منوعات

سلامة لن يمثُل أمام القاضية عون اليوم.. وهدد “ببق البحصة”!

مصدر مطلع: ميقاتي يقود مسعى لتأمين مخرج آمن لحماية "الحاكم" والمصارف

لم يخرج مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة بقرار موحد وحاسم حول النزاع القضائي – المصرفي، بل رمى كرة النار في ملعب وزير العدل هنري الخوري الذي رفض طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استدعاء أركان القضاء الى الجلسة لانتزاع توقيعهم على “حكم” السلطة السياسية وقرارها بحماية المصارف من نار القضاء وقراراته وأحكامه الأخيرة، التي وللمرة الأولى تجرأت على استدعاء أصحاب مصارف والحجز على أموال وأصول وممتلكات مصارف، وإجبارها بقوة القانون على دفع وديعة مصرفية لصاحبها، فضلا عن قرار توقيف شقيق حاكم مصرف لبنان رجا سلامة واستدعاء “الحاكم” نفسه للتحقيق اليوم أمام النائبة العامة الاستئنافية القاضية غادة عون، والتي تشير مصادرها لـ”أحوال” الى أنها مصرة على استدعاء الحاكم وتوقيفه في حال ثبُت تورطه بالجرائم المالية المنسوبة اليه، وذلك بعدما اعترف شقيقه رجا بحسب التحقيقات معه، بإجراء عمليات مالية تندرج في اطار استغلال السلطة والإثراء غير المشروع.

فهل يمثُل سلامة اليوم؟ وهل ينتهي التحقيق معه بتوقيفه إن حضر؟ وما هي الخطوة المقبلة التي ستقدم عليها القاضية عون في هذه الحال؟

مصادر مطلعة استبعدت عبر “أحوال” مثول الحاكم الى جلسة الاستجواب اليوم، خوفاً من توقيفه على غرار ما حصل مع شقيقه، كاشفة أن سلامة هدد “ببق البحصة” وأبلغ جهات معنية بأنه في حال استمرت القاضية عون بملاحقته وبتوقيف شقيقه ومحاكمته، فإنه سيبق البحصة ويكشف الحقائق كاملة وكل ما حصل خلال فترة وجوده في “الحاكمية”، وماذا طلبت منه السلطة السياسية في الحكومة والمجلس النيابي ووزارة المال من قرارات مالية ونقدية ومصرفية، لا سيما سياسة دعم الكهرباء والمحروقات والمواد الغذائية والقروض وتثبيت سعر صرف الليرة على 1500 ليرة وسياسة الحكومات المتعاقبة بالاستدانة من الدولة، وسيبرز كل المستندات التي تبرئه من التهم المنسوبة اليه وتحميل الحكومات المتعاقبة المسؤولية.

لذلك أخذت بعض المراجع السياسية تهديد سلامة على محمل الجد، وسارعت الى تكثيف الاجتماعات والاتصالات لتطويق ذيول وتداعيات قرارات القضاء ضد المصارف ووقف ملاحقة سلامة وإخلاء سبيل شقيقه، عبر تدخل السلطة السياسية الممثلة بمجلس الوزراء على وجه السرعة لمعالجة الأزمة قبل تفاقمها، فضغط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال اللقاء الرئاسي في بعبدا الذي خصص لبحث ملف ترسيم الحدود، لعقد جلسة لمجلس الوزراء في بعبدا لبحث ملف المصارف، لكن رئيس الجمهورية ميشال عون رفض عقد الجلسة في القصر الجمهوري لكي لا تُحمّل بعبدا مسؤولية حماية المصارف وعرقلة المسار القضائي لاستعادة ودائع المواطنين والمال العام.

ونجح ميقاتي بإقناع عون والرئيس نبيه بري بعد الجلسة تحت ضغط التهديد بتداعيات قرارات القاضية عون على قطاع المصارف وعلى الوضع الاقتصادي والنقدي العام، لذلك حاول ميقاتي خلال الجلسة الحكومية الأخيرة تأمين توافق حكومي على إجراءات حكومية ووزارية عاجلة عبر وزير العدل، بإجبار رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات على كف يد القاضية عون ووقف تنفيذ قراراتها بحق المصارف وتجميد ملاحقة رياض سلامة، ومن جهة ثانية اصدار تشريعات عبر مجلس النواب لتنظيم النزاع بين المصارف وأصحاب الودائع عبر إقرار “الكابيتال كونترول”، إلا أن ميقاتي فشل بتأمين هذا التوافق في مجلس الوزراء، فتم رمي المسؤولية الى وزير العدل.

وانقسمت مواقف الوزراء خلال الجلسة الى ثلاثة اتجاهات بحسب مصادر “أحوال”:

الأول يمثله رئيس الحكومة الذي رفض المعالجة القضائية لحل الأزمة المصرفية وأزمة الودائع، الأمر الذي يفاقم الأزمة بدل حلها، ودعا الحكومة والمجلس النيابي الى وضع اليد على هذا الملف وأن يأخذ مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة التمييزية دورهما في ضبط أداء القضاة وقراراتهم التي تساهم بتعقيد الأمر لا حله.

أما الاتجاه الثاني فمثله فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر الذين ومع وزراء حزب الله أيدوا القاضية عون وقراراتها وضرورة دعمها لاستعادة ودائع الناس وكشف الحقائق بشان اختلاس المال العام والاثراء غير المشروع”.

أما الاتجاه الثالث فمثله وزراء حركة أمل والحزب الديموقراطي وتيار المردة الذين دعوا الى حل يوازن بين استعادة أموال الناس وعدم اتخاذ خطوات وقرارات تهدد استقرار النظام المصرفي والأمن الاقتصادي والاجتماعي، ما يأخذ البلاد الى فوضى نقدية اجتماعية سيدفع المواطن والبلد ثمنها”.

ولفت مصدر مطلع على الملف لـ”أحوال” إلى أن “المشاورات السياسية تتركز على تأمين مخرج آمن لحاكم مصرف لبنان وحمايته من الملاحقات القضائية، عبر الضغط على القاضية عون لكف يدها، لاعتبار أن ملاحقة الحاكم أو توقيفه في هذه الظروف سيؤدي الى فوضى مالية نقدية غير مسبوقة، ستوازيها فوضى في قطاع المصارف ما سيؤدي الى اقفال المصارف وارتفاع سعر صرف الدولار على غرار ما حصل بعد أحداث 17 تشرين 2019، ما يطيح بالانتخابات النيابية، لذلك استقر الرأي على ضبط المعركة القضائية – المصرفية تحت سقف سياسي لتمرير المرحلة الحالية بأقل الخسائر، على أن يتم تحضير البديل لحاكم مصرف لبنان بعد الانتخابات النيابية وتشكيل حكومة جديدة”.

فورقة “الحاكم” بحسب المصدر احترقت واشتد الطوق على عنقه وبات مطوقا بقرارات قضائية محكمة واتهامات مثبتة واعترافات من “ذوي القربى” ويعد الآن فارًا من وجه العدالة، هذا عدا الدعاوى القضائية الصادرة بحقه في أكثر من دولة أوروبية، وبمعزل عن قرار منعه من السفر خارج لبنان، لكنه معرض للتوقيف بحال سافر الى أحد الدول الأوروبية المرفوع فيها دعوى ضده.

لكن المصدر يتوقع “العمر السياسي المديد” لسلامة في منصبه حتى نضوج ظروف اقالته. إلا أن أجواء القاضية عون تؤكد مضيها بملاحقة المصارف وسلامة حتى توقيفه، وإن لم يحضر فستعيد الطلب من الأجهزة الأمنية إحضاره بالقوة، إلا أن ميقاتي بحسب المعلومات طلب من القاضي عويدات عدم الادعاء على سلامة وتوقيفه كون عويدات يحق له ذلك.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى