قوى التغيير في طرابلس تفتتح السّباق الإنتخابي: أحلام كبيرة تصطدم بواقعٍ مُعقّد
بالرغم من أنّ أغلب القوى والتيّارات والأحزاب السّياسية في دائرة الشّمال الثانية التي تضمّ طرابلس والضنّية والمنية تتريّث في إعلان تحرّكها الإنتخابي، كان لافتاً للإنتباه إطلالة بعض القوى المدنية وهيئات المجتمع المدني المعارضة المنبثقة من حَراك 17 تشرين الأوّل / إكتوبر 2019 في لقاء أقامته، نهاية الأسبوع الماضي، على مسرح الرابطة الثقافية في مدينة طرابلس.
اللقاء الذي رفع شعار “إنتفض” شاركت فيه بعض مجموعات الحَراك في طرابلس والضنّية والمنية، من أبرزها: “الشمال ينتفض”، “إتحاد ثوّار الشمال”، “قبضة ثوّار تشرين”، “نقابيون أحرار”، “الحَراك المدني”، “الحَراك الشّعبي في المنية” و”ثوّار الضنية”، إضافة إلى شخصيات بارزة في هذه المجموعات مثل: رامي فنج، مهى مقدم، نعمة محفوض، هند الصوفي، هيثم سلطان، واثق المقدم، مصطفى العويك، أمين الحريري، سلاف الحج، أحمد حلواني ومحمد أسوم. لكن أغلبهم لا يملك تجارب إنتخابية وسياسيّة واسعة يمكن البناء عليها.
أحد المشاركين في اللقاء المسؤول الإعلامي لمجموعة “الشّمال ينتفض” المحامي والنّاشط السياسي مصطفى العويك شرح لـ”أحوال” أسباب إنعقاده، بإشارته إلى أنّه “منذ أشهر ونحن نعقد إجتماعات شبه يومية بهدف التحضير لهذا اللقاء وغيره، تمهيداً لخوضنا الإنتخابات في دائرة الشّمال الثانية في 15 أيّار / مايو المقبل للخروج بائتلاف موحّد ولائحة موحدة، برغم وجود عوائق كثيرة إستطعنا تجاوزها إلى حدّ ما”.
وإذ أكّد العويك أنّه “لم نبحث بعد في أسماء مرشّحينا للإنتخابات”، في إشارة ضمنية إلى عدم وجود توافق بعد حول الأسماء، وخشية أن يؤدّي طرح الموضوح إلى انهيار التحالف الهشّ الذي يجمع بينهم، لفت إلى أنّ بعض استطلاعات الرأي “تعطي القوى التغييرية وهيئات المجتمع المدني، شرط أن يتوحدوا، بين حاصلين إلى ثلاثة حواصل في هذه الدائرة التي تضمّ 11 نائباً”، ومشدّداً على أنّه “لن نتحالف مع أيّ من أركان الطبقة السّياسية الحالية، لأنّنا نعمل على نقيضها تماماً، فهم أسهموا بتهميش المدينة والتنازل عن حقّها في التنمية، وعقدوا صفقات وتسويات على حسابها”.
وحول أسباب إطلاقهم نشاطهم الإنتخابي باكراً، بينما لا تزال طرابلس تغطّ في سبات إنتخابي عميق، أوضح العويك أنّ “ذلك يعود إلى أنّ القوى السياسيّة الرئيسية لديها تجارب وخبرات سابقة في هذا المجال، وتتحكّم بالسلطة منذ عقود، وخاضت الإنتخابات النيابية أكثر من مرّة، وهي قادرة على تحريك وإطلاق ماكيناتها الإنتخابية في وقت قصير، عكسنا نحن الذين نخوضها لأوّل مرّة، وبالتالي نحتاج إلى وقت أطول للتحضير”.
ويوضح العويك ردّاً على سؤال حول مدى إرتباط هذه القوى بفريق 14 آذار / مارس، وأنّها واجهة له، بأنّه “نتقاطع مع فريق 14 آذار / مارسفي رفع شعار حصرية السّلاح بيد الدولة، إضافة إلى مطالبتنا بمحاربة الفساد والمنظومة الحاكمة”، مضيفاً أنّه “إذا كانت أغلب المجوعات التغييرية تدور سابقاً في فلك فريق 14 آذار / مارس، وولدت من رحمه، فإن ذلك لا يعني أنّنا بصدد إعادة إحياء هذه التجربة التي باءت بالفشل، بل نسعى إلى إعادة تكوين مشهدية سياسية جديدة بعد انفراط عقد 14 آذار / مارس، آخذين بعين الإعتبار عدم السقوط في الفشل نفسه”.
العويك الذي يعتبر أنّ “إنسحاب تيّار المستقبل وعدم خوضه الإنتخابات النيابيّة يخدم مصلحتنا السياسية”، لا يربط بين هذا الإنسحاب وتحرّك قوى الحَراك مؤخّراً، وإنْ كان لا يُخفي كما بقية القوى السّياسيّة الحلم بوراثة جمهور التيّار الأزرق، أوضح أنّه “لقد بدأنا العمل قبل انسحاب تيار المستقبل، ولقاءنا الأخير غير مرتبط بهذا الأمر، لكن نحن مستفيدين منه، ويجري العمل حالياً من قبلنا على محالة تجيير وجذب مؤيدين له إلى جانبنا”.
يبقى مصدر تمويل هذه المجموعات سؤالاً مطروحاً على الطاولة، كما أنّه يثير أسئلة وعلامات إستفهام وشكوك حول إستقلاليتها، كونها غير قادرة بإمكاناتها الذاتية البسيطة على ذلك. وفي هذا المجال يشير العويك إلى إن إجتماع الرابطة الثقافية هو “أول نشاط علني وموسّع لنا، وكان تمويله بسيطاً وأمكننا تحمّله في الوقت الحالي بدعم تقني تلقيناه من منصتي “كلنا إرادة” و”نحو الوطن”.
غير أنّ العويك يعترف أنّه “لا يمكننا الإستمرار وإكمال مشوارنا السّياسي والإنتخابي بهذه الطريقة”، ويوضح أنّه “سنعقد في الأيّام المقبلة إجتماعاً موسعاً من أجل دراسة إقتراح يقضي بدعوة المغتربين في دائرة الشّمال الثانية إلى دعمنا، وهناك إتصالات بدأنا نجريها معهم”.
عبد الكافي الصمد