منوعات
أخر الأخبار

فضيحة “فنسن”… إتجار بالبشر وآلية تدمير الدول النامية

بعد “أوراق الجنة” أو التسريبات الضخمة للوثائق المالية التي تتعلّق بعالم التمويل الخارجي عام 2017 و”أوراق بنما” عام 2016 و “سويس ليكس” عام  2015 و”ليوكسل ليكس” عام  2014، خرجت إلى العلن الإثنين تسريبات فنسن، لتسلّط الضوء من جديد على فساد النظام المصرفي العالمي. فماذا يقول أهل الاختصاص؟

فنسن….  دليل على غياب الرقابة

يعتبر الباحث في الشؤون الاقتصادية والمالية د. محمود جباعي أنَّ وثائق “فنسن” المسرّبة تُظهر سبب معاناة الدول النامية من الفقر المستمر وغياب المنهجية بالتعاطي الاقتصادي معها، ويرى أنَّ هذه الدول هي على شفير الموت والإذلال الدائم بسب غياب الرقابة بشكل فعّال من قبل المجتمع الدولي على هذه العمليات الإجرامية المالية، التي فعلياً دمّرت الدول النامية من كلّ النواحي اقتصادياً واجتماعياً، بل وأثّرت على الأمن الاجتماعي والغذائي فيها، مرجحاً سبب المجاعات التي تنتشر فيها الى هذه الأعمال اللصوصية، مردفاً أنَّ المصارف العالمية لم تكن تأبه كون هذه الأموال هي ثروات وخيرات مسروقة من الدول النامية، وهي بأغلبها أموال عصابات المخدرات والإتجار بالبشر وبيع الأعضاء.

ويصف جباعي العالم بأنّه عبارة عن غابةٌ لا تحكمها أيّة ضوابط، “فالوثائق تظهر أنَّ الدول النامية تُنهب وتحوّل ثرواتها إلى هذه المصارف العالمية، التي تستخدمها بعملياتٍ استثمارية في الدول الكبرى. ويرى د. جباعي أنّه بعد هذه الفضيحة يجب على الدول، التي أظهرت التسريبات حصول هذه العمليات الجرمية فيها، أن تتدخّل بل يجب أن يُقّر قانونٌ دوليٌ يتابع هذه الأموال ويحجر عليها بالمصارف، كي تستطيع الدول النامية المنهوبة استعادة بعض خيراتها، وتنعم شعوبها بشيءٍ من الأمن الاجتماعي الذي انفقد، مستدركاً أنَّ شبكة “فنسن” صرّحت أنَّ الولايات المتحدة الأميركية ليس لديها السلطة لفرض الرقابة على هذه العمليات المالية، لافتاً أنَّ أي قانونٍ رقابيٍ من هذا النوع سيؤثر أصلاً على الاقتصاد الأميركي الذي يستفيد من هذه الأموال التي يدخل جزءٌ منها في الاستثمار فيه، “لذلك يُغضّ النظر عن هذه التحويلات من أميركا وأوروبا كونها عبارة عن  كمّ هائل من الأموال التي تدخل بالاستثمارات في دولها”، بمعنى أخر تتمتع دول عالم الشمال (المتقدمة) بالثروات المنهوبة لدول عالم الجنوب (النامية) غير آبهةٍ بالانعكاسات الخطيرة على شعوبها.

ما هي فنسن؟

“فنسن” هي شبكة تحقيق في الجرائم المالية الأميركية وهي عبارة عن عاملين في وزارة الخزنة الأميركية، هدفهم مكافحة الجرائم المالية كتبييض الأموال مثلاً، حيث يتم إرسال كل المعاملات المالية (بالدولار) التي تحوم حولها شبهات إلى هذه الشبكة حتى لو كانت المعاملات خارج أراضي الولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة إلى “SAR” أو تقارير الأنشطة المشبوهة، حيث يُطلب من المصارف إعداد تقاريرٍ بحال تمّ الإشتباه بمعاملات أحد عملائهم وإرسالها الى السلطات للتحقيق. ولا تعني هذه التقارير بالضرورة ارتكاب مخالفةٍ أو جريمة، وتُعد وثائق “فنسن” من أكبر أسرار النظام المصرفي العالمي وهي تخضع لحراسةٍ مشددة.

ماذا كشفت الوثائق المسربة؟

تتكوّن ملفات “فنسن” المسرّبة من 2500 وثيقة، أغلبها ملفات كانت قد أرسلتها المصارف إلى السلطات الأميركية بين عامي 2017 و2020، وقد قام مئات الصحافيين بدراسة الوثائق والتحقيق بها وكشفوا عن بعض الأنشطة التي تفضّل المصارف أن تبقى بعيدة عن أعين الجمهور.

وتكشف الوثائق عن معاملاتٍ مشبوهة بقيمة 2 تريليون دولار من صفقاتٍ سرية وغسيل أموال وجرائم مالية، سمحت المصارف بنقلها إلى جميع أنحاء العالم. وكشف التحقيق الذي أجراه موقع “بازفيد ” (BuzzFeed) والاتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية (ICIJ) بمشاركة 108 مؤسسة إعلامية من 88 دولة، أنَّه تمّ السطو على أرباح حروب عصابات المخدرات الدامية، والثروات المنهوبة من الدول النامية، والمدخرّات التي كدَّ أصحابها لجمعها، بطريقةٍ احتيالية، وقد سُمح لهذه الأموال بالتدفّق من وإلى هذه المؤسسات المصرفية على الرغم من تحذيرات موظفيها بشأن شرعية هذه الأموال.

أبرز البنوك المتورطة

بنك HSBC: سمح بنقل ملايين الدولارات من الأموال المسروقة حول العالم حتى بعد أن علم من المحققين الأميركيين أنَّ هذه الأموال هي جرّاء عملية احتيالٍ.

بنك JP Morgan: سمح لشركةٍ مجهولةٍ بنقل أكثر من مليار دولار عبر حسابٍ في لندن من دون أن يدقق بهوية مالكيها، واكتشف المصرف لاحقاً أنَّ الشركة قد تكون مملوكة لعصابةٍ مُدرجةٍ في قائمة مكتب التحقيقات الفدرالي للمطلوبين العشرة الأوائل.

بنك Deutsche: نقل الأموال القذرة لمجموعات مبيّضي الأموال لإرهابيين وتجّار مخدرات وأعضاء الجريمة المنظمة.

بنك Barclays: أتاح إمكانية التعامل معه من قبل أحد المقرّبين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لندن لتجنّب العقوبات التي كانت تهدف إلى منعه من الاستفادة من الخدمات المالية في الغرب، وقد تم استخدام بعض هذه النقود لشراء أعمالٍ فنية.

لبنان

بينما تحتجز المصارف اللبنانية ودائع المواطنين وجنى عمرهم، أشارت مديرة الأخبار والبرامج في قناة CNBC هناء حمزة، في تغريدةٍ على حسابها على تطبيق تويتر عن تورّط 5 مصارف لبنانية في وثائق “فنسن” هي: بنك عودة، فيرست ناشونال بنك، فرنسا بنك، سوسيته جنرال، وبنك بيبلوس.

الثقة المفقودة

إذاً فضيحة جديدة تطال النظام المصرفي العالمي خلال 6 سنوات، وتظهر تورّطه بأعمالٍ جرمية، وطبعاً للبنان دائماً حصة في الفساد العالمي، الأمر الذي يوجب طرح سؤالاً ما إذا كانت أهم المصارف العالمية متورّطة بجرائم مالية واستيلاء على أموال مودعين، بمن يثق المواطن؟

 

محمد شمس الدين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

محمد شمس الدين

كاتب وناشر على مواقع التواصل الإجتماعي ومعد برامج وتقارير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى