مجتمع

قطاع النّقل يعلن غضبه غدًا.. فهل تمتصّه الأوامر الحزبيّة؟

يمرّ لبنان بأزمة اقتصاديّة وماليّة هي الأسوأ في تاريخه، وكان من المتوقع أن تجعل من الاتّحادات والنّقابات محور الدّفاع عن حقوق العمّال والحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة للمجتمع، وحتى السياسيّة منها ووقود المطالب الإصلاحيّة، لكن هذه الاتّحادات التي تنضوي تحت لواء “الاتحاد العمّالي العام”، باتت محكومة بتوازناتها السّياسيّة الدّاخلية التي يمنع اختلالها أي اتجاه وحدوي في العمل النّقابي، ما يطرح تساؤلات لدى الرأي العام اللّبناني حول مدى فاعليّة ومصداقيّة الدّعوات الاحتجاجيّة والتّحركات التي لطالما دعت إليها، والتي سرعان ما كان يتم إلغاؤها بناء على وعود واهية. فماذا عن إضراب يوم غد وهل سيشكّل رافعة لاحتجاجات اللّبنانيين ومطالبهم؟

رئيس الاتّحاد العامّ لنقابات السّائقين وعمّال النّقل في لبنان مروان فيّاض، يؤكد لـ “أحوال” أنّ “يوم الخميس هو يوم تحرّك وغضب شامل وعامّ على جميع الأراضي اللّبنانية، ابتداءً من السّاعة السّادسة وحتى العاشرة صباحاً لشلّ حركة المرور، وسيكون هذا التّحرك عبارة عن وقفة تحذيريّة بوجه الحكومة التي وعدت القطاع بوعود كاذبة”.

ويوضح فيّاض أنّ “هذه الاحتجاجات ما هي إلا تعبير عن سخط السّائقين من واقع قطاع النّقل البري في ضوء الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها أسعار المشتقات النّفطية، والتي تحمّل السّائقين خسائر كبيرة لا تعوضها التّعرفة، فضلاً عن كلفة الصّيانة وأسعار قطع الغيار، وأيضاً للتّعبير عن امتعاضهم بسبب الاستخفاف بهم وبمطالبهم”.

ويشير إلى أنّ “العادة كانت أن يصدر جدول تركيب أسعار المشتقّات النّفطية مرة واحدة في الأسبوع بينما اليوم أصبح يصدر جدولين أسبوعياً، لا بل قد يصل إلى ثلاث جداول وفق تطوّر أسعار الدّولار وطلب التّجار، والمنطق يقول أنّ على الدّولة أن تلحق الشّعب وتحافظ على قدرته الشّرائية لا أن تلحق التّجار بما يقررونه دون الالتفات الى وجع النّاس”.

ويطالب فياض بتطبيق “الاتفاق الذي أعلن من قبل الوزراء المختصين، متسائلاً عن سبب عدم تطبيقه وتنفيذه؟ وإن كان لدى الدّولة نية لجرّ النّاس إلى الشّارع وتعطيل البلد؟”.

ويدعو فياض “كلّ اللّبنانيين إلى التّحرك، وأن يكونوا يداً واحدة بوجه الظّلم واللامسؤوليّة، لأنّ الوجع يصيب الجميع من سائقين وشعب وموظفين وعسكريين وعمّال”.

كما توجه إلى “الموظفين والطلاب وكل عمال لبنان بالاعتذار، لأنهم لن يتمكنوا من الوصول إلى عملهم يوم غد، مشيراً إلى أنّ هذا اليوم سيكون يوم لإجبار الحكومة على تنفيذ الاتفاق مع قطاع النّقل البري وعموم الشّعب اللّبناني”.

وعن “إمكانيّة اللّجوء إلى الحوار البنّاء كونه الوسيلة الوحيدة التي يجب اعتمادها في هذه الفترة الدّقيقة التي تمرّ فيها البلاد بعيداّ عن السّلبيّة والتّحركات التي لن تأتي بالحلول الناجعة” يجيب فياض “لم يعد لدينا ثقة بهذه الحكومة، أعطيناها فرصاً كثيرة، وألغينا العديد من التّحركات السّابقة، اليوم تغيّرت المعادلة، ومطالب السّائقين محقة ويجب متابعتها من جميع المسؤولين والمعنيين وإلا سنشعل الشّارع بعد الأعياد”.

فهل ستنجح الاتّحادات النّقابية بالضّغط على الحكومة هذه المرّة؟

من جهته، يوضح المحامي علي عباس من المرصد الشّعبي لمحاربة الفساد أن “الأحزاب والقوى السياسيّة هي المسيطرة على معظم الاتّحادات والنّقابات في لبنان باستثناء قلّة قليلة مستقلة فعلياً وتطالب بالحقوق بعيداً عن الاملاءات الطائفيّة والحزبيّة”.

ويضيف أن “العديد من النّقابات التي نسمع بها هي ليست نقابات عماليّة بالمعنى الفعلي للكلمة، بل هي عبارة عن هيئات قطاعية أسست أصلاً لتأمين مصالح المنضوين تحتها وحماية مكتسباتهم الاقتصادية، ما يعني أن هؤلاء الذين يدعون للتحركات الشعبية كل فترة لن يتظاهروا ضد أنفسهم، وما يتمّ التّنظيم له من تحركات واحتجاجات ما هي إلا طريقة ملتوية ومحاولة لإظهار تضامنهم وتعاطفهم مع الشّعب الموجوع، ولكن فعلياً يتلقون الأوامر بشكل مفاجىء سواء للتّحرك او لوقفه أو إلغائه، وبالتّالي هم يعطون أماناً كاذباً للمواطنين والهدف من كل ما يدعون إليه هو امتصاص الغضب الشّعبي ومحاولة سرقة أي تحرّك منظّم من قبل الاشخاص الغير محسوبين على هذه الطّبقة السّياسية الفاسدة”.

ناديا الحلاق

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى