منوعات

“المستقبل” وريفي.. صراعُ اللاعودة

تكفي إطلالة سريعة على ردود فعل مسؤولين وكوادر في تيّار المستقبل، عبر وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الإجتماعي، لتلمّس تداعيات الكلام الأخير الذي أطلقه الوزير السّابق أشرف ريفي بحقّ التيّار الأزرق وقيادته، وتحميله مسؤولية الفشل في حماية البلد، وأنّه السّبب في الضعف الذي أصاب الطّائفة السنّية، وصولاً إلى حدّ اعتباره أنّ تيّار المستقبل لم يعد موجوداً.

ففي مقابلة أجراها معه موقع “جسور” في 29 تشرين الأوّل / إكتوبر الماضي، أطلق ريفي مواقف عنيفة وغير مسبوقة في وجه قيادة تيّار المستقبل، والرئيس سعد الحريري بالإسم، عندما اتهمه بأنّه “يتحمّل المسؤولية الكبرى في ضعف واستضعاف الطّائفة، إن بصفة التيّار الممثل الوحيد للطّائفة كما كان سابقاً، أو الممثل الأكبر فيها حالياً”، معتبراً أنّ هذه القيادة “لم تكن على مستوى مسؤولية حماية طائفتها”.

ريفي لم يكتفِ بذلك في المقابلة، بل ذهب إلى حدّ تنبؤه بأنّ “تيّار المستقبل بقيادته الحالية قد انتهى”، نافياً بالمقابل إنتهاء “الحريرية السيّاسية” المتمثلة بالرئيس رفيق الحريري، التي “نحن الذين نحضنها فعلياًّ، وهي موجودة في ضمير السنّة واللبنانيين الأحرار”، ومتهماً الحريري الإبن بأنّه “لم يحمِ البلد، وأنّ دماء النّاس قد استبيحت”، ورافضاً “التسوية الرئاسية” التي هي برأيه “صفقة فساد” ركّبها الوزير جبران باسيل ومستشار الحريري نادر الحريري، حيث “استفاد منها مقرّبون من الحريري مثل النائب نهاد المشنوق وغيره، وكذلك مقرّبون من باسيل”.

وبرغم أنّ انتقاد ريفي للمستقبل والحريري ليس الأوّل من نوعه، وهو بدأ يأخذ شكلاً تصاعدياً منذ استقالته من حكومة الرئيس تمّام سلام في 21 شباط / فبراير 2016 بسبب “موافقة الحريري وتيّاره الضمنيّة هيمنة حزب الله على الدّولة”، كما قال حينها، لكنّه كان الأوّل بهذه الحدّة، ما دفع منسق الإعلام في التيّار الأزرق عبد السّلام موسى إلى اتهام ريفي بأنّه “تمادى في الإنحراف السّياسي ليعلن تمنياته بانتهاء قيادة تيّار المستقبل، منصباً نفسه خليفة الحريرية السّياسيّة”، مشيراً إلى أنّ هذا “أمرٌ يستدعي مطالبة ريفي الكفّ عن التطاول على القيادة التي صنعت منه لواءً ووزيراً، وأعطته حيثية الوجود في الحياة العامّة”، ومعتبراً أنّه “من المفيد لريفي، من باب النصيحة، ألّا يعوّل كثيراً على تحالفات لخرق البيئة الطرابلسية. فمن حقه أن يعلن اللجوء السياسي لمحور الغدر بتيار المستقبل، ولكن لن يكون في استطاعته أن ينهل من نبع الحريرية قطرة واحدة”.

إرتفاع حدّة السّجال بين المستقبل وريفي إلى هذه الدرجة، وسط أجواء توحي بأنّه سيأخذ أشكالاً تصاعدية في المرحلة المقبلة، ردّته مصادر سياسية مطلعة إلى سببين: الأوّل أنّ ريفي بات يُشكل بنظر المستقبل تهديداً فعلياً في الإنتخابات النّيابية المقبلة، بعدما نال في الإنتخابات الماضية قرابة 6 آلاف صوت تفضيلي، وأنّ نواباً وكوادر وشخصيات تدور في فلك تيّار المستقبل في طرابلس والشّمال، تدهورت علاقاتها مع القيادة الزرقاء مؤخّراً، بدأت تقيم إتصالات جانبية مع ريفي بهدف التحالف الإنتخابي معه، من بينهم النوّاب سامي فتفت في الضنّية والنائبين محمد سليمان وطارق المرعبي في عكّار، بعدما لوح لهم المستقبل باحتمال إستبعادهم عن لوائحه في دورة الإنتخابات المقبلة، ما أثار قلق بيت الوسط من احتمال تشكيل هكذا تحالف إنتخابي في الدائرتين الأولى والثّانية في الشّمال، وهو تحالف سينعكس سلباً على تيّار المستقبل دون سواه، وانقسام قاعدته الإنتخابية بين مرشحين ولوائح عدّة، ما سيسمح لخصوم التيّار بالفوز بمقاعد نيابية عديدة على حساب تراجعه.

أمّا السبب الثاني لاحتدام السّجال بين المستقبل وريفي فهو، بحسب المصادر السّياسية، “الكلام” عن تنسيق وتواصل بين ريفي وبهاء الحريري، شقيق الرئيس الحريري، وما قيل عن أنّ بهاء الحريري سيُموّل حملة ريفي وحلفائه في الإنتخابات المقبلة، سواء في طرابلس والشّمال أو في كلّ لبنان، وهو أمرٌ سيؤدّي في حال حصوله، وفي ظلّ أزمة الرئيس الحريري وتيّاره المالية، فضلاً عن السياسية وتراجعه شعبياً، إلى استمالة تحالف بهاء الحريري ـ ريفي فئات واسعة من قاعدة تيّار المستقبل، من بينها شخصات سياسية وشعبية لها وزنها كانت إبتعدت عن واجهة العمل السّياسي والشّأن العام بسبب خصوماتها وعدم رضاها عن أداء القيادة الحالية للأزرق، في مختلف القضايا، سواء كانت تنظيمة أم سياسية وإقتصادية، وأن يحصد تحالف بهاء الحريري ـ ريفي مقاعد نيابية من حصّة التيّار دون سواه.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى