فرضت مواقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمره الصحافي الأخير نفسها على جدول الإطلالات الإعلامية للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. ووفقاً لمصادر خاصة لم تكن إطلالة السيد نصرالله مقرّرة مساء الثلاثاء بل بعد عدة أيام، لكن سردية ماكرون و”مواقفه الظالمة والمتناقضة والمضلّلة شكّلت استفزازاً ومفاجأة لدى قيادة حزب الله في شكلها ومضمونها، بحيث اتسم أسلوب الرئيس الفرنسي بالكبرياء والعظمة ولعِبَ دور سلطان زمانه”، بحسب وصف مصادر مطلعة على موقف حزب الله.
رد قاسِ من نصرالله غداً
لفتت مصادر عليمة لـ”أحوال” أنّ السيد نصرالله سيردّ على كل النقاط التي تناولها ماكرون بما خصّ حزب الله”، وسيركّز على ثلاث نقاط وردت في المؤتمر:
الأولى: لغة الإهانات والتهديد ضد الحزب وحلفائه وتخييرهم بين معادلتي الإنهيار أو الرضوخ لما يطلبه الخارج، وإن كان ذلك سيؤدي إلى تسليم البلد للأميركيين وحلفائهم.
الثانية: انتقاد دور حزب الله في سوريا ولبنان واتهامه باستخدام القوّة العسكرية ضد اللبنانيين، “وهو يعلم أنّ ذلك غير صحيح ويناقض ما أعلنه في مؤتمرات سابقة، ولقاءات شخصية مع مسؤولين في حزب الله في قصر الصنوبر والسفارة الفرنسية والضاحية الجنوبية.”
الثالثة: اتهام ماكرون للحزب بتعطيل تأليف الحكومة و”هو يعرف المعرقلين الحقيقيين وسماهم في مؤتمره الأخير”.
وتوقعت المصادر أن يكون رد السيد قاسياً وحاسماً وحازماً ضد الهجوم الفرنسي عليه، وكشفت بأنّ السيد سيسمّي لماكرون بالاسم المعطلين والمعرقلين لولادة الحكومة والمنقلبين على المبادرة الفرنسية، كما سيعلن بأنّ فرنسا لم تعد وسيطاً نزيهاً وحيادياً حيال الإنقسام السياسي في لبنان، بحيث تحّولت إلى طرف تحرض اللبنانيين على بعضهم البعض سيّما التحريض على الطائفة الشيعية وتحميلها مسؤولية التعطيل، كما سيعلن السيد بحسب المصادر، بأنّ فرنسا فقدت دورها التي تطمح أن تلعبه في لبنان كراعٍ للحل والتسوية، وبالتالي سدّدت ضربة لمصالحها في لبنان.
اتصالات لاحتواء مواقف نصرالله
وكشفت مصادر خاصة أنّه وفور الإعلان عن إطلالة السيد نصرالله، تلقّت دوائر حزب الله اتصالات من قنوات دبلوماسية وسياسية عدة في محاولة لاحتواء وتهدئة الحزب وتخفيف سقف مواقف السيد نصرالله. وأفادت مصادر على صلة بالحوار الفرنسي مع حزب الله أنّ الاتصالات بين الفرنسيين والحزب توقفت منذ أيام ولم يرصد أي اتصال مؤخراً.
موقف عين التينة
وإذ اعتصمت عين التينة بالصمت معمّمة على نواب ومسؤولي حركة أمل عدم التعليق على كلام ماكرون، اكتفت مصادرها بالقول إنّ المبادرة الفرنسية واضحة ببنودها وتفاصيلها ويمكن لمن يريد إعادة قراءتها بتمعن لمعرفة من عطّلها وفخّخها. وبحسب مصادر “أحوال”، فإنّ قيادة حركة أمل ستصدر بياناً خلال الساعات القادمة تفنّد فيه مواقف الرئيس الفرنسي وتحدّد مواقفها من المرحلة المقبلة.
وأكدت مصادر ثنائي أمل وحزب الله لـ”أحوال” التمسك بالموقف من مسألة الحكومة، مضيفة: “لا رهانات الداخل ولا عقوبات الخارج ستؤثر على موقفنا”، مشيرة إلى “أنّنا مع حكومة الوحدة الوطنية السياسية أو حكومة تكنوسياسية، وإلا فلا حكومة على شاكلة تكنوقراط”، متوقعة أن تستمر حكومة الرئيس حسان دياب لفترة طويلة”.
الاتصالات الحكومية مجمدة
وأكدت مصادر مواكبة للملف الحكومي أنّ الإتصالات مجمدة ولم يتم رصد أي لقاء أو اتصال بين المعنيين بالتأليف”، مشيرة إلى أنّ “كافة القوى السياسية لازالت تحت تأثير صدمة اعتذار مصطفى أديب الذي غادر أمس بيروت عائداً إلى عمله في برلين كسفير لبنان في ألمانيا”. وشدّدت على أن “لا أحد من الأطراف السياسية يملك تصوراً للمرحلة المقبلة ولم تناقش مسألة الدعوة إلى الإستشارات النيابية الملزمة التي يتريث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالدعوة لها، ريثما يجري جولة مشاورت واسعة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورؤساء الكتل النيابية فضلاً عن الإتصالات مع الفرنسيين”.
إسقاط مؤامرة نادي “الرباعي”
وتوقفت مصادر في فريق المقاومة عند ربط الرئيس ماكرون ملف الحكومة بالانتخابات الأميركية، ما يؤكد على أنّ الولايات المتحدة هي المعرقلة لتأليف الحكومة، وإلا “لماذا حدد هذه المهلة ولم يحدد 15 يوماً؟” ولفتت المصادر لـ”أحوال” إلى أنّ فريق 14 آذار عطل ولادة الحكومة لأنّه يراهن على أن تفرز الانتخابات الأميركية والعقوبات الجديدة والإنهيار الاقتصادي توازناً قوىاً جديداً يسمح بتمرير حكومة تقصي حزب الله وحلفائه”.
وأكدت المصادر بأنّ الهدف الأساسي لحكومة نادي “الرباعي” كان إخراج حزب الله من المعادلة الحكومية نهائياً، كاشفة أن الخطة كانت إحراج الرئيس عون لدفعه إلى توقيع مرسوم حكومة أديب ورمي الكرة على المجلس النيابي، فإذا نالت الثقة يتحقق الهدف وإذا لم تنل فتتحوّل إلى حكومة تصريف أعمال حتى نهاية العهد، ويجري خلالها تهريب قرارات سياسية اقتصادية مالية لا تتوافق والمصلحة الوطنية تحت شعار تسيير الأعمال ومواجهة الأزمات، لذلك كان القرار بوأد المؤامرة في مهدها”.
محمد حمية