منوعات

خبير يشرح أسباب “جنون” الدولار: بات بلا سقف ونحو الـ”40 ألفًا”!

السياسيون يقصدون "السوق السوداء" لتمويل حملاتهم الانتخابية؟

يعود الدولار مجددًا ليتسيّد المشهد الداخلي بشقيه السياسي والاقتصادي، فسعر صرف الدولار في السوق السوداء تحول إلى “الخبز اليومي” للمواطنين الذين ينظمون حياتهم وحركتهم المعيشية اليومية على إيقاع نشاط “الدولار”.

فبعدما سجل سعر الصرف انخفاضا الى حدود 26 ألف ليرة في الأيام الأخيرة من العام الماضي، افتتح اليوم الأول من العام الجديد على ارتفاع الى حدود 28 ألف ليرة، منتقلاً بشكل تدريجي الى حدود الثلاثين ألفًا، ليسجل اليوم رقماً قياسياً بلغ 32 ألف ليرة.

فما هي أسباب هذا الارتفاع الجنوني بالدولار؟ وأي عوامل تتحكم فيه؟ وهل هناك ضوابط للجمه أم بات بلا سقف؟ وما هي التداعيات السلبية على الأسواق؟

الخبير الاقتصادي والمالي جاسم عجاقة يشير لـ”أحوال” الى سببين أساسيين لارتفاع سعر الصرف: الأول سلاح التطبيقات الالكترونية التي تتحكم بأسعار الصرف بشكل مستمر، والثاني تهريب الدولارات الى الخارج.

ولفت عجاقة الى أن “حجم سوق الدولار في لبنان صغير قياساً بدول أخرى، وبالتالي من السهل تحريكه والتحكم به بأي وقت، لا سيما وأن قواعد السوق العلمية أي العرض والطلب، ليست العامل الوحيد الذي يحرك الدولار، بل هناك عوامل أخرى كما ذكرنا أعلاه”.

وفي سياق ذلك، تكشف مصادر مطلعة لـ”أحوال” عن سبب اصافي لارتفاع سعر الصرف، يتمثل بالإقبال الكثيف للقوى السياسية على شراء كميات كبيرة من الدولار من السوق السوداء لاستخدامها بتمويل حملاتها الانتخابية قبيل أشهر قليلة من انطلاق الانتخابات النيابية، وذلك لإعادة تعويم نفسها بعد تراجع شعبية مختلف الأحزاب السياسية.

وتشير المصادر الى أن “التطبيقات الإكترونية للدولار الخارجية والداخلية هي أحد أدوات السياسيين لتصفية حساباتهم والمواجهة الدائرة بينهم”.

وتساءلت المصادر: “كيف ارتفع سعر الصرف في اليوم الأول من العام الجاري، فيما كانت البلاد في مرحلة الاقفال بسبب عطلة الأعياد الرسمية وحركة السوق خفيفة؟ ما يؤكد بأن أياد خفية تعبث بسوق الصرف وتحركه خارج قواعد السوق الطبيعية”.

ويرى الخبير عجاقة بأن “نتائج التعميم 161 جاءت عكسية، فزادت القدرة الشرائية لدى المواطنين بسبب قبض الموظفين رواتبهم بالدولار على منصة 22 ألف وصرفها على سعر صرف السوق السوداء، ما أدى الى تضخم إضافي وارتفاع الطلب على الدولار وبالتالي ارتفاعه”، معتبرا ان “كان على مصرف لبنان سحب الليرة وضخ الدولار ليلجم سعر الصرف”.

ولفت عجاقة الى أن “مصرف لبنان لم يعد يستطيع مواجهة القوى الكبيرة المتعددة التي تتحكم في السوق، فهو فقد الوسائل الذي يمكن من خلالها التدخل للجم السوق، فلم يعد لديه الاحتياطات اللازمة لشراء وبيع الدولار للحفاظ على التوازن بين العملة الوطنية والعملات الأجنبية”.

وحذر عجاقة من أن لا سقف للدولار وقد يسجل المزيد من الارتفاع خلال الأيام المقبلة.

وفي سياق ذلك، رجحت مصادر اقتصادية عبر “أحوال” تسجيل المزيد من ارتفاع بسعر صرف الدولار الى ما فوق الـ40 ألفاً خلال شهر، و50 ألفاً حتى الربيع المقبل، مشيرة الى أن “المسار العام الذي يتخذه الدولار نحو الارتفاعات التدريجية من دون مقومات صمود أو دفاع اقتصادية ومالية ونقدية، الا أن التوافق السياسي وإعادة تفعيل مجلس الوزراء الذي يمكنه اتخاذ جملة من الاجراءات المالية والاقتصادية كإقرار الموازنة وخطة التعافي التي يطلبها صندوق النقد الدولي والمساعدات الاجتماعية وتحسين الرواتب والبطاقة التمويلية وبعض القروض، يمكنها لجم اندفاعة الدولار ودفعه للتراجع الى ما دون الثلاثين الفاً”.

لكن مصادر سياسية تشير لموقعنا الى أن لا مؤشرات في الأفق على انفراجات في الوضع السياسي، في ظل تصلب القوى السياسية على مواقفها واستمرار تعطيل الحكومة، لا سيما بعد تجدد المواجهة السياسية والإعلامية بجولتها الأخيرة بين حزب الله والسعودية، كما تكشف عن دور خارجي أميركي – سعودي باستخدام سلاح الدولار للضغط على حزب الله لفرض تنازلات عليه في لبنان واليمن ربطاً بما يجري في فيينا من مفاوضات نووية حامية الوطيس.

أما حيال التداعيات السلبية لارتفاع الدولار، فحذر عجاقة من انعكاس الدولار على مختلف السلع والمواد الغذائية والمحروقات، لا سيما وأن التجار يعتمدون دولار السوق السوداء كتسعيرة لمختلف السلع والمحروقات، مذكرًا باعتراف وزير الطاقة بأن وزارته عاجزة عن منع ارتفاع سعر المحروقات.

وتوقع عجاقة فوضى اجتماعية في لبنان وصولًا الى الفوضى الأمنية في الشارع، لا سيما وأن هذه الموجه ستغرق شرائح اجتماعية كثيرة بشكل تدريجي في مستنقع الجوع والفقر وارتكاب الجرائم الاجتماعية.

لكن خبراء اقتصاديون أوضحوا لـ”أحوال” ان عوامل عدة لا تزال تحول دون خروج المواطنين من المنازل الى الشوارع ووقوع الانفجار الشعبي الكبير: “الدولار السياحي، والدولار الاغترابي الذي لا يزال يتدفق الى معظم عائلات لبنان، ودولار الأمم المتحدة والجمعيات الدولية المخصص للنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، فضلاً عن الدولارات المخزنة في المنازل التي تقدر بـ 10 مليار دولار بحسب معلومات مصر ف لبنان، إضافة الى المساعدات التي تقدمها الأحزاب لمناصريها وجمهورها لاحتواء غضبهم، وأخيراً بعض الدولار الذي يأتي لحلفاء الدول الخليجية في لبنان كالقوات اللبنانية، ودولار الذي يورده حزب الله الى مناصريه”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى