل الصورة المراد تقديمها، والتي من شأنها أن تقرب المشاهد أكثر فأكثر مما يحدث من لحظاتٍ مثيرة للغرابة، وواقعية بدرجاتٍ كبيرة تقارب التصور الذي من الممكن تخيله عن فكرة الخيانة وما يشابهها، ولكن بالنظر لما قدمه “آدريان لاين” من قبل، فإن فيلم “Deep Water” هو تكملة للرحلات السينمائية التي سطرها “لاين” عبر مسيرته الطويلة.

 

الفيلم مقتبس عن رواية باتريشيا هايسميث لعام 1957

تدور قصة الفيلم عن زوجان يلعبان معًا ألعابًا ذهنية خطيرة، حيث يتم تصنيفه ضمن الإثارة، تحاكي قصة الثنائي غير السعيد، يلعب بن أفليك دور فيك فان ألين، زوج غير راضٍ عن زواجه، بينما تلعب آنا دي أرماس دور ميليندا فان ألين، زوجته الغير راضية بنفس القدر، لذا يقرران تجربة ألعاب خطيرة، في محاولة لإعادة إشعال الشرارة بينهما من جديد، على الرغم من أنها ستأتي مع ثمن باهضاً.

القصة مستندة على رواية باتريشيا هايسميث عام 1957 والتي تحمل الاسم نفسه، الأمرالذي بشّر بالخير نظرًا لجودة الرواية وسمعة الكاتبة التي ألهمت مؤلفاتها العديد من الأفلام الناجحة على مر الأعوام مثل فيلم Strangers on a Train ، .The Talented Mr. Ripley

تجدر الإشارة، إلى أن الرواية قد أقتبس منها عمل فني سابقًا في فيلم فرنسي عام 1981 بعنوان Eaux Profondes، والذي قامت ببطولته كلًا من إيزابيل هوبرت وجان لوي ترينتينيان.

 

بن أفليك وآنا دي أرماس في علاقة حب رومانسية مؤقتة

يجد العاشقان السابقان في الحياة الواقعية بن أفليك وآنا دي أرماس نفسيهما في علاقة سامة في تأليف أدريان لين لرواية باتريشيا هايسميث التي تحمل الاسم نفسه.

بدى وكأن اقتباس Adrian Lyne عن رواية باتريشيا هايسميث للجريمة، تحوّل الى مزيج ناجح منذ البداية، حيث اشتهر لين بأفلامه المثيرة التي يجلب لها درجة من الجدية والبصيرة النفسية التي لا توجد عادة في هذا النوع. هايسميث ، ملكة رواية الإثارة النفسية ، تجعل كتاباتها تصطدم بفهمها العميق للعقل الاجتماعي وموهبتها في غزل الغزل الملتوي.

تعد آنا دي أرماس حاليًا واحدة من أكثر نجوم السينما روعة، ومن المقرر أن تظهر في وقت لاحق من هذا العام في دور مارلين مونرو في فيلم “biopic Blonde”  الذي أخرجه أندرو دومينيك. تقدم عمر بن أفليك البالغ من العمر تسعة وأربعين عامًا مثل النبيذ الفاخر، مع عروض نجمية متتالية في The Way Back، The Last Duel  وTender Bar ، ولا يزال يبدو رائعًا بشكل مثير للإعجاب منذ أن اكتسب كتلة عضلية لأفلام باتمان.

 

لماذا قررت ديزني سحب “Deep Water” من جدول إصدارها المسرحي وإسقاطه على منصة عبر الإنترنت؟

كان من المقرر في الأصل إصدار الفيلم في دور العرض في 14 يناير/ كانون الثاني ، لكن قررت الشركة المنتجة  سحبه من دور العرض وطرحه عبر منصات البث بدلاً من الإصدار السينمائي، وذلك بسبب الخوف من عدم تحقيق الإيرادات المرجوة، لا سيما في ظل المنافسة الصعبة في سوق الأفلام وهيمنة الكبار على صناعة الفن والترفيه، واستشهدوا في ذلك بالإيرادات المخيبة للآمال للفيلم الموسيقي “West Side Story”  الذي أخرجه ستيفن سبيلبرغ.

وكانت صحيفة دايلي ميل، قد كشفت فى وقت سابق عن طرح فيلم “Deep Water” عبر منصات البث بعد أن سحبت ديزني الفيلم من جدول إصدارها السينمائي، بحيث يكون الفيلم، الذي لم يتم تحديد تاريخ إصداره الرقمي بعد، متاحًا على Hulu للجماهير المحلية، وعلى أمازون في الخارج.

 

عودة جيدة للمخرج أدريان لين، بعد غياب دام 20 عامًا

عاد أدريان لين بعد 20 عامًا عبر بوابة “Deep Water” رغم غيابه الذي استمر لعقود من الزمن عن الشاشة الكبيرة. لين الذي كان في يوم من الأيام مخرجًا أساسيًا ومعروفًا في مجال الترفيه فترة الثمانينيات والتسعينيات، والذي ابتعد عن الأعمال الدرامية للبالغين متوسطة الميزانية لصالح الأفلام ذات الميزانيات الكبيرة.

هوليوود تغيرت ولم تبق على ما كانت عليه من قبل، وهو ما قد يفسر سبب استغراق لين وقتًا طويلاً للعودة مرة أخرى إلى الاخراج، ومن المحتمل أن يكون هذا الفيلم هو أخر إنتاج ضخم للمخرج البالغ من العمر 80 عامًا، وإذا كان هذا هو فيلمه الأخير حقًا، فقد أنهى مسيرته بفيلم لا ينسى.

مثل العديد من الأفلام التي تم تصويرها خلال العام الماضي، عانى أدريان من مشكلة التأجيل قبل أن يبدأ التصوير، وبشكل أكثر تحديدًا، كانت بدايات التصوير الاولى في نوفمبر 2019 بمدينة نيو أورلينز، سار الأمر بسلاسة إلى أن قضت الحاجة بإعادة العمل على بعض المشاهد.

وجاءت تلك الحاجة خلال فترة الوباء، مما تطلب إتخاذ تدابير مكثفة من أجل تأمين وعزل الممثلين للمشاهد، هكذا، مرت سنة قبل أن يصبح الفيلم جاهزًا، حيث شوهد الممثلين الرئيسيين لأخر مرة وهم يصورون مشاهد جديدة أو معادة في نوفمبر2020.

 

لن يعد فيلم “Deep Water” التجربة التي يمكن العودة إليها ومشاهدتها مرةً ثانية أو يمكن تصنيفها في طليعة أفضل أعمال 2022 حتى الآن، ولكن مما قدمه قد يعتبر نظرة سينمائية لا بأس بها على مشكلة خطيرة من شانها أن تهدد سلامة الحياة الإجتماعية بين الناس، وتبدد في الوقت ذاته مشاركاتهم الوجدانية والعاطفية مع بعضهم البعض .

 

 

يحيى الطقش

طالب لبناني يدرس الصحافة في كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى