انتخابات

ميقاتي بين فكّين: ضغوطٌ للعزوف وأخرى للترشّح

يتّضح من حركة ومواقف واتصالات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حجم الضغوط الداخلية والخارجية التي تمارس عليه، سواء من أجل دفعه نحو العزوف عن الترشّح في الإنتخابات النّيابية المقبلة، أو كي يُقدّم ترشيحه ويخوض غمار الإستحقاق الإنتخابي في 15 أيّار المقبل.

فميقاتي ما يزال موقفه ضبابياً وغامضاً من احتمال ترشّحه أو عدمه في الإنتخابات النيابية المقبلة، منذ إعلانه في 27 أيلول من العام الماضي بعد نحو أسبوعين من تأليفه حكومته بأنّه لن يحسم أمر ترشّحه أم لا إلّا قبل ساعات من إقفال باب الترشّح المحدّد في 15 آذار المقبل.

وزاد موقف ميقاتي غموضاً وتأزّماً ما أعلنه الرئيس سعد الحريري في 24 كانون الثاني الجاري “تعليق” عمله في الحياة السّياسية اللبنانيّة، وعدم ترشّحه هو أو أحدٌ من تيّار المستقبل أو باسمه للإنتخابات النّيابية المقبلة، بالتزامن مع تسريبات تحدثت عن أنّ ميقاتي سوف يتخذ خطوة مماثلة بالعزوف عن الترشّح، لكنّه “ينتظر الظرف المناسب لإعلان موقفه، وفق ما أشارت لـ”أحوال” مصادر سياسيّة مطلعة.

ويبدو أنّ النّيّة المضمرة لميقاتي بالعزوف عن الترشّح دفعت كثيرين ومنهم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط إلى دعوة رئيس الحكومة “للترشح للإنتخابات النّيابية المقبلة”، معلناً رفضه “إنسحابه أو إعتكافه عن خوض هذا الإستحقاق”.

وتوضح المصادر السّياسية أنّ ميقاتي “يدرك حجم الضغوط الهائلة التي تمارس عليه في الشّارع السنّي للعزوف، خصوصاً من قبل تيّار المستقبل الذي سيرى خطوة من هذا الجانب من ميقاتي “بطولية”، وسيعتبرها معبّرة عن تضامنه مع الحريري وشارعه المُحبط، بعد انسحاب الحريري من المشهد الإنتخابي، ورفضاً لتمثيل سنّي “ضعيف” في المجلس النّيابي المقبل، والحكومة والسّلطة السياسيّة في ما بعد الإنتخابات، وسط تمثيل “قوي” لبقية أحزاب وتيّارات الطوائف الأخرى”.

في موازاة ذلك يسود الإرباك قواعد ميقاتي في طرابلس بعد خطوة الحريري، ما دفع مقربين من رئيس الحكومة إلى القول لـ”أحوال” متسائلين: “ضد من سوف نترشّح في طرابلس بعد انسحاب تيّار المستقبل، واذا حصلت مقاطعة سنّية ما للإنتخابات؟”.

ويُدرك ميقاتي أنّ مشاركته في الإنتخابات المقبلة من شأنها أن تعطيها الحدّ الأدنى من الميثاقية الوطنية، أمّا عزوفه فسيجعل هذه الميثاقية غائبة، ولن تستطيع أي جهة سياسية سنّية أخرى تغطيتها، ما يجعله يتريّث قبل اتخاذ أيّ قرار في هذا الشأن، بالتشاور مع رؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى التي أصبحت محجّة القوى السّياسية اللبنانية، السنّية وغير السنّية، وهو ما أشار إليه ميقاتي بعدما زاره مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان يوم الجمعة الماضي في السرايا الحكومي الكبير، وأدائهما صلاة الجمعة برفقة الرئيس فؤاد السّنيورة في الجامع العمري الكبير في وسط بيروت، عندما أكّد أن “الإنتخابات النّيابية حاصلة في موعدها المحدّد وإنّنا حتماً لن ندعو إلى مقاطعة سنّية لما فيه خير الطائفة، ومن يرغب بالترشّح فليترشح”، إنّما من غير أن يشير إلى رغبته وقراره الشّخصي في هذا المجال.

لكنّ المقربين من ميقاتي أوضحوا لـ”أحوال” أنّه “لن ينتظر طويلاً قبل حسم أمره”، متوقعين أن “يصدر موقفه منتصف شهر شباط المقبل على أبعد حدّ”، كاشفين أنّ “عدّة جهات إقليمية (السعودية) ودولية فاعلة (الولايات المتحدة وفرنسا) لا تحبّذ أبداً عزوف ميقاتي عن الترشّح، وهي أبلغته موقفها هذا، لأنّ هكذا خطوة (مقاطعة سنّية على حدّ تعبيرهم) ستجعل أمر إجراء الإنتخابات صعباً”.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى