سياسة

الرئيس عون يُريد ضرب اتفاق الطائف أم تحسين مستقبل تياره السياسي؟

عندما قرر نوّاب مسيحيون السفر الى مدينة الطائف السعودية لبحث الاتفاق الذي من شأنه إيقاف الحرب الأهلية اللبنانية، اجتمع رئيس الحكومة العسكرية، ساكن قصر بعبدا يومها، ميشال عون مع النواب لتحميلهم وصايا بخصوص أي اتفاق محتمل، أبرزها على الإطلاق رفض الوجود السوري في لبنان. يومها سافر النواب ووجدوا أنفسهم أمام اتفاق مكتمل الشروط بموافقة أميركية سعودية سورية، ففضلوا الموافقة عليه على أن يبقوا خارجه مما أبقى ميشال عون معارضاً وحيداً لاتفاق الطائف، وما زال.

لم يتأقلم عون مع اتفاق الطائف ولو أعلن علانية تأييده للإتفاق بعد عودته من المنفى الفرنسي، فهو كان ولا يزال يعمل لتغييره، علماً أن الأجواء الحالية بالبلد تجعل من أي تغيير فائدة للقوي المتمثل بالفريق الشيعي، بعد الضربة الموجعة التي تلقاها المكون السياسي السني بغياب تيار المستقبل والتشرذم النيابي بعد الانتخابات، والمعارك الداخلية ضمن المكون المسيحي.

قد لا يقتنع ميشال عون بأن التغيير سيأتي على حساب المسيحيين، لذلك فهو يسعى اليوم لحفظ موقع تياره ضمن خارطة الاقوياء في البلد، وهو ما لن يتمكن من فعله بحال انتهى العهد بظل الواقع الحالي وسلّم الرئاسة وغادر الى منزله بهدوء، لذا هو يُطلق كل أسبوع تصريحاً جديداً غامضاً متعلقاً بيوم انتهاء ولايته، آخرها كان أنه لن يقف مكتوب الأيدي بحال شعر بوجود مؤامرة، دون أن يشرح ماهية المؤامرة وماذا تعني هذه المؤامرة ومن تستهدف ومن هم أركانها، ومن هم منفذيها.

بحسب مصادر نيابية متابعة قد يكون كل ما يقوله ميشال عون بخصوص انتهاء ولايته مجرد تهويل لتحسين شروط التفاوض سواء على صعيد تشكيل الحكومة أو على صعيد الملف الرئاسي، لكن ذلك لا يعني أن ميشال عون الذي وقف بوجه الجميع بالداخل والخارج عام 1988، واستمر بحكومته العسكرية بعد اعتذار الأعضاء المسلمين الثلاثة عن العمل فيها، محمد نبيل قريطم، لطفي جابر ومحمود أبو ضرغم، لن يقوم بتصرف مفاجىء كالبقاء في قصر بعبدا على سبيل المثال.

وتُشير المصادر عبر “أحوال” الى أنه يجب توقع الكثير من ميشال عون، حتى فكرة توقيع مرسوم تشكيل حكومة انتقالية تتمركز في قصر بعبدا هي فكرة مطروحة على طاولة البحث، وقد يلجأ إليها رئيس الجمهورية بحال وجد الفرصة مناسبة للوصول الى هدفه بتغيير الطائف، لأن خطوة كهذه لن تنتهي دون ازمة وفوضى ولقاء دولي يُعدل بنتيجته الدستور، ولو أن أغلب المتفائلين بتغيير النظام لا يرون التغيير الشامل سهلاً، إنما يتحدثون عن تعديلات دستورية جوهرية تجد حلولاً لما مرّ به لبنان منذ الخروج السوري عام 2005 حتى اليوم، حيث لم تعد تتشكل الحكومات بسهولة، وكان الفراغ هو المسيطر على نصف هذه المدة تقريباً، ما اعطى انطباعاً واضحاً بأن الحكم لا يمكن أن يستمر بنفس الوضع الذي كان قائماً قبل خروج السوري الذي كان يُدير الأمور.

محمد علوش

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى