ذكرى اغتيال الحريري تنقسم ساحتين بين بهاء وسعد؟
قبل عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان فجر يوم الخميس 20 كانون الثاني/يناير الجاري، كان مقرّبون منه ونوّاب ومنسّقين وكوادر تيّار المستقبل عندما يُسألون عن موقف الحريري من الإنتخابات النيابية المقبلة، وكيف سيتعاطى معها، يجيبون بأنّ “الأمر لن يتوضح قبل تحديد موعد الإنتخابات رسمياً وإصدر مراسيمها الإجرائية وفتح باب الترشّح لها، وأنّ الحريري سيحدد موقفه النّهائي من الإستحقاق الإنتخابي في ذكرى اغتيال والده الرئيس الراحل رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير المقبل”.
لكن إعلان الحريري بعد عودته إلى بيروت بأربعة أيّام بأنّه علّق عمله في الحياة السّياسية اللبنانية، ولن يترشّح للإنتخابات النّيابية، وأنّ “تيّار المستقبل” لن يخوض هذه الإنتخابات، ومغادرته لبنان في اليوم ذاته إلى الإمارات، طرح تساؤلات عن مصير الذكرى الـ17 لاغتيال الحريري، وهل ستُقام في مجمع البيال كما جرت العادة، وهل سيعود الحريري لحضورها وإلقاء كلمة له فيها، كونها كانت تشكّل له محطة سنوية للإطلال على جمهوره واللبنانيين، وإطلاقه منها مواقف سياسيّة معينة؟
مصادر سياسيّة مطّلعة أوضحت لـ”أحوال” أنّ “ذكرى اغتيال الحريري المقبلة لن تكون كسابقاتها، لا في الشّكل ولا المضمون، وأنّ مشهداً جديداً ولافتاً سيراه مؤيدو الحريري وتيّار المستقبل وكذلك اللبنانيون، لأوّل مرة، وهو سيُعبّر عن واقع الحال الذي وصل إليه “بيت” الحريري وتيّارهم”.
وكشفت المصادر أنّ “بهاء الحريري، شقيق سعد والإبن الأكبر للرئيس الرّاحل، يُحضّر نفسه لأوّل إطلالة رسمية له في المناسبة، سواء بحضوره إلى لبنان من أجل هذه الغاية، أو أن يطلّ بكلمة مباشرة له من مكان إقامته في الخارج، وأنّ تحضيرات معينة يجريها فريقه بعيداً عن الأضواء ممهّدة لذلك”، متوقفة عند إعلان بهاء الحريري يوم أمس الخميس تعيين صافي كالو “ممثلاً سياسياً له في لبنان”، حسب البيان الذي وزعه مكتبه، ومعتبرة أنّ “توقيت هذا الإعلان يحمل مؤشّرات ودلالات هامّة وعديدة في هذا السّياق”.
لكنّ المصادر أبدت تخوّفها من إنقسام جمهور آل الحريري في الذكرى، وفي أن “يشهد اللبنانيون في المناسبة إحتفالين، واحدٌ يرعاه بهاء الحريري وآخر ينظّمه سعد الحريري أو جمهوره، وأن يؤدّي هذا الإنقسام إلى وجود ساحتين، ما سيؤدّي حكماً إلى حصول تصادم بينهما قد تكون عواقبه وخيمة على تيّار المستقبل ومصيره، وعلى الذكرى بحدّ ذاتها، خصوصاً إذا كانت إحدى السّاحتين أكبر جماهيرياً من الأخرى، في حال لم تتم معالجة هذه الإشكالات مسبقاً ويتمّ نزع فتائل تفجيرها”.
وحذّرت المصادر أنّ “الصّدام قد لن يقتصر على جمهور “الحريرييّن”، بهاء وسعد، الذي سوف يسبقه مسلسل إستفزاز وتحريض طويلين، بدأ منذ اليوم الأول لإعلان سعد الحريري موقفه، بل قد يمتد هذا الصدام ويتّسع ليشمل فرقاء آخرين، خصوصاً جمهور سعد الحريري وتيّاره من جهة وجمهور القوّات اللبنانية من جهة أخرى، في ضوء ما شهدته الآونة الأخيرة من تراشق حادٍ بين الطرفين، ومخاوف عدّة من دخول أكثر من طابور خامس، سياسي وأمني، على خطّ تسعير الخلاف بينهما، من غير إغفال إمكان حصول صدامات أخرى قد تأخذ طابعاً سياسياً أو طائفياً أو مذهبياً”.
ولفتت المصادر إلى أنّ هذه “التطوّرات المرتقبة تُعبّر عن واقع الطّائفة السنّية بشكل خاص، والبلد كلّه بشكل عام، وأنّ هذا الواقع من الإنقسام والتشتّت مرجّح لأن يطول ويستمر خلال الفترة المقبلة في ضوء الأزمات المحلية والإقليمية، وعدم وجود إتفاق إقليمي ـ دولي على رعاية البلد وحفظ استقراره، ولو نسبياً، وغياب راعٍ للطّائفة السنّية كانت اعتادت وجوده تاريخياً بجانبها منذ نشأة لبنان الكبير، لتعزيز وجودها ونفوذها في موازاة الآخرين، وتحديداً السّعودية وسوريا ومصر”.
عبد الكافي الصمد