“إيعال” السنّية في قضاء زغرتا تناشد إنقاذ أوقاف “بربر آغا”
هل يجوز بيع الأوقاف الإسلامية أو المسيحية أو في أية ديانة أخرى؟ سؤال يطرحه في هذه الآونة سكان بلدة إيعال في قضاء زغرتا (وهم بمجملهم من الطائفة الإسلامية السنية)، على المراجع الدينية والسياسية والدوائر المعنية في الدولة اللبنانية، إبتداء من وزارة الثقافة وصولاً إلى آخر مكتب معني بالحفاظ على الثروة الثقافية والتاريخية في بلد يتألف من ثمانية عشر طائفة، كلٌ منها لها أعرافها وعهودها وقوانينها الدينية، وأبرزها الحفاظ على ممتلكاتها التي تضم المساجد والكنائس ومختلف دور العبادة!
بلدة إيعال التي يقطنها أكثر من ألف نسمة تتوسط قضاء زغرتا – الزاوية، المسيحي بغالبيته، كانت مميزة خلال الحرب والصراعات التي شهدها لبنان من خلال العيش المشترك الذي لفها مع محيطها بدون تسجيل أي حادث خارج عن المألوف، وذلك بفضل وعي القيادات في القضاء لأهمية ذلك العيش المكّرس بالنسبة للبلدة منذ مطلع القرن التاسع عشر حين أنشأها الوالي المعروف بسطوته وبأسه وعدالته بربر آغا في تلك المنطقة التي ترتفع عن سطح البحر أقل من ثلاثمئة متر وعلى مساحة 2.89 كيلومتراً مربعاً، لتكون مشرفة على مدينة طرابلس وتتصل بها بدهاليز كما يروي بعض العارفين.
بربر آغا، هو مصطفى بربر أغا ابن حسن القرق من طرابلس ولد سنة 1767، وعلى بعد حوالى خمسة كيلومترات شرق مدينة زغرتا، وعلى يمين الطريق المؤدية الى بلدة مزيارة أقام قلعته الاثرية سنة 1818، على مساحة تمتد الى حدود الـ 8455 مترًا مربعًا في العقار 740 في منطقة ايعال. ووفق الصحيفة العقارية، فقد كُتِب تحت عنوان أسماء المالكين: وقف مصطفى آغا بربر/ ذري، خيري، يعود الى ذرية الواقف وفق شروط الوقفية المدونة في الحجة المؤرخة في 25 جمادي الآخر السنة 1231هـ،ـ أي قبيل وفاة بربر في 28 نيسان 1835 ميلادية”. وقد توارثت ذرية مصطفى بربر آغا هذه الأملاك منذ ذلك الزمان.
ومنذ فترة وجيزة صدر قرار عن رئيس دائرة التنفيذ في زغرتا انطونيوس الحايك، وبناء على قرار الحكم الصادر عن القاضي المنفرد في محكمة التمييز رقم ٤/١٩٩٧ القاضي ببيع وقف بربر آغا في ايعال بالمزاد العلني بتاريخ ١٥/١٢/٢٠٢١ والمنفذان هما “محمد نبيل فتال” و”عبدالرؤوف العرجة” كونهما متوليين عن وقف مصطفى آغا بربر. الأمر الذي أثار أهل البلدة والمرجعيات الدينية الإسلامية، لأن تلك الأملاك وعدا عن كونها وقفاً لا يجوز بيعه فإنها تضم القلعة الأثرية ومسجداً في جوارها.
موقع “أحوال” تواصل مع مختار بلدة إيعال محمد ضناوي، الذي إعتبر أن ما صدر من قرارات هو إجتهاد مغلوط، وبيع الأوقاف خطأ عدا عن كونه مرفوضاً من قبل أبناء البلدة والمرجعيات الدينية إبتداء من سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والقائم باعمال مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام. وأضاف: “إن من يقوم بهذا العمل لا يبغي سوى الربح المادي حيث أنه سيستفيد بنسبة إثنين ونصف بالمئة من قيمة المبيعات له ونسبة مماثلة لمحاميه”. وإذا كانت الدولة تنفذ قانوناً أعوج فنحن على ثقة أن القيادات في زغرتا ستقف إلى جانب مصالح اهالي البلدة الذين لا ينسون الوقفات الوطنية التي وقفها الرئيسان الراحلان سليمان فرنجية ورينه معوض والنائب الراحل الأب سمعان الدويهي ومختلف القيادات الأخرى إبان الأحداث التي عصفت بلبنان منذ العام 1975. أما إذا لم تأخذ الدولة كل ذلك بعين الإعتبار فمعنى ذلك أننا مقبلون على مشكلة كبيرة، سيقف بوجهها رئيس وأعضاء البلدية وجميع فاعليات البلدة، وبخاصة إذا تم شراء الأرض من قبل أشخاص ليسوا من أبناء البلدة أو من محيطها.
ورفضاً للأمر أطلق نشطاء البلدة حملة عبر وسائل التواصل الإجتماعي لوقف أي عملية للبيع تحت شعار:” # أقفوا بيع وقف_إيعال” بالمزاد العلني”.
مرسال الترس