منوعات

هل سيملأ التطرّف فراغ السّاحة السنّية بعد عزوف الحريري؟

ما إنْ شاع خبر عزوف الرئيس سعد الحريري وتيّار المستقبل عن خوض غمار الإنتخابات النّيابيّة المقبلة، وخصوصاً بعد عودته إلى لبنان فجر يوم الخميس الماضي في 20 كانون الثاني / يناير الجاري، حتى تسارعت المواقف والتحليلات والتساؤلات حول من سيملأ الفراغ الذي سيتركه هذا الغياب، وتحديداً على السّاحة السنّية.

أجوبة وتوقّعات عديدة قيلت في هذا المضمار، منها مثلاً أنّ الزعامات التقليدية السنّية والمناطقية ستتسع دائرة حضورها، وأنّ بيوتات سياسية سنّية عدّة ستستعيد نشاطها الذي أخمده آل الحريري وتيّار المستقبل منذ دخولهم معترك العمل السياسي قبل نحو عقدين، وهيمنتهم على السّاحة السنّية، فضلاً عن حضور أكبر متوقع لسنّة فريق 8 آذار خلال المرحلة المقبلة؛ إلّا أنّ توقعات كثيرة ذهبت ـ من بينهم نوّاب وكوادر في تيار المستقبل ـ إلى أنّ الفراغ المنتظر سيملأه الجماعات الإسلامية على اختلافها، وبأنّ المتطرّفين والمتشدّدين من بينهم سوف يتصدّرون المشهد في المرحلة المقبلة.

لكنّ بعض الإسلاميين لهم وجهة نظر مختلفة حيال هذه النّظرة، فالشيخ نبيل رحيم وهو أحد المشايخ البارزين في طرابلس، أوضح لـ”أحوال” أنّ “المستفيدين من غياب الحريري وتيّار المستقبل 3 أطراف، هم: القوّات اللبنانية، الجماعات الإسلامية و”حزب الله” عبر حلفائه في مختلف المناطق”.

وأشار رحيم إلى أنّ “رئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع بدأ يستقطب الشّارع السنّي في طرابلس وعكّار وغيرهما في الآونة الأخيرة، من خلال نشاطات يقيمها في هذه المناطق التي كان يحاذر العمل فيها سابقاً بسبب حساسيات تاريخية”.

وبما يتعلق بالجماعات الإسلامية، فقد لفت رحيم إلى أنّهم “أكثر من فريق وغير موحدين، لكنّهم حاضرين وسيسعون لملئ الفراغ في الشّارع السنّي بعد تراجع وغياب تيّار المستقبل، مثل الجماعة الإسلامية، جمعية المشاريع (الأحباش)، حركة التوحيد، حزب التحرير، السلفيين وهيئة علماء المسلمين وغيرهم”.

أمّا حلفاء “حزب الله” في السّاحة السنّية، فهم بحسب رحيم “بلا شكّ سيعزّزون حضورهم، كالنّائب فيصل كرامي في طرابلس مثلاً”. وحول ما إذا كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيستفيد من هذا الغياب ويوسّع إنتشاره، أوضح رحيم أنّ “ميقاتي يبدو مكتفياً بطرابلس وبعض مناطق الشّمال، ولا يريد التوسّع على مستوى لبنان”.

أمّا عن إمكانية أن يملأ المتشدّدون السّاحة السنّية، مثل جبهة النصرة وتنظيم داعش، فقد استبعد رحيم ذلك، معتبراً أنّ “هذا الكلام مضخّم، والحديث عن بروز التشدّد تهويل أكثر منه حقيقي، لأنّ هذه الجماعات لا تدخل لعبة السّياسة والإنتخابات”.

بدوره، أشار رئيس جمعية الإخوة للإنماء والتربية، الشيخ صفوان الزعبي، ذو التوجّه السّلفي، لـ”أحوال” أنّ “علينا أن نسأل ماذا سيؤثّر غياب الحريري وتياره عن السّاحة السنّية، أكثر ممّا سيؤثّر حضوره، وماذا أنتج هذا الحضور في السّابق، سياسياً وأمنياّ وإقتصادياً ومعيشياً وإنمائياً، وهل أعطى اهتمامه خلال فترة حضوره السّابقة لقضايا وملفات تهمّ السّاحة السنّية، وماذا قدّم لها، أم أنّه فقط قدّم مصالحه الشّخصية على ما عداها؟”.

غير أن مصادر إسلامية مطلعة رأت لـ”أحوال” أنّ “الحريري وتيّار المستقبل كانا يستعملان التطرّف وسيلة لتعزيز نفوذهم في وجه الآخرين على السّاحة اللبنانية، وأنّ غيابهم سيضعف التطرّف وليس العكس، إنّما شرط حضور الدولة بشكل قوي بهدف تعويض هذا الغياب”.

وأشارت المصادر إلى أنّ الحريري “لطالما رفع ورقة التطرّف والتشدّد السنّي في وجه خصومه، لتعزيز حضوره وابتزازهم وفرض شروطه عليهم”، لافتة إلى أنّ “الحريري خلال أوقات ضعفه وتراجعه أمام هؤلاء الخصوم، كان يهدّدهم بقوله: إذا لم تتفاوضوا معي، وتعطوني ما أطلبه، فتفاوضوا إذاً مع داعش والنصرة”.

ورأت المصادر أنّ “الحريري ليس خشبة خلاص السنّة، ولا المنقذ لها، ولم ينتشلها من الضياع، وأثبت طوال فترة توليه المسؤولية أنّه لا يملك المؤهّلات لذلك، وأعطى لنفسه حجماً أكبر منه”، معتبرة أنّ “غيابه سيؤثّر فقط على حصّة الطائفة السنّية من كعكة السّلطة التي سيتناتشها كثيرون، سواء من الطّائفة السنّية ذاتها أو من طوائف أخرى سيمدّون نفوذهم إليها”.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى