مجتمع

“مجموعة الهنا”.. هكذا تحولت الفكرة الى مشروع نجاح

على الرغم من الظروف الصعبة على مختلف المستويات لا سيما الإقتصادية وفي خطوة لافتة نجحت “مجموعة الهنا” (للمنتجات البلدية) في بلدة بدغان – قضاء عاليه، في حصد الميدالية الذهبية، وذلك في سياق مشروع رائدات الريف، المنظم من قبل منظمة الأغذية والزراعية التابعة للأمم المتحدة “الفاو”، والمدعوم من قبل الحكومة الكندية، ما شكل دليلا على أهمية المبادرات الفردية لا سيما في الارياف وإمكانية تحويلها الى مشاريع انتاجية، والتي تساهم في تطوير المجتمعات وتحسين مستوى حياتها، خصوصا على الصعيد النسائي ما يجعل المرأة شريكا أساسياً في نهضة المجتمع وقيامة الوطن، وتحدي الظروف الصعبة من اجل الوصول الى الغد الأفضل.
مجموعة الهنا (للمنتجات البلدية) خير مثال على امكانية تحويل الفكرة الى مشروع نجاح والانطلاق من النواة الصغرى (بلدة او قرية) نحو باقي الخلايا، التي تؤسس جميعها مشروع الوطن الذي يحلم به ابنائه جامعا لهم رغم كل الظروف الصعبة، ونحن أحوج ما نكون اليوم الى مثل هذه المبادرات التي ترسم بقعة ضوء في نفق الظلمة القائم.


إنطلاقة من رحم المعاناة
مؤسسة مشروع “تعاونية الهنا” المهندسة جنان شيا فياض عرفت عن نفسها لـ”أحوال ميديا” كسيدة لبنانية وأم لثلاثة أطفال حققت نفسها في مجال العمل، ولكنها أحبت أن تدعم المرأة في مجتمعها الى جانب دعم المزارعين، وتشير الى انها علمت بالمشروع من خلال الموظفة في منظمة “الفاو” رانيا شيا، التي أعلنت عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكانت هي نقطة الانطلاق في المشروع.
وتشير فياض الى أنها انطلقت في فكرتها من رحم المعاناة التي يعاني منها اللبنانيون في ظل الاوضاع الاقتصادية والحياتية الصعبة، وما نشهده من توقف لبعض الاعمال والوظائف وطرد لبعض الموظفين من أعمالهم بشكل تعسفي.

وإذ تنوّه مؤسسة المشروع بدور المُيسر مازن الحلواني الذي كان يقدم لهم التدريبات بإشراف الميسر العام انطونيو يوسف، تشير الى أن المجموعة بافتتاح صالة عرض للمنتجات، وذلك قبل حصول المشروع على الميدالية الذهبية ما شكل حافزاً بالنسبة لهم.
كذلك تلفت الى أنهم بصدد العمل من أجل تسجيل التعاونية لدى الدوائر الرسمية، كي يتمكنوا من دعم المجتمع المحلي بشكل أوسع وأكبر، لا سيما وان عدد الاعضاء في المشروع حاليا يقدر بحوالي العشرين شخصا، لكنهم اضطروا حاليا الى وقف باب الانتساب من اجل تأمين الاستمرارية للمشروع واستكمال النجاح، بحيث ستكون فائدة المشروع أكبر، بعد بدء العمل كتعاونية من اجل الوصول الى الأفضل”.


مشروع للتعاون بين أبناء المجتمع
من جهتها تتحدث رئيسة مجلس الإدارة في مشروع “تعاونية الهنا” إيمان فياض شيا لـ”أحوال ميديا” عن كيفية انطلاقة العمل بعد تلقيهم التدريبات عبر منظمة “الفاو” وجمعيتي Fair Trade و International Alert منوهة بتوجيهات “الفاو” التي أكدت لنا على أهمية المشروع، والذي يؤسس للتعاون بين ابناء المجتمع من اجل النهوض بالوطن بشكل عام”.
كذلك تشير الى أهمية التدريبات التي قدمتها مجموعة من المُيسرين من أصحاب الخبرة الطويلة في هذا المجال، والذي كان لهم الدور الأكبر في تطوير قدراتهم من خلال المعلومات والخبرات التي قدموها لهم، ومساعدتهم في ترتيب الخطوات العملية والأفكار من اجل الوصول الى طريق النجاح”.
وتشرح شيا أنه “بعد دراسة وتدريبات وتوجيهات إمتدت على مدى عامين تعاوننا خلالها مع عدد من المنظمات والهيئات، من اجل التعرف على كيفية ادارة التعاونية والمحاسبة والتسويق، إضافة الى كل التفاصيل الخاصة بالمشروع وهيكليته، كانت الانطلاقة على الأرض من خلال التعاون بين السيدات المنضويات في المشروع انطلاقا من رغبتهن جميعا بالعطاء”.

وردا على سؤال لـ”أحوال ميديا” تؤكد مؤسسة المشروع جنان فياض على “أهمية النجاح الذي حققه مشروع تعاونية الهنا وحصده الميدالية الذهبية، والذي يشكل عاملا رئيسياً لإستكمال العمل، حيث تقدموا بمشروع كامل ووضعوا له جدوى اقتصادية، كما سيحصلون على جائزة تتراوح قيمتها بين 8 و 10 آلاف دولار على شكل معدات وآليات للعمل، والذي سيكون عاملا أساسيا لهم لاستكمال خطواتهم الناجحة، خصوصا وان المعدات التي سيحصلون عليها ستلعب دورا أساسيا في تطوير العمل والانتاج، وتشرح كيف سيتم الانتقال مثلا في عملية تجفيف الفواكه من الطريقة اليدوية الى التقنيات الحديثة، التي توفرها لهم المعدات، كما سيساهم ذلك في تشغيل عدد كبير من اليد العاملة”.
كما توضح انها قامت بالسعي مع بعض الشركات من اجل تسويق منتجات التعاونية وتأمين التصريف للانتاج على المستوى المحلي بالدرجة الاولى، قبل التفكير لاحقا بامكانية التصدير للخارج، حيث سيتم العمل أيضاً من أجل حصول منتجات مجموعة الهنا على شهادة الإمتياز ISO”.


إثبات الذات وتخطي مرحلة الاحباط
ختاما تؤكد رئيسة مجلس الادارة إيمان شيا على انهم حققوا الخطوة الأولى من خلال حصول المشروع على الميدالية الذهبية، والذي شكل حافزا لهم لمواصلة العمل والطموح من اجل المزيد من النجاح والتقدم، خصوصا وان السيدات المنضويات في المشروع لديهن الخلفيات العلمية والاجتماعية والتربوية الكافية لتحقيق المزيد من النجاح والتقدم، كما تشكر الرجال كأزواج وأباء وأشقاء وأبناء على وقوفهن الى جانب المشروع ودعمه، حيث كان لهم دور أساسي في هذا النجاح، ومساعدة النساء في تحقيق طموحاتهن”.
بدورها تشدد مؤسسة المشروع جنان فياض على اهمية تخطي مرحلة الاحباط التي يعيشها المجتمع منذ سنوات، بسبب الأزمات المتتالية بعد ظهور وباء كورونا ولاحقا بعد الازمات التي يشهدها لبنان ولا زال، وتؤكد أن الفرصة الآن مؤاتية من اجل اظهار قدراتنا، وبالتالي يجب ان نعمل على مقاومة الواقع الراهن والتصدي للفساد بالمصداقية في العمل والإنتاج الوافي للمواصفات الصحية، من أجل الوصول الى الحوكمة الرشيدة، حيث يبدأ كل فرد من محيطه ومجتمعه وصولا الى لبنان بشكل عام”.


تجربة فريدة من نوعها
وفي سياق خطة عملها قامت مجموعة الهنا بمجوعة نشاطات ومبادرات زراعية وبيئية، وبعد تشكيل لجنة رائدات الشوف وعاليه والتنسيق مع الجمعيات البيئية بدعم من محمية أرز الشوف الممثلة بمديرها نزار الهاني، عملت المجموعة على تنبيت الشتول وتمت المشاركة في عملية بيعها للمزارعين بأسعار رمزية.
كما قامت مجموعة الهنا بإبتكار أساليب وطرق جديدة في انتاج بعض الأطعمة من المنتجات البلدية كبديل عن الاطعمة المصنعة، والتي أكسبها مزيدا من الخبرة والتميز في سياق مشروعها لصناعة المنتجات البلدية.
ختاماً لا شك أن مشروع “مجوعة الهنا” يشكل تجربة فريدة من نوعها تستحق التوقف عندها والإضاءة عليها إعلامياً، للتأكيد انه لا مفر من النجاح متى كان إيماننا بالفكرة ثابتاً، وطموحنا نحو الأفضل دوما للنهوض بالمجتمع والإرتقاء به نحو الأفضل.

يوسف الصايغ

صحافي لبناني يحمل شهادة الاجازة في الإعلام من كلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية الاخبارية والقنوات التلفزيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى