عودة: الشعب سيرتكب خطيئة عظمى
أشار متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، إلى “مثل اليوم عن الغني الّذي كان يتنعّم كلّ يوم تنعّمًا فاخرًا ولعازر الفقير المطروح عند بابه، هو درس لجميع السّاعين إلى المال والسلطة وإشباع الأنا على حساب راحة الآخر وكرامته. درس للمسؤولين الّذين لا يشبعون من ملء جيوبهم من أموال الشعب المسكين، الّذي وصل إلى أقصى درجات الفقر والذّل والتشرّد، ما دفع الكثيرين إلى البحث عن الخلاص خارج موطنهم وأرضهم”.
ولفت، خلال ترؤّسه قدّاسًا إلهيًّا في المطرانية في بيروت، إلى أنّ “مثل اليوم درس لكلّ مسؤول يضحك على الشعب بكلام معسول مدّعيًا الدفاع عن حقوقهم، فيظهر لهم تقواه الزائفة بغية الحصول على رضاهم، ثمّ أصواتهم في الانتخابات، وبعد ذلك يضرب عرض الحائط جميع حقوقهم وكرامتهم، إلى حين يأتي الإستحقاق التالي، فيعود إلى إطلاق الشعارات والوعود الّتي تدغدغ آذان الشعب المريض بآفة عبادة الزعيم”.
وأوضح المطران عودة أنّ “هكذا نسقط في دائرة مفرغة، لأنّ الغني أفقَر الشعب، ثمّ منّنه بما له أصلًا، كما أنّ الفقير وقع في الفخّ وظنّ أنّ الزعيم هو إلهه الّذي يطعمه وينجّيه من الفقر والجوع. نسي الغني أو الزعيم الله فاستعبد الشعب الفقير، كما نسي الشعب الفقير الله وعبَد الزعيم الّذي اشتراه بثمن بخس”. وذكّر بأنّ “المسيح اشترانا بدمه الثمين على الصليب، فهل يستحقّ النسيان؟. القوي ومن في يده سلطة أو مال، يقع في تجربة استعباد الضعيف والفقير. لكن العبد الفرح بعبوديّته يصبح سلعةً تُشرى وتُباع، ويكون عن الحريّة غريبًا، والحريّة منه محرّرة، وقد يدخل في مدرسة الخيانة، ولها معلّمون كثر”.
وركّز على أنّ “بلدنا مقبل على انتخابات، والشعب الّذي ثار وفُجّر ونُهب وجُوّع وشُرّد وأُهين يملك مفاتيح التغيير، وسيرتكب خطيئةً عظمى بحقّ أولاده وأرضه إن لم يحدث التغيير المنتظَر، حتّى يعود بلدنا إلى المراتب الرياديّة بفضل أناس يختارون حسب كفاءتهم وخبرتهم ونزاهتهم وبرنامج عملهم، لا وعودهم وانتماءاتهم وجيوبهم”. وأكّد أنّ “الإقتراع حقّ، لكنّه أيضًا واجب على المواطن القيام به بوعي وجديّة ومسؤوليّة، وإلّا فليتحمّل نتيجة تقاعسه ولامبالاته”.
وشدّد على أنّ “الثورة الحقيقيّة هي ضدّ الخطيئة، والخطيئة الكبرى بحقّ بلدنا أن يبقى متربّعًا على عرشه كلّ من تسبّب بأيّ أزمة صغيرة أو كبيرة. على الجميع أن يستيقظوا من سباتهم، قبل أن يدهمهم موعد النومة النهائيّة لهذا البلد الحبيب”، داعيًا إلى أن “نتعلّم من مصير الغني في إنجيل اليوم كيف نتوب قبل فوات الأوان، ومن لعازر كيف نحتمّل بإيمان وصبر. الدرس الأهم هو أنّ العدالة الإلهيّة لا تُشترى بالمال والجاه والسلطة، حتّى ولو كان صاحبها مسيحيًّا على إخراج قيده. لذلك، التواضع والمحبّة ضروريّان في هذه الحياة قبل الانتقال والمثول أمام العرش الإلهي، حيث يكون الثواب أو العقاب عن الأفعال الّتي حصلت على هذه الأرض”.