منوعات

تباين أميركي – سعودي حول تكتيك مواجهة حزب الله!

من المعروف أنّ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تشكّلت على أساس أولويتين ملحتين: الأولى، لجم الانهيار الاقتصادي عبر محاولة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي والثانية، تنظيم الانتخابات النيابية في موعدها.

لكن وبعد أسابيع من ولادتها صار همّ الحكومة الأساسي أن تبقى على قيد الحياة السياسية بعدما حاصرتها الأزمات المستجدة، بدءًا من الانقسام الحاد حول القاضي طارق البيطار مرورًا بأحداث الطيونة وما أفرزته من تداعيات سياسية وقضائية وصولًا إلى الأزمة المتفاقمة مع السعودية وبعض دول الخليج على وقع الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية القاسية  المتّخذة في حق لبنان، الأمر الذي أدّى إلى توقف اجتماعات الحكومة التي أصبحت بحاجة إلى من ينقذها بعدما كان شعارها “معا للإنقاذ.”

وإزاء “الاختناق” الذي تشعر به الحكومة جرّاء عجزها عن معالجة التحديات الطارئة، يحاول رئيسها نجيب ميقاتي أن يبقيها حيّة أطول وقت ممكن ولو بواسطة التنفس الاصطناعي عبر استجرار الأوكسيجين الدولي إلى رئتيها من واشنطن وباريس والاستنجاد بقطر لفكّ الحصار السعودي.

لكنّ أوساطًا مطّلعة أكّدت لـ”أحوال” أنّ الوسطاء المفترضين يطلبون من لبنان منحهم أو “رسملتهم” بورقة تحفيزية  للانطلاق منها في التفاوض مع السعوديين.

وتشير الأوساط إلى أنّ الوسطاء يعتبرون أنّ الرياض حانقة جدا “وليس من السهل معالجة الأمر معها ما لم تُظهر الدولة اللّبنانية تفهمًا لغضب المملكة  وتثبت الجديّة في تجفيف ينابيعه عبر تسديد دفعة أولى على الحساب تكون “عربون” التفاوض، وتتمثّل في إزاحة وزير الإعلام جورج قرداحي، وإلّا فإنّهم لا يستطيعيون الذهاب إلى الرياض خاليي الوفاض.”

وتبدي الأوساط المواكِبة للأزمة خشيتها من أن تواصل الرياض تصعيدها ما لم يتم تطويقه قبل استفحاله أكثر فأكثر، لافتة إلى أنّ هناك تخوّفًا من تدابير قاسية أخرى قد تلجأ إليها السعودية في التوقيت الذي تختاره كوقف التحويلات المالية للمغتربين من المملكة إلى لبنان أو إبعاد بعض اللّبنانيين من أراضيها.

وتوضح الأوساط أنّ ميقاتي تلقى نصيحة من جهات عدّة بضرورة أن يتخلص من قرداحي حتى يمكن وقف التصعيد وبدء التفاوض مع السعودية، إنّما من دون أن تكون هناك ضمانات بإمكان الوصول إلى حلّ نهائيّ، وهذا طرح يخشى ميقاتي من أن يفجّر الحكومة لأنّ مكوّنات أساسية فيها ترفض مبدأ إقالة أو استقالة وزير الإعلام، وحتى لو وافقت على  البحث في إجراء من هذا النوع فهي لن تأخذ به إلّا إذا قبلت الرياض في المقابل بالتراجع عن العقوبات المتخذة وتغيير سياستها المعتمدة حيال لبنان.

وتلفت الأوساط إلى أنّ التباين بين واشنطن والرياض يكمن في أنّ “الأميركيين يريدون تثبيت الحكومة حتى آذار المقبل لضمان إجراء الانتخابات النيابية التي يراهنون عليها لإضعاف حزب الله من خلال ضخ دم جديد في المجلس وتقليص حجم رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر اللّذين شكلا غطاء للمقاومة على المستويين المسيحي والرسمي، وبالتالي فإنّ الولايات المتحدة تفضل الانتظار حتى موعد الاستحقاق النيابي لتصفية الحسابات مع الحزب بعد إخفاق الوسائل الأخرى ومن بينها الحرب العسكرية والضغط الاقتصادي في تحقيق النتائج المتوخاة منها، بينما تبدو السعودية مستعجلة وهي تريد الانتقام الفوري وتوجيه ضربة إلى الحزب الآن عبر إقصاء قرداحي وفرط الحكومة وفرض تنازلات سياسية على الدولة والحزب، وهو الأمر الذي يفوق طاقة الدولة اللّبنانية على تحمله.”

والمشكلة، وفق الأوساط، أنّ “السعودية لا تعير كثيرًا من الاهتمام للأوروبيين عمومًا وللفرنسيين خصوصًا، ولذا فإنّ قدرة هؤلاء على التأثير في سلوك الرياض حيال لبنان هي ضعيفة بل تكاد تكون معدومة.

أمّا الأميركيون، فإنّ الأوساط تشير إلى أنّ  طبيعة العلاقة بينهم وبين الرياض حاليًا قد لا تسمح لهم بالذهاب بعيدًا في الضغط عليها، “إذ أنّ قصة جمال خاشقجي لا تزال ترخي بظلالها على إدارة جو بايدن الذي لم يحدّد بعد موعدًا للقاء ولي العهد السعودي، كما أنّ الانكفاء الأميركي عن المنطقة، والذي يتخذ أحيانًا شكل الهروب طبقا لما حصل في أفغانستان، يزعج الرياض في هذه المرحلة، ولذلك لا يمكن ضمان نجاح التدخل الأميركي في إقناع المملكة بالتهدئة وتخفيف جموح اندفاعتها”.

تبقى قطر التي ليس معروفًا، تبعًا للأوساط، إلى أيّ مدى تستطيع تعديل القرار السعودي بمعاقبة  لبنان، “علمًا أنّ  الدوحة صاحبة خبرة وتجربة في التعامل مع الحصار الخليجي الذي قادته الرياض ضدها قبل المصالحة”.

 

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى