منوعات

هل يعقد عون الحوار بعد اعتذار الحريري وتحفّظ ميقاتي؟

"طاولة بعبدا".. تقطيع للوقت وتأجيل الانفجار حتى الانتخابات

أطلق رئيس الجمهورية ميشال عون في السنة الخامسة من ولايته، مبادرة تتضمن دعوة لحوار وطني إلى مختلف الأطراف السياسية، لكن عقبات عدة تحول دون عقد هذا الحوار ونجاحه: مدى تجاوب الأطراف السياسية مع الدعوة ومصير الحوار في حال قاطعت قوى أساسية؟ ومدى تمكنه بإيجاد الحلول للأزمة السياسية والاقتصادية وسط الانقسام القائم قبل أشهر قليلة من الانتخابات النيابية؟

أول المرحبين بمبادرة عون كانت كتلة “لبنان القوي” والتيار الوطني الحر وكذلك حزب الله الذي يؤيد بشكلٍ دائم أي دعوة للحوار بين اللبنانيين تؤدي إلى التهدئة وتخفيف الاحتقان ومعالجة الأزمات.

أما الرئيس نبيه بري، فكونه رئيسًا للمجلس النيابي ومن أبرز الداعين للحوار، فلا يستطيع مقاطعة حوار وطني بمعزل عن الجهة الداعية، فهو سارع إلى تأييد الحوار لكنه ربطه بالنتائج وبأن لا يكون الحوار للحوار فقط. والمطلعون على موقفه يشيرون لـ”أحوال” الى أنه غير متحمس لحوار يقوده عون في آخر عهده، لا سيما في ظل العلاقة المتوترة بينهما غداة السجال المندلع على جبهة بعبدا – عين التينة حول مرسوم فتح العقد الاستثنائي لمجلس النواب وانعقاد مجلس الوزراء وملفات أخرى لا تقل أهمية، كقضية تحقيقات المرفأ ومكافحة الفساد والتدقيق الجنائي ومصير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقبلها قضية المجلس الدستوري حيث يحمل عون والنائب جبران باسيل، رئيس المجلس مسؤولية إسقاط الطعن بقانون الانتخاب.

وبحسب مصادر الثنائي الشيعي لـ”أحوال” فإن حزب الله وإن نجح بتهدئة واحتواء عاصفة السجال على جبهة الحليف وحليف الحليف، لكنه لن يستطيع ضخ الوئام والسلام في عروق العلاقة بينهما حتى نهاية العهد، نظراً لتضارب المصالح والحسابات بين بعبدا وعين التينة، لا سيما وأن بري الذي لم “يبلع” عون منذ بداية عهده، فبالتأكيد لن يُسعِفه في نهايته!
من جهته، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يسعى لعقد جلسة لمجلس الوزراء، لا يخفي خشيته من أن تتحول طاولة الحوار إلى بديل عن مجلس الوزراء، أودع موقفه لدى الرئاسة الأولى مع تحفظه.

أما رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، فلن يفك اعتكافه السياسي في الامارات كرمى لعيون “الجنرال”، فسارع للاتصال اليوم برئيس الجمهورية وأبلغه اعتذاره عن عدم المشاركة، لاعتباره أن “أي حوار على هذا المستوى يجب ان يحصل بعد الانتخابات النيابية”.

بدوره، الحزب التقدمي الاشتراكي لم يحسم موقفه حتى الساعة، لكن مصادره رجحت لموقعنا حضور رئيس كتلة اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط، كون الحزب لا يرفض أي دعوة للحوار من أي جهة أتت، لكن بالتوازي مع أولوية انعقاد مجلس الوزراء.

حزب “القوات اللبنانية” الخصم الألد للعهد، ينتظر بفارغ الصبر انتهاء ولاية عون، ومن الطبيعي أن يعلن رفضه للحوار من دون عناء التفكير، لكي لا يعطي عون “كريدت” لتعويم العهد، وهذا ما يؤكده مسؤول التواصل والاعلام في “القوات” شارل جبور لـ”أحوال” بأن القوات لن تشارك في طاولة الحوار كونها أتت قبل الانتخابات النيابية، فيما السلطة الجديدة المنبثقة عن المجلس الجديد هي المخولة إدارة حوار وطني على مختلف القضايا المصيرية.

أما حزب الكتائب، فلا يختلف موقفه عن موقف “القوات” لجهة رفض الحوار واليأس من العهد، فكيف بالحوار معه!

وعلى الضفة الموازية، فكتل تيار المردة والحزب الديموقراطي اللبناني والحزب السوري القومي الاجتماعي، من المرجح أن تحضر الحوار، لكن مصادر مقربة من بعبدا ترجح لـ”أحوال” حضور أغلبية الكتل النيابية، كاشفة عن أنه في نهاية المشاورات مع رؤساء الكتل، سيدرس عون النتائج ويقرر بناء على الشي مقتضاه. ووفق المعلومات فإن عون سيمضي بالحوار بمن حضر رغم أن مقاطعة كتل وازنة سيعتبر نكسة إضافية للعهد.

أما عناوين الحوار فحصرها عون بثلاثة: اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة، الاستراتيجية الدفاعية، خطة التعافي المالي والاقتصادي.

أوساط سياسية مطلعة لا تعول على أي حوار وطني، وتشير لموقعنا الى أن “القضايا الخلافية الجديدة القديمة من الصعب التوافق على حلها في خضم المواجهة السياسية في لبنان والاشتباك الإقليمي وقبيل بضعة أشهر من الانتخابات النيابية، سيما وأن جدول أعمال الحوار يتضمن عناوين خلافية داخلية بأبعاد خارجية ومرتبطة بمصير المنطقة وموازين القوى فيها، ولا يمكن حلها بسهولة كالاستراتيجية الدفاعية وسلاح المقاومة، فضلًا عن قضايا لها علاقة بالنظام السياسي محل خلاف داخلي مستحكم كـ”اللامركزية”، فضلًا عن الملفات الاقتصادية والمالية، ما يجعل الحوار ملهاة وتقطيع وقت وتأجيل للانفجار السياسي والاجتماعي والأمني حتى الانتخابات النيابية، وربما الى نهاية العهد أملًا بمفاجآت إقليمية دولية تولّد انفراجات في لبنان.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى