سماسرة الأدوية: أطباء يخرقون أخلاق المهنة وزيادة إضافية في الأسعار
عزّ وفخفخة، سياحة وسفر، سيارات فخمة وحياة رفاهية في عزّ الأزمة،،، هكذا يعيش بعض “السّماسرة” من الأطباء والعاملين في القطاع الصّحي في لبنان، جرّاء حصولهم على التّقديمات من شركات الدّواء لقاء التّرويج لأدويتها وتسويقها بين المرضى، فهل يحق لنا السؤال عن مشروعية هذه الممارسات وانسجامها مع أخلاقيّات المهنة؟
وفقاً لميثاق المعايير الأخلاقيّة لترويج الأدوية في لبنان لا يجوز تقديم هدايا عينيّة ودفعات نقديّة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مما يؤثّر سلباً على أداء المهام الطبية، فمن يُحاسب في لبنان العارم بالفوضى من يتاجر بسلامة وأرواح المرضى؟.
“أحوال” وجّه أسئلته إلى وزارة الصّحة دون إجابة عليها إلّا أنّ مصدراً من الوزارة يؤكد أن “ظاهرة الوصفات الطّبية لبعض الأدوية المتّفق عليها مسبقاً بين الأطباء وشركات الأدوية أصبحت واضحة للعلن، رغم أزمة الدّواء التي يعاني منها لبنان، إذ يتّفق الطّبيب مع الشّركة على التّرويج لأدوية معينة ذات أسعار باهظة مقابل نسبة ربح يحصل عليه الطبيب في نهاية المطاف”.
ويشرح المصدر ذلك بالقول “تقوم شركات الأدوية العالميّة بإعادة إنتاج دواء معيّن، مع تغيير في شكله الخارجي مثلاً وفي بعض مركباته الكيميائية وتقول أنها أنتجت دواءً جديداً، وبما أنّ التّرويج للأدوية عبر وسائل الإعلام ممنوع، تستخدم الشّركات الأطباء وسيلة للترويج لهذا المنتج الجديد وكلّما زادت مبيعاته كلما جنى الطبيب مزيداً من الأرباح”.
ويردف “هذه الحالة غير الإنسانية جعلت من الأطباء تجاراً يجنون الملايين على حساب صحّة المرضى، غير آبهين لتدهور القدرة الشرائية للمواطن ولا لسلامته”.
وعن ضرورة دعم الأدوية خصوصاً أدوية الأطفال مثل خافض الحرارة الذي تجاوز سعره الـ 45 ألف ليرة بعد أن كان بحدود 5000 ليرة ومضادات الالتهابات التي وصلت إلى 470 ألف بعد أن كانت بـ 30 ألف ليرة، يقول المصدر “بأسف قد نشهد زيادة إضافية في أسعار الدواء في ظل غياب الخطط الأنقاذية الجديّة للحكومة”.
ويرفض الأطباء من أصحاب العيادات الخارجيّة التّعليق على هذا الموضوع، متهربين من أسئلتنا، ولكن بعضهم ممن لا يمارس هذه الطريقة الملتوية اعترف بتعامل أغلب الأطباء بها في لبنان.
من جهته، يوضح رئيس دائرة طبّ الأطفال في كليّة الطبّ في جامعة القديس يوسف في بيروت، ورئيس اللّجنة العلمية في نقابة الأطباء الدكتور برنار جرباقة، أنّ “هذا الكلام لا يمثل الواقع، اليوم يعاني لبنان من شحّ في الأدوية، المشكلة ليست لدى الأطباء بل لدى الدّولة التي فشلت حتى الآن بتأمين أدنى مقومات الحياة لمواطنيها”.
ويتابع “هدف الأطباء ليس التّرويج لدواء معين وإن كان هناك دواء رديف بسعر أقل لا نمانع أبداً، مشكلة فقدان الأدوية من الأسواق لم يتيح لنا خيارات بديلة. الأطباء والصّيادلة يحاولون تأمين الأدوية المطلوبة أو رديف لها فيما الدولة غائبة.
ويشير جرباقة إلى أن “للأدوية أنواع وتركيبات عدة، تختلف دواعي استعمالها بحسب حالة المرض، ولا نمانع كأطباء من إعطاء البديل شرط ان لا تتغير تركيبته”.
وعن ارتفاع أسعار الأدوية يلفت إلى أن “أسعار الأدوية المهمّة في حياة النّاس ارتفعت بفعل رفع الدعم الذي سيرفع أكثر وأكثر في الأيام المقبلة”. ويتابع “علينا عدم شراء أي دواء بدون وصفة طبية، وعلى المريض أن يزور الطّبيب في عيادته أو المستشفى أو المركز الصّحي او المستوصف كي يستطيع تشخيص المرض والدّواء الذي يحتاجه، وفيما يتعلق بالبديل فلا أحد يستطيع تحديده إلا الطّبيب الذي شخّص حالة المريض أو الصيدلي بناء على توصيات الأطباء”.
ويضيف “عمليّاً هناك مشاكل متفاقمة في توفير الدّواء وفي أسعارها الباهظة، وعلى الدّولة أن تستيقظ وتأخذ بالاعتبار صحّة المواطن وسلامته بدل أن تنشغل بالتّصريحات الغير مجدية”.
ناديا الحلاق