“عامل” تفتتح قاعة بإسم الراحل حسن عواضة في مركز المؤسسة في مشغرة
تكريماً لمسيرته النضالية وجهوده في العمل الإنساني والإصلاحي في لبنان، إفتتحت مؤسسة عامل الدولية قاعة إجتماعية أطلقت عليها اسم المرحوم الدكتور المحامي حسن عواضة، في مركز المرحوم مهدي عيدي الصحي – الاجتماعي – التنموي التابع للمؤسسة في بلدة مشغرة، بحضور السفيرة رابحة الريشوني عيدي الواهبة لمبنى المركز المذكور لصالح مؤسسة عامل والتي تقدم البرامج الصحية والإجتماعية والنفسية والتربوية لأبناء وسكان المنطقة من مختلف الفئات والجنسيات منذ أربعين عاماً.
وكان في استقبالهم الدكتور كامل مهنّا رئيس مؤسسة عامل الدولية وأعضاء الهيئة الإدارية في المؤسسة الدكتور ابراهيم بيضون والأستاذ أحمد عبود وفيرجيني لوفيفر ود.زينة مهنا، وفريق العمل في المركز.
حضر حفل الإفتتاح رئيس بلدية مشغرة المحامي جورج الدبس ونائبه المهندس عبدالله هدلا، والسيد ابراهيم منصور ممثلا النائب السابق ناصر نصرالله والشيخ محمد حمّادة، وأعضاء هيئة الرعاية للمركز.
الحضور جال بداية على أقسام المركز واطلع من مديرته راغدة يونس على البرامج التي يقوم بها، بعدها قصت السفيرة عيدي والدكتور مهنا والحضور شريط الإفتتاح للقاعة التي جُهّزت بكل المستلزمات والمعدات المطلوبة.
وقد ألقيت كلمات عدة في تكريم الراحل والإضاءة على مآثره في عدة مجالات، ودفاعه عن الحق والعدالة في وجه كل ظلم، حيث كانت مؤسسة عامل إحدى السبل التي ناضل من خلالها لبناء لبنان الذي حلم به وطمح لبنائه إلى جانب الدكتور كامل مهنا وباقي متطوعي مؤسسة عامل والقيمين عليها منذ أكثر من 40 عاماً.
الأستاذ أحمد عبود قدم الحفل وألقى كلمة الإفتتاح فقال: “وحدها العدالة مدى كرامة الإنسان تبقى وما من عدالة خارج المساواة والقانون وكرامة الإنسان”، وأضاف متوجهاً للراحل عواضة :” لقد جسدت أيها القاضي المناقبي النزيه المرحوم الدكتور حسن عواضة قيم العدالة والمساواة والقانون وكرامة الإنسان فاختارك الواجب فتصومعت عطاءاً أينع إيماناً بفرح من ورثوا لعنة الفقر فتحدوها بعزة النفس”.
رئيس بلدية مشغرة جورج الدبس قال: “نلتقي في هذا الصرح الإنساني الكبير في مؤسسة عامل التي كرست عملها وجهدها في خدمة الإنسان أينما وجد وبغض النظر عن جنسه وانتمائه لتوفر له الخدمات الصحية والإجتماعية والتربوية ومساعدته في تخطي الأزمات التي يمر بها الوطن”.
كلمة ممثل النائب السابق ناصر نصرالله ألقاها ابراهيم منصور الذي شكر الدكتور مهنا على تسمية القاعة باسم الدكتور عواضة وشكر للسفيرة عيدي كل ما قدمته وتقدمه لمشغرة والمنطقة.
بدوره الشيخ محمد حمادي عبر عن إعجابه بدور وأداء مؤسسة عامل وشمولية عملها الإنساني والإجتماعي والصحي والثقافي والتربوي وعن الراحل عواضة قال: “ونحن نتحدث عن عامل وأدائها الإنساني في كل لبنان يهمني أن أحيي روح المرحوم مهدي عيدي الذي يحمل المركز إسمه بشخص سعاد السفيرة عيدي على المساهمة والمسارعة في إنشاء المركز والذي سيبقى في خدمة كل الناس، ونحيي الجهود الطيبة التي قامت بها سعادة السفيرة والدكتور مهنا وكل العاملين، لأن خدمة الناس عبادة، وعامل تزيد إلى إنجازاتها الكبيرة إنجازا هاما وهو تسمية هذه القاعة باسم الراحل الدكتور حسن عواضة الذي يجتمع في صفاته وأخلاقه وكل مزاياه مع مزايا الذي قدم هذا المبنى ومع مزايا المؤسسة التي أدارته وهي خدمة الإنسان فكان رجل العلم والحقوق والإنسانية، وأضاف حماجة :”خدمة الإنسان والإنسانية والوقوف عند حاجات الآخرين والعمل الدائم لقضاء حوائج الآخرين والعمل الدؤوب والمستمر الذي يعد من أعمال المعروف هذه كلها تسجل عند الله وعند الإنسان”.
إبن الراحل عواضة المهندس أيمن عواضة تحدث بالمناسبة فقال :” ها نحن نحيي ذكرى الراحل عواضة في مسقط رأسه مشغرة، ولكن للأسف بعد كل هذا العمر نحن نعيش سنتين من أسوأ ما عرفناه في تاريخنا المعاصر في لبنان من انحطاط وظلامية ومآس، وكأن رحيل الوالد رحل معه فسوحات الأمل المتبقية، فكم نحن بحاجة اليوم لرجال ونساء من هذا الطين ينبذون التقوقع المذهبي ويسعون لعالم المساواة والعدالة الإجتماعية ويضعون الكفاءة والتربية والعلم قبل أي انتماء ويرفضون الأمر الواقع، الإنسانية والإنفتاح على الآخر كانتماء وحيد”، وشكر عواضة هذه الخطوة المميزة والتكريمية لوالده.
كذلك كانت كلمات لعدد من الشخصيات التي اعتذرت عن الحضور لأسباب خارجية ألقاها الأستاذ أحمد عبود، ومنها كلمة للأستاذ طلال سلمان جاء فيها :” لقد اجتهد في مكافحة الفساد، واستدعى إلى التحقيق الكثير ممن تحوم حولهم الشبهات، بينهم مديرون عامون ورجال سياسة نافذون، بل انه طارد الفساد في سفارات لبنان في الخارج التي كان أهل النفوذ يستعينون ببعض كبار موظفيها لتمرير صفقات تصدير واستيراد وأمور أخرى.. وله مواقف مشهودة مع العديد منهم في الخارج، ومع داعميهم في الداخل”.
أما كلمة الدكتور غسان حجار فجاء فيها: “وليكن الراحل مثالاً نقتدي به في مشغرة فنعيد اليها ألقها التي افتقدته، وللبنان الذي تحتاجُ إعادة بنائه الى قانون حسن عواضه، واخلاقه وانفتاحه على الحوار والتعدد وقبول الاخر، هو الذي كان يعتبر على الدوام أن النظام اللبناني الطائفي يحتاج الى إصلاح جذري، لأن لا إصلاح مع المحاصصة القائمة على الطوائف والمذاهب، وأن الخدمة العامة تقتضي منافسة شريفة غير متوافرة في ظل النظام الحالي الذي يحمي الفاسدين ويمنع منطق المحاسبة”.
الدكتور فواز طرابلسي جاء في كلمته :” قليلون يعرفون ان حسن عواضة عبّر عن تطلعات وآمال اعداد كبيرة من اللبنانيين عندما مثّل الحركة الوطنية اللبنانية في «ندوة الحوار الوطني» التي انعقدت في خريف ١٩٧٥ للبحث في افتتاح مسار للخروج من الاقتتال الاهلي. وهو من قدّم، الى جانب كمال جنبلاط، «البرنامج المرحلي للإصلاح الديمقراطي» باسم «الحركة الوطنية» وهي الشرعة التي دعت الى تجاوز نظام الطائفية السياسية واعتماد نظام مدني اختياري للأحوال الشخصية وانشاء مجلس شيوخ يُنتخَب من أبناء الطوائف مباشرة الى جانب مجلس نواب ينتخَب خارج القيد الطائفي على أساس لبنان دائرة واحدة وعلى قاعدة النسبية والقائمة المقفلة. ومع ان بعض عناصر هذا البرنامج شق طريقه، بدماء حرب أهلية قاتلة ومدمّرة، الى اتفاق الطائف والى دستور الجمهورية الثانية، الا انها لا تزال تنتظر التنفيذ، كما هو معروف”. وكذلك ألقى الشاعر عباس شرف قصائد من وحي المناسبة.
الدكتور كامل مهنا ألقى كلمة شكر فيها كل الداعمين والحاضرين وخصص السفيرة عيدي على حضورها ومشاركتها رغم كل الظروف المحيطة، وشكرها على المبنى الجديد التي قررت إضافته وإلحاقه بالمركز لتوسيع دوره الإنمائي والصحي والإجتماعي وتوسيع برامجه الإنسانية،
الدكتور مهنا تحدث عن بعض جوانب شخصية الراحل عواضة فقال :” حسن عواضة خاض تجربة رائدة كواحد من أبناء المناطق الطرفية، فلم يترك قريته إلا سعياً للعلم والمعرفة، وهو وإن عاد إلى منطقته في مرحلة أولى مدرساً ومديراً، إلا أن التدريس لم يشفِ ذلك رغبته الجامحة في أن يكون أكثر فائدة، فيلعب دوراً تأسيسياً في بناء وطن جديد ومتقدم يشبه ذاك الذي بناه الرئيس فؤاد شهاب الذي علم بشخصية راحلنا فاستعان بها واحتضنها وأدخلها في حساباته، لكن حسن عواضة بتقدمه العلمي وسعة معرفته وحضوره الجاد، دخل من باب القضاء الشريف، حتى وصل صوت عدالته إلى مسامع الجميع، صادقاً وملتزماً إعطاء الحق لأصحابه، ومستقلاً لا يعبأ باتصال زعيم ولا بثقل مسؤول، همُّه أن يرفع شأن المجتمع ويخلصه ممن يعيقون تقدمه، ويريحه من الجائرين في حكمهم، والفاسدين في وظائفهم، فكان حارس الأخلاق الحميدة والقانون ومصالح المواطنين والوطن. لا يهاب معركة مع نائب أو وزير أو زعيم سياسي. ولم يتنازل عن مبادئه قيد أنملة، هو الذي تربى منذ فتوته وشبابه على حب الوطن وسيادته وتغيير نظامه نحو الأفضل، بل تربى على الحرية، فكان خير مدافع عنها، لا سيما عندما وقف مع جريدة “السفير” عندما أرادوا التجاوز عليها، وتابع الدكتور مهنا:” كان حسن عواضة الإنسان والمرجع القضائي المشهود له في لبنان والعالم العربي وفرنسا، مفخرة لنا، وسوف يبقى، هو وأسرته وأبناء مشغرة التي نعتز بها وبأهلها، وسوف نعمل كل جهدنا ليكون “مركز مهدي عيدي”، الذي يبقى رمزاً لإحيائه وتأسيسه، نموذجاً للعطاء الذي يتسم به الراحل وأهل مشغرة”.
وختم مهنا واعداً بأن تبقى مؤسسة عامل إلى جانب أهلها في مشغرة وفي مختلف المناطق، وتحدث عن النشاطات والبرامج الإنسانية والصحية والإجتماعية التي قامت بها المؤسسة بعد انفجار مرفأ بيروت خاصة أنها طالت كل فئات المجتمع من كافة المناطق والأحياء.
كذلك استعرض مهنّا السياسات العامة التي تعمل مؤسسة عامل وفقها ومن خلالها قائلاً: “يجب أن نتعلم أن نقول نحن وليس الطائفة والمذهب والحزب، فعامل ترفع شعار التفكير الإيجابي والتفاؤل المستمر، لا نعمل إلا على ما يجمع، في لبنان كل الوقت نتحدث عن المشكلة وأحيانا نشخصها ولكن لا نفعل شيء، لذا شعار عامل هو ثلاث ميمات (مبدأ/ موقف/ ممارسة)، نقول ونعمل، وخارطة الطريق في عامل هو أن أي عمل إنساني لا يعمل في المناطق الشعبية فهو ليس بالعمل الإنساني فلا ديمقراطية بدون تنمية”.
وفي الختام قدم الدكتور مهنا دروعاً تقديرية لكل من السفيرة عيدي ونجلها المهندس رامي عيدي والمهندس أيمن عواضة واختتم اللقاء بحفل كوكتيل على شرف الحضور، كما قامت السفيرة عيدي والدكتور مهنا بزراعة شجرة أرز في حديقة المركز.