منوعات

هل يشمل “سيناريو” التصعيد اللبنانيين في الخليج؟

مصدر اقتصادي يُحذّر: كارثة اقتصادية كبيرة

في خضمّ الأزمة السعودي – الخليجية مع لبنان، أثارت المعلومات المتداوَلة حول قرار بترحيل اللبنانيين العاملين في الخليج، بلبلة وضجة واسعة في لبنان وصلت أصداؤها إلى المقيمين في الخارج، لما يشكّله من ضربة اقتصادية كبيرة لن يقوى لبنان على تحمّلها في ظلّ الأوضاع المتردّية التي يواجهها.

وفور شيوع الخبر، انشغلت الدوائر الحكومية بالتحقّق من صحته، فيما بادر العديد من اللبنانيين في الخليج لسؤال ذويهم في بيروت عن حقيقة الأمر. وعلى الرغم من نفي مصادر خليجية غير رسمية، وكذلك مصادر حكومية ووزارتَي الخارجية والعمل في لبنان، لكن لم يخرج موقف رسمي خليجي بالنفي، ما يحمل أكثر من علامة استفهام حول دقّة الخبر ومصدره والهدف منه؟

قد يكون مصدر الخبر جهات سياسية لبنانية مخاصمة لـ”حزب الله” وللحكومة للفت نظر السعودية للإقدام على هذا الإجراء لمزيد من الضغط على الحزب وإحراج الحكومة ورئيسَي الجمهورية والحكومة، وقد يكون مقصود من السعودية لرفع السقف التفاوضي مع لبنان وإيران لمزيد من الضغط لتحقيق الشروط.

“ما في دخان من دون نار”، بحسب تعبير مصادر سياسية التي تشير لـ”أحوال” إلى أن “تسريب الخبر قد يكون مقصوداً كتحضير إعلامي نفسي سياسي لهذ الخطوة، وتحمل في طياتها رسالة بأن المملكة قد تصل الى هذا السقف العالي في حال لم تمتثل الحكومة اللبنانية لسلة الشروط، وعلى رأسها إقالة وزير الاعلام جورج قرداحي”، لا سيما وأن المعلومات الآتية من بعض العائلات في الخليج تحمل بوادر تحضير إجراءات سعودية أكثر إيلاماً، وقد بادرت بعض الشركات الخليجية إلى إبلاغ بعض الموظفين تسريحهم من العمل، فيما أفادت مصادر “أحوال” عن ضغوط وابتزاز يتعرض لها بعض العمال كتخفيض رواتبهم واحتجاز تعويضات آخرين بحجة أن الشركة لا تملك الأموال الكافية، ويجري مفاوضتهم على منحهم نصف التعويض فقط.

وفي هذا السياق، تكشف مصادر مطّلعة لموقعنا عن سيناريو يقضي برفع سقف الإجراءات تدريجياً ضد لبنان حتى المسّ بالعاملين في الخليج، والهدف تأليب البيئة الحاضنة على “حزب الله”، أكان الشيعية أو من طوائف أخرى، بعد تحميل الحزب مسؤولية طردهم بسبب مواقفه العدائية من الخليج وتدخّله في اليمن ومعارضة السياسات السعودية في لبنان.

في المقابل، أكد مرجع اقتصادي لـ”أحوال” أن “المؤسسات الاقتصادية اللبنانية لم تتبلغ أي قرار رسمي خليجي بهذا الصدد”، موضحاً أن “الإجراءات اقتصرت على سحب السفراء وقطع العلاقات الديبلوماسية ووقف التعامل التجاري بين القطاع الخاص بين لبنان والسعودية والبحرين وليس كافة دول الخليج، وهذا ما ترك خسائر فادحة على القطاع الصناعي والزراعي والدورة الاقتصادية برمتها”.

وأوضح المصدر أن “الاجراءات لم تطال وقف الرحلات الجوية والتحويلات المالية ولا العاملين في الخليج”، مطالبًا الحكومة بالتحرك قبل لجوء السعودية الى هذه القرارات التي تشكل الضربة الأخيرة على رأس الاقتصاد، سيما وأن العائدات المالية من المغتربين في العالم تبلغ 7 مليار دولار سنوياً، يشكل الخليج منها 2 إلى 3 مليار دولار، وحرمان لبنان هذا المبلغ سيؤدي إلى نقصٍ في الكتلة النقدية بالدولار، وبالتالي ارتفاع سعره في السوق السوداء، فضلاً عن ارتفاع نسبة الفقر والمجاعة لدى العائلات اللبنانية التي يعتمد الكثير منها على الدولار الاغترابي “الفريش”، ما سيؤدي الى انكماش اقتصادي هائل وخلل قاتل في الدورة الاقتصادية، فضلاً عن إقفال الكثير من المؤسسات التجارية والخدماتية والسياحية التي تعتمد على دولار الاغتراب، ما سيدفعها الى تسريح آلاف الموظفين عدا عن الضغط الاقتصادي بعد عودة آلاف اللبنانيين إلى لبنان في ظل أزمة البطالة”.

فهل تذهب المملكة بعيداً في تصعيدها الى حد طرد اللبنانيين في الخليج؟

فيما كشفت مصادر اعلامية بأن الرياض أبلغت لبنان عن بدء ترحيل جزء من اللبنانيين لديها في حال فشلت مهمة مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية في بيروت، تنفي أوساط لبنانية مقربة من السعودية توجه الخليج إلى هذا السقف، موضحة لـ”أحوال” أن “قرار كبير بهذا الحجم لا يتخذ بهذه السرعة”، مضيفة: “إذا كان هناك جملة اجراءات خليجية مقبلة، فيكون بشكل تصاعدي”.

في المقابل يواجه هذا القرار بحسب مطلعون، جملة موانع:

– ضغط الرأي العام العالمي ومنظمات حقوق الانسان

– خروج السعودية والخليج بشكل كامل من لبنان وتشريعه لقوى اقليمية ودولية أخرى كفرنسا وايران وتركيا وقطر

– قد لا تجاري دول خليجية أخرى قرار المملكة لاختلاف المصالح والحسابات السياسية والاقتصادية بينها الخط الأحمر الذي رسمه الأميركيون والفرنسيون حول الاستقرار في لبنان قد يلجم الإندفاعة السعودية

– إن القوى اللبنانية العاملة في الخليج تتمتّع بكفاءة عالية جداً وهي ركيزة إدارة كبرى الشركات الخليجية والاجنبية، ولديها خبرة تتجاوز عشرات السنين وقد لا يمكن الاستغناء عن اللبنانيين في الخليج بهذه السهولة في ظل ارتفاع كلفة اليد العاملة الأجنبية. وتصف بعض المصادر الخليجية اليد العاملة اللبنانية بـ”دماغ” و”دينامو” الكثير من الشركات، فلا تكاد شركة تخلو من لبنانيين.

لكن أستاذ العلوم الاجتماعية والباحث السياسي، د. طلال عتريسي، لا يستبعد أن تذهب المملكة بعيداً في مواجهة لبنان “الى حد ممارسة أقصى الضغوط، فلا خطوط حمر على طرد اللبنانيين، لكن هذا يعود لمدى حاجة الاقتصاد السعودي لهم وتوزيعهم الطائفي والسياسي”.

ويلفت عتريسي في حديث لـ”أحوال” إلى أن “ذلك سيزيد من وتيرة الإنهيار الاقتصادي وتضرر قسم كبير من العائلات التي تعتمد على أموال المغتربين”، مرجحًا إبقاء اللبنانيين مؤقتاً مع منعهم من تحويل الاموال الى لبنان، ما يحقق للسعودية الإستفادة من العاملين في اقتصادها وثانياً صرف الأموال في الدول الخليجية المقيمين فيها، مقابل حرمان لبنان من نسبة الدولارات التي تسعفه في ازمته الفادحة، لكن ما يخفف حدة التداعيات هو وجود قسم كبير من اللبنانيين والشيعية تحديداً في أوروبا وكندا واميركا واستراليا وافريقيا”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى