منوعات

“الوزراء” يحضّرون دعاوى جديدة ردًا على قرار “التمييز”

هل يستبق البيطار تفعيل "الحصانة" بمذكرات توقيف؟

يواصل الوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق من جهة، والمحقّق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار من جهة ثانية، لعبة “عضّ الأصابع” والمماطلة وتضييع الوقت في المدة الزمنية الفاصلة عن بدء العقد العادي للمجلس النيابي في 19 الشهر الجاري، وذلك باستخدام سلاح المناورة بـ”الإجراءات” التي يسمح بها القانون، لا سيما دعوى طلب الرد والإرتياب المشروع.

فبعد ثلاثة أيام على قرار محكمة الاستئناف برد “طلبات الردّ” شكلاً لعدم الاختصاص النوعي بشأن دعويَي الرد المقدمتَين من كل من المشنوق لوحده، وحسن خليل وزعيتر معاً بحق البيطار، قررت محكمة التمييز المدنية أمس عدم قبول طلب رد قاضي التحقيق المقدّم من النائبين حسن خليل وزعيتر، لاعتبارها أن البيطار ليس من قضاة محكمة التمييز المنوطة بالنظر بطلبات الرد المتعلقة بهم.

للتوضيح، فقد نصّت المادة 40 من الدستور على أنه “لا يجوز في أثناء دور الإنعقاد إتخاذ إجراءات جزائية في حق أي عضو من أعضاء المجلس أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائياً إلا بإذن المجلس، ما خلا حالة التلبس بالجريمة (الجرم المشهود)”، كما نصت المادة 90 من النظام الداخلي لمجلس النواب على المضمون ذاته.

وبالتالي، يسعى الوزراء الثلاثة عبر تقديم دعاوى بـ”الجملة” ضد البيطار، إلى تمرير الوقت حتى 19 من الجاري لاستعادة الحصانة النيابية واستخدامها كغطاء في وجه أي قرار يصدره قاضي التحقيق كمذكرات إحضار أو توقيف.

فهل ينجحون في ذلك؟ وما هي خلفيات قرار محكمة التمييز ومترتباتها القانونية؟ وهل تعيد البيطار إلى منصبه وموقعه لمتابعة عمله محصناً بقرارات محاكم الإستئناف والتمييز ومجلس القضاء الأعلى؟ 

مصادر مطلعة على ملف تحقيقات المرفأ أوضحت لـ”أحوال” أن “محكمة التمييز المدنية غير مختصة فعلياً بالشكل في موضوع تقديم طلب رد القاضي العدلي، لأنها درجة أدنى ولا تتطابق والهيئة التي عينت القاضي العدلي أو المجلس العدلي”، مشيرة إلى أن “الوزراء الثلاثة لجأووا إلى الدرجة الأولى، أي محكمة التمييز المدنية، ومن ثم ينتقلون الى الدرجة الثانية، أي أمام محكمة التمييز الجزائية، وذلك لتمرير الوقت حتى انتهاء مدة الخطر بالنسبة لهم”.

وفي مقابل قرار التمييز، علم “أحوال” أن “الوزراء سيقومون بخطوة جديدة اليوم كردٍ على قرار التمييز، وذلك لتمديد الوقت وتجميد عمل البيطار أطول مدة ممكنة”. ورجّحت المصادر بأن “يتقدم الوزراء أمام محكمة التمييز الجزائية بطلب نقل الدعوى لكسب الوقت حتى بدء العقد العادي للمجلس”.

فهل يستبق البيطار تفعيل “الحصانة” النيابية ويستغل قرار “التمييز” ويصدر مذكرات توقيف على المدعى عليهم؟

استبعدت المصادر أن يصدر البيطار مذكرات توقيف بحق الوزراء الثلاثة، مرجحة أن يصدر خلال اليومين المقبلين مذكرات إحضار إلى جلسة جديدة، وبعدها سيكون أمام خيارَين: إما الإكتفاء بمذكرات الإحضار، وإما إصدار مذكرات توقيف غيابية ونكون أمام تكرار سيناريو ملاحقة الرئيس السابق للحكومة حسان دياب عندما أعاد تبليغه مرة ثانية، كون الضابطة العدلية المتمثلة بالمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي قررت عدم إبلاغه لعدم الإختصاص.

هذا وأشارت مصادر مطلعة لموقعنا إلى أن “الجهات الأمنية المختصة، لا سيما المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، لن تبلغ المعنيين بأي مذكرة إحضار أو توقيف يصدرها المحقق العدلي، كما لن تقوم بتنفيذها، كما أن وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي لن يمنح الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم”.

في المقابل، يعود رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية، د. بول مرقص، إلى نص المادة /١٢٣/ أ.م.م. لشرح خلفيات الموضوع: “يقدّم عرض التنحي أو طلب الرد في ما يتعلّق بقضاة محكمة التمييز إلى هذه المحكمة، فتنظر فيه غرفة من غرفها يعينها الرئيس الأول لمحكمة التمييز”. وبالتالي “كون المحقق العدلي ليس من عداد قضاة محكمة التمييز، بل هو تابع لمحكمة جزائية استثنائية من نوع خاص، هي المجلس العدلي، المنصوص عنها في المواد 355 لغاية المادة 367 أصول محاكمات جزائية، كما كان قضى اجتهاد محكمة الاستئناف رقم ٢٠٢١/٦٤ بخصوص دعوى الرد الذي تقدم بها النائب المشنوق أمامها مؤخراً، وقبلها عام ٢٠٠٧. لذلك يُعتبر القرار الذي صدر عن محكمة التمييز المدنية اليوم مماثلًا لجهة عدم اختصاصها نوعياً للنظر بطلب الرد هذا، كما وكان ملفتاً، بحسب الخبير القانوني، عدم تبليغه للمحقق العدلي طارق البيطار، تفاديًا لهدر الوقت ووقف إجراءات التحقيق”.

وبهذا تكون المحاولات القانونية والقضائية أمام المدعى عليهم للإطاحة بالقاضي البيطار، قد تعذّرت، ولا يبقى سوى تحرّك مجلس النواب بعد 19 تشرين الأول من العام الحالي مع تعذّر فتح دورة استثنائية فورية لمجلس النواب. وإذ ذاك، يضيف د. مرقص، “تفعّل الحصانات وتصبح القضية في ملعب المجلس النيابي مع بدء عقده الثاني، حينما ستسعى كتل نيابية إلى ربط صلاحيته، مع ما قد يثيره ذلك من تنازع اختصاص بينه وبين المحقق العدلي الذي يكون قد سار في إجراءاته قبل عودة المجلس إلى الانعقاد”.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى