منوعات

هذه هي فاتورة اي تأجيل للانتخابات النيابية

ربما لو تسنى سبر اغوار القوى السياسية والتسلل الى كهوف نياتها المضمرة لتبين ان أغلبها يفضل تأجيل الانتخابات النيابية تفاديا لاختباراتها الغامضة ومفاجآتها المحتملة، خلافا للمواقف المعلنة التي ترشح “زيتا” واصرارا على حصول العملية الانتخابية.
ولكن ايا من الراغبين ضمنا في تأجيل الاستحقاق النيابي لا يريد في الوقت نفسه ان يترك بصماته في “مسرح الجريمة” ولا ان يتحمل مسؤولية الدفع علنا في اتجاه اتخاذ قرار من هذا النوع، خشية من تبعاته الداخلية والخارجية، إذ ان اي تمديد لن يمر هذه المرة بسهولة كالمرات السابقة، اولا لان المزاج الشعبي العام لن يتقبله، وثانيا لان المجتمع الدولي لن يتغاضى عنه وقد يتخذ إجراءات ضد المعنيين، خصوصا انه يراهن على صناديق الاقتراع لإحداث توازن مع صناديق سلاح حزب الله.
في المقابل، هناك من يعتبر ان انشغال العالم بالحرب الاوكرانية الروسية ربما يؤدي إلى صرف الانظار عن الشأن اللبناني وتراجع مرتبته في جدول الاهتمامات الدولية، الأمر الذي قد يسمح للبعض في الداخل بالالتفاف على الاستحقاق الانتخابي المرتقب بأقل الخسائر الممكنة.
ومع ذلك، تستبعد اوساط سياسية مطلعة ان تخوض السلطة مثل هذه المغامرة غير المضمونة وان تجازف بارجاء الانتخابات، لان مثل هذا الخيار سيكون أقرب إلى اللعب على حافة الهاوية، لاسيما ان تلك السلطة بحاجة ماسة الى دعم المجتمع الدولي ومساعداته عبر صندوق النقد والبنك الدولي، وبالتالي فإن إجراء الانتخابات هو على الارجح شرط الزامي لمد عروق الدولة ببعض أكياس المصل.
وتحذر الاوساط من ان التلطي خلف اي ذريعة لمحاولة تأجيل الانتخابات النيابية انما سيدفع الساحة الداخلية نحو السيناريو الاخطر الآتي: لا انتخابات، وفي الوقت نفسه لا تمديد للمجلس الحالي، لان هناك كتلا نيابية ستستقيل منعا للتمديد، إضافة إلى ان معظم القوى ستتهيب القبول به، ومؤدى ذلك أن ولاية المجلس ستنتهي في 21 أيار المقبل من دون انتخاب البديل وبالتالي ستغدو الحكومة منذ ذلك التاريخ حكومة تصريف أعمال، فيصبح البلد بلا سلطة تشريعية وسلطة تنفيذية أصيلة، الأمر الذي سيؤدي الى تعذر انتخاب رئيس الجمهورية في 31 تشرين الأول مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، فيقع عندها الفراغ الكبير والمأزق المقفل.
وتضيف الاوساط: من يمكنه ان يتحمل مسؤولية الانزلاق الى مثل هذا الوضع المسدود، الا اذا كان إنتاج نظام سياسي جديد او معدّل فوق أنقاض الطائف لا يمكن أن يتم الا “على الحامي” كما تدل التجارب؟.

 

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى