انتخابات

“المستقبل” لن يشارك في الانتخابات.. فمن سيملأ فراغ الساحة السنية؟

مشروع أميركي - سعودي لتوحيد حلفائهم لانتزاع الأكثرية النيابية

لم تنجح الجهود التي يبذلها الرئيس سعد الحريري في الإمارات بانتزاعه “الضوء الأخضر” السعودي لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، والحصول على الدعم المالي اللازم لإعادة ترميم تياره السياسي وترسيم التحالفات الانتخابية واستنهاض شارعه المترامي الأطراف والضائع بسبب الفراغ الذي خلفه “تيار المستقبل” على الساحة السنية والمتشتّت بين قوى متعددة الانتماء والولاء بين الداخل والخارج.

وفيما انقطعت أخبار رئيس المستقبل لفترة طويلة وغاب مستشاروه والمقربون منه عن السمع حتى هاتفياً، كشفت مصادر مطلعة لـ”أحوال” أن “تيار المستقبل لن يخوض الاستحقاق الانتخابي حتى الساعة، بسبب قرار خارجي تتقدمه السعودية بإقصاء “الشيخ سعد” عن المشهد الانتخابي والسياسي لأسباب عدة”، مضيفة أن “الحريري أبلغ مراجع سياسية رفيعة في لبنان بأنه لن يشارك في الانتخابات، بعد أن كررت هذه المراجع رسائلها للحريري لسؤاله عن موقفه من الانتخابات والتحالفات”.

وبحسب المصادر، فإن تريّث الحريري عن حسم أموره والتهرّب من استفسارات واستيضاحات مسؤولي التيار حول التعامل مع المرحلة المقبلة وتحديداً الاستحقاق الانتخابي، يعكس ضياعاً وحالة من عدم الإستقرار التي يعيشها في الامارات، وهو انتظر القرار الخليجي الذي أتى معاكساً لطموحاته”، كاشفة عن أن “المستقبل لم يطلق ماكيناته الانتخابية حتى الآن، فيما جميع الأحزاب بدأت التحضير للانتخابات منذ أشهر عدة”.

ولفتت المصادر الى “وجود قرار سعودي بمنع المستقبل من المشاركة في الانتخابات وذلك لتشريع الساحة السنية على الفراغ، ما يتيح للمملكة وللأميركيين إفساح المجال أمام قوى سنية أخرى موزّعة بين الحركات المتطرفة كالنائب خالد الضاهر، وقوى المجتمع المدني كالنائب فؤاد مخزومي وغيره، لا سيما وأن الأميركيين والسعودية فقدوا الأمل من قدرة الحريري على تشكيل حالة سنية بمواجهة “حزب الله” والشيعة وفق مشروع الفتنة المذهبية والطائفية التي يريده الخارج الغربي، ما دفعهم لاستبعاده والبحث عن بدائل تملأ الفراغ في المجتمع السني، تكون طيّعة في تنفيذ التعليمات الأميركية – الخليجية”.

فالحريري بنظر السعوديين، كما تضيف المصادر، “عاكس الرغبات الأميركية والسعودية وعقد تسوية مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار لوطني الحر النائب جبران باسيل، وكلاهما مقربين من “حزب الله” ما جعله أقرب للحزب منه الى دول الخليج، وبالتالي بات في “خندق” المحور الايراني، وهذا ما دفع بالمملكة الى احتجاز الحريري عام 2017 وإجباره على تقديم استقالته من رئاسة الحكومة، إلا أن موانع فرنسية – أوروبية حالت دون ذلك وعاد الى المشهد السياسي معاكساً التوجه السعودي، فكانت أحداث 17 تشرين 2019 مقدمة لإسقاط حكومته وإقصائه عن المشهد الحكومي والسياسي منذ ذاك الحين وحتى الآن”.

ويعتقد السعوديون، بحسب المصادر، أن “الحريري سيتحالف ضمناً مع “حزب الله” في الانتخابات، كما حصل في الانتخابات السابقة، وبالتالي لن يتحالف مع القوات اللبنانية”.

وفيما تنفي مصادر المستقبل عبر “أحوال” وجود قرار نهائي وحاسم بعزوف المستقبل عن خوض الانتخابات النيابية، تقرّ بأن التيار سجّل تراجعاً واسعاً في مختلف المناطق اللبنانية، ما يجعله يعيد قراءته ويعدّ للانتخابات بشكل جيّد للفوز بحدنه الأدنى، مشيرة الى أن “العامل المالي حاسم لتمويل الحملة الانتخابية للتيار كسائر الأحزاب”.

وبحسب ما تشير أوساط سياسية لـ”أحوال”، فإن “منع المستقبل من المشاركة في الانتخابات يأتي في سياق مشروع أميركي – سعودي لتوحيد قوى ما يسمى بـ14 آذار التي تضم حزبَي القوات والكتائب اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي مع قوى المجتمع المدني، بالاضافة الى التيار الأزرق لتشكيل جبهة سياسية واحدة تحصد الأكثرية النيابية، ما يجعل الأميركيين والسعوديين يتحكّمون بالاستحقاقات المقبلة كتأليف الحكومة ورئيس الحكومة المقبلة ورئيس الجمهورية الجديد، وبالتالي تركيب نظام سياسي جديد يكون أداة تنفيذية للمشروع الأميركي بالسيطرة على لبنان وتشديد الحصار على “حزب الله” والإتيان بحكومة تطبّق شروط صندوق النقد الدولي والقرارات الدولية، لا سيما 1759 و”المضمون الاسرائيلي” للقرار 1701، إضافة الى تنازل لبنان في الملفات السيادية كترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة وبموقعه في معادلة النفط والغاز في المنطقة وفي ملف الحدود مع سوريا”، مذكّرة بالبيان الفرنسي – السعودي الذي ربط الانفتاح الاقتصادي على لبنان بسلاح “حزب الله” وشروط صندوق النقد”.

ولا تستبعد الأوساط أن تنتزع القوى الحليفة للأميركيين في لبنان أكثرية البرلمان كما حصل في العراق، وذلك عبر الجهود التي تبذلها السفارة الأميركية في عوكر بجمع أطراف متناقضة في اجتماعات بعيدة عن الاعلام، بموازاة سعي السعودية عبر استدعاء عدد من ممثلي رؤساء الأحزاب اللبنانية كالوزير السابق ملحم رياشي والنائب وائل ابو فاعور اللذين أجريا محادثات مع مسؤولين سعوديين حول مستقبل التحالفات الانتخابية، بالإضافة الى ضخ مبالغ ضخمة قيل إن بعض قادة الأحزاب حصلوا عليها من دول خليجية مقابل الانضواء في إطار تحالف انتخابي عريض، لا سيما وأن التيار الوطني الحر فقد الكثير من حالته التمثيلية معطوفة على علاقته المتوترة مع الرئيس نبيه بري، ما يضعف تحالف “حزب الله” الذي لن يستطيع الحصول على الاغلبية”.

إلا أن الأوساط تحذّر من أن حصول القوى الحليفة للأميركيين والسعوديين في لبنان على أكثرية المجلس لن يمكنها من الحكم بمفردها من دون قوى 8 آذار، كما أن الأخيرة لم تستطع الحكم بمفردها خلال عهد عون حليف “حزب الله”، ولا في حكومتَي الرئيسَين الحريري وحسان دياب.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى