نجما معركة المتن الشمالي: أدي معلوف وكسور اللوائح
يوم أمس أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن ترشيح كل من رازي الحاج (ماروني) وملحم رياشي (كاثوليك) عن دائرة جبل لبنان الشمالي – المتن، وهو بذلك قد رفع من سقف التحدي مبكراً مع كل القوى الموجودة في الدائرة وعلى رأسهم التيار الوطني الحر، فكيف أصبحت صورة المعركة الانتخابية في هذه الدائرة؟.
والشيء بالشيء يُذكر فإنه في هذه الأيام الانتخابية تفتقد دائرة المتن الشمالي عرابها وأبرز لاعبي السياسة على الطريقة اللبنانية على الاطلاق النائب الراحل ميشال المر، إذ بعد غياب “أبو الياس” غاب الكثير من متعة اللعبة في هذا القضاء-الدائرة، وغابت معه هندسة “المعلم” في تلبيس وتركيب الطرابيش وإبهار الجمهور بألعاب الخفة واخراج الأرانب، ورغم ذلك الحدث يبقى لهذه الدائرة خصوصيتها المميزة ورائحة المنافسة القوية جداً تعبق في أجواءها منذرةً بحيوية قل نظيرها بين دوائر لبنان وما تستبطنه من غموض جذاب.
المختلف عن الـ 2018
في دورة 2022 استجدت بعض الوقائع عن الدورة السابقة ستترك تأثيرها على النتائج، ولا يُخفى أن النتائج الآن ستترك مفاعيلها على اللعبة السياسية في البلاد وتنافس الأحزاب والقوى المستقلة على الدور والاحجام، وهذه الفروقات يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
– غياب الرئيس ميشال المر أفقد اللعبة الكثير من حيويتها وغموضها السابقين وبالتالي فإن مقعد “دولة أبو الياس” لمن سيؤول وكيف؟ ومن سيلعب دوره؟.
– اختلفت التحالفات والمعايير عن الدورة السابقة بعد كل ما حصل في البلاد من ثورات وتغيّرات عميقة، وكان لهذا القضاء نصيبه الوافر من الحراك المدني فكيف سيترجم في صناديق الاقتراع؟ وكيف سيترجم انتقال حزب الكتائب من حزب السلطة التاريخي الى حزب الثوار وله في هذه الدائرة دور وحضور؟.
– المتغيّر في ترشيحات القوات اللبنانية، من استهدافها السابق للمقعد الماروني (ادي ابي اللمع) في الدورة الماضية الى رازي الحاج الى ترشيح ملحم رياشي عن المقعد الكاثوليكي وبالتالي استهداف أحد أبرز وجوه التيار الوطني الصقور في القضاء ادي معلوف.
– حزب الطاشناق أقلع بمعركته الانتخابية من خلال استقباله الوزير السابق الياس المر وإعلان ترشيح نجله ميشال، أي التحالف مع مناصري، أو ما تبقى من حالة الراحل ميشال المر، فأين ستصب الأصوات الأرمنية والمقدرة بنحو 6 آلاف صوت؟ ولصالح أي من الأحزاب التي ستتحالف معها؟.
واقع اليوم
من خلال الوقائع السياسية اليومية ومتابعة عدد من الاستطلاعات والأبحاث الانتخابية في هذه الدائرة يمكن رصد النقاط التالية:
– تُجمع كل استطلاعات الرأي على أن التيار الوطني الحر لم يسجل تراجعاً في هذه المنطقة، بل حافظ على وضعيته الإنتخابية، واذا كان هناك من تراجع طفيف يمكن أن يُستدرك فيما بعد مع حماوة الحملة الإنتخابية، كذلك الأمر بالنسبة لحزبي القوات اللبنانية والكتائب.
– النائب الياس بو صعب، في حال ترشحه (وهذا هو المرجح)، يحافظ على وضعيته المتقدمة خاصةً في مناطق الجرد الأعلى، ويشكل رافعة قوية للائحة التي سينتمي اليها، مع أفضلية استقطابه للأصوات حتى من خارج إطار التيار الوطني الحر.
– النائب ابراهيم كنعان يمتلك حضوراً قوياً في الدائرة ولكن كيف سيكون الاتجاه اذا ما قرر التيار رفد المرشح ادي معلوف بالاصوات التفضيلية لقطع الطريق على مرشح القوات؟.
– المقعد الأرمني شبه محسوم لحزب الطاشناق الذي يحافظ على وضعيته السابقة أيضاً، ولكن مثل كل المجتمع اللبناني يعاني الأرمن من تراجع أعداد المقترعين نتيجة الهجرة الكثيفة في هذه الدائرة، فهل سيبقى عدد المقترعين على ما هو عليه؟.
– كم سيبلغ عدد اللوائح وكيف ستتوزع ترشيحات بعض شخصيات وفاعليات القضاء والتي خاضت تجارب انتخابية سابقة، وكثرة اللوائح سيعني لاحقاً دور رقم الحاصل الانتخابي النهائي؟.
– للحزب السوري القومي الاجتماعي ثقل انتخابي وازن في الدائرة فأين وكيف ومع من سيكون في هذا الاستحقاق؟.
– قوى الثورة أو المعارضة كيف سيكون دورها في هذه الدائرة ولحزب الكتائب ثقل في هذه الدائرة، فهل ستتحالف معه أم ستنقسم؟ وأين ستتموضع مجموعات الرفض اليسارية وتلك الخارجة من رحم الكتائب والتيار الوطني وبقية الأحزاب والقوى الأخرى؟.
معلوف والقوات والتحدّي
ما يلفت الانتباه أن التحدي الذي رفعته القوات اللبنانية باستهداف صقور التيار في كل الدوائر جاء هنا بوجه النائب ادي معلوف عبر ترشيح الوزير ملحم رياشي للمقعد الكاثوليكي وليس المقعد الماروني، والرياشي أحد عرابي اتفاق معراب مع النائب ابراهيم كنعان، والحديث يدور عن عمل ماكينة القوات على اعطاء الصوت التفضيلي له فقط، ومن المتعارف عليه هنا أن للقوات حاصل انتخابي واحد، ما رفع من حجم الاستنفار العوني الى درجة كبيرة عبر عنها أحد كوادر التيار بالقول “معركتنا في هذه الدائرة ادي معلوف نجل الشهيد بول معلوف ولو كلفنا ذلك الكثير فلن نسمح باستفراده او قضم قوتنا بالتواتر المنهجي ولتكن المعركة مفتوحة ولن نكون لقمة سائغة كما يعتقد القواتيون ولن يضعفوننا بالخرق بيننا أو بالتواطؤ مع أحد وان غداً لناظره قريب”.
الخلاصة المبدئية
بناءً على الاحصاءات ونتائج الدورة السابقة يمكن استنتاج المعطيات التالية:
في دائرة جبل لبنان الثانية – المتن بلغ عدد الناخبين في العام 2018 183740 ناخب، اقترع منهم 92446 شخص.
عدد المقاعد 8 (4 للموارنة، 2 روم ارثوذكس، 1 روم كاتوليك، 1 أرمن ارثوذكس)، وتبدو الحواصل كالتالي:
القوات اللبنانية تمتلك حاصل وكسر والكتائب كذلك الأمر، التيار الوطني الحر حاصلين وكسر، ومن هنا يمكن توقع فوز كل من: ابراهيم كنعان والياس بو صعب (تيار)، سامي الجميل والياس حنكش (كتائب)، رازي الحاج أو ملحم رياشي (حسب ما تصب الأصوات التفضيلية القواتية)، هاغوب بقردونيان (طاشناق). ويبقى الأسمين الآخرين رهنٌ بتركيبة التحالفات والتي ستتمحور على كسر اللوائح.
والأهم من كل ذلك ستكون الدائرة أمام معركة طاحنة تدور رحاها على اسم ادي معلوف أولاً وتوجه التيار الوطني الحر على صب الأصوات التفضيلية على اسمه والمغامرة بمقعد ماروني (على ما يبدو أن القوات ستعطي الصوت التفضيلي لملحم رياشي والمغامرة باسم رازي الحاج).
فهل يغامر التيار بهذه اللعبة الانتخابية الخطرة؟ أم أن الأرض ستعطي نتائج مختلفة؟ أم في جعبة التيار مفاجآت غير كل ما نرسم بالكلمات؟.
عامر ملاعب