سياسة
أخر الأخبار

عود على بدء حكومي: سعد أم الفراغ؟

لا جديد في دوامة اللاإستقرار اللّبناني، الدخول من فراغ إلى آخر في وقت يتعاظم القلق لدى اللّبنانيين بعد أن لملم مصطفى أديب حقيبة الخيبة حاملاً معه خبرة في المتاهة السياسية اللّبنانية دامت ثلاثة أسابيع ليعود من فندقه البيروتي سفيراً إلى ألمانيا. لكن اللّعبة الحكومية لا تنتهي عند هذه النقطة من التعقيد والمبادرة الفرنسية لا تموت مع رحيل الشخص بل هي التزام من الإليزيه نحو الدولة والشعب، وهي صك قوّة إنقاذ لبنان أمام العالم، كما هي سعي حثيث لاستنهاض الاقتصاد اللّبناني وإطلاق ورشة إصلاحات.

وعليه ستتجرع باريس فعل “الخيانة” كما سمّته وتواصل اتصالاتها للملمة الشرذمة اللّبنانية من خلال توسيع اتصالاتها مع كلّ من إيران وروسيا والسعودية، كما يقول مصدر نيابي مطلع لـ”أحوال”.

الجدل الذي تمّ تحت عنوان طائفة حامل حقيبة المالية، لم يكن العائق الرئيسي للوصول إلى الولادة الوزارية، بل أسباب جوهرية حول قيادة المرحلة المقبلة ومحور العمل الحكومي وقيادة سفينة الإصلاح بما تحمله من أفخاخ كانت سبباً رئيسياً في تكثيف جهود العرقلة أمام أديب. وهذا ما لمّح إليه الصحافي الفرنسي الخبير بشؤون لبنان جورج مالبرونو بقوله “رئيس الوزراء مصطفى أديب يعتذر عن تشكيل حكومة تكنوقراط. رفض المعسكر الشيعي التخلّي عن تسمية وزرائه، إلّا أنّه لم يكن الوحيد، نكسة جدية تشهدها المبادرة الفرنسية”. وعليه وجد أنّ تبرؤ كلّ الأطراف من المسؤولية لا يعفيهم من هذا الفشل، فهم يتناحرون من منطلقات طائفية لتقاسم شركة مفلسة.

تفتح خطوة اعتذار السفير مصطفى أديب عن تشكيل الحكومة الجديدة باب الاحتمالات في المرحلة المقبلة. دستورياً يفترض أن يجري رئيس الجمهورية استشارات نيابية جديدة ملزمة لتكليف شخصية تشكيل الحكومة. لكنّ الرئيس ميشال عون سيتريث في الدعوة بحسب مصادر نيابية حتى تتبلور الأجواء السياسية والنيابية التي يجب أن تسبق الاستشارات النيابية الملزمة للتكليف.

وفي ظلّ التأزم الدولي والاهتراء المرشح للتفاقم أكثر فأكثر مالياً واقتصادياً وصحياً فإنّ الاحتمال الأقرب إلى الترجمة هو تنشيط حكومة تصريف الأعمال ووزاراتها الأساسية وهو الأمر الذي بدأ منذ فترة في اجتماعات تعقد في قصر بعبدا.

هناك جهات قررت خوض لعبة ضد فريق من اللّبنانيين وقبلت أن ينسحب مرشحها لرئاسة الحكومة لأنها لم تستطع السيطرة على كل شيء، كما تلمّح مصادر نيابية لافتةً إلى وجود خريطة طريق لاستثمار هذا الانهيار للانتقال إلى مرحلة أخرى من التجاذب والتشدّد في فرض الشروط مع تعاظم الضغوط الدولية”.

الحريري ولكن..

وتشي المعلومات أنّه بالنسبة لهذا الفريق فإنّ سعد الحريري يبقى المرشّح الأبرز لرئاسة الحكومة. وهو على الرغم من ترفعه الإعلاميّ عن المنصب لا يوفر جهداً في الترويج لنفسه لدى الفرنسيين لإقناع الأميركيين وبالتالي السعوديين لدعم عودته إلى الحكومة”. لكن السعودية حتى اليوم لا تتواصل مع سعد الحريري فيما تفتح الأبواب مواربة إلى طامحين آخرين لتولّي منصب رئاسة الحكومة، فيما تبلّغ المتصلين أنّ أي دعم سياسي أم مالي من جهتها ستحظى به حكومة ليس لحزب الله أي مشاركة فيها.

عودة الحريري لا يعارضها الجانب الفرنسي وهو معروف بعلاقته الوثيقة بساكن الإليزيه، ولا يعترض عليها الثنائي الشيعي وقد وعده رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ”لبن العصفور”، ويرى فيه حزب الله الممثل الأقوى للسنة في لبنان على الرغم من تراجع شعبيته. لكنّ الحريري يفتقد إلى الضوء الأخضر الذي يتطلع إليه من السعودية. وداخلياً يفرض الحريري شروطاً تتلخص على هذا النحو: تأليف أحادي يتولاه الحريري بنفسه للفريق الحكومي، والحصول على ضمانات خارجية بتسهيل عمل الحكومة لتنفيذ البرنامج الإصلاحي المنشود، وإغداق حكومته بالدعم المالي المطلوب لإنجاز المشاريع الإصلاحية الكبيرة كالماء والكهرباء والبنى التحتية.

لكنّ هذه الشروط تصطدم بمعارضة رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر الذي لا يجد في الحريري مواصفات تؤهله للإنتاجية وتنفيذ الإصلاحات.

سعد أم الفراغ، الفراغ أم سعد؟، تعود الأجواء السياسية في لبنان إلى المربّع الأول، بوجود طبقة سياسية تنتهك الأحلام بغد أفضل وتدمر أي مشروع صغير يحيي الآمال بعودة الدولة. وليس على اللّبنانيين سوى التطبيع مع الخيبة والفراغ وفترة مديدة من التجاذبات قبل حلول معجزة ما!

رانيا برو

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى