ارتفاع ملحوظ في جرائم الخطف والسرقة والقتل في لبنان، هذا ما سجلته الإحصائيات الأمنية في الأشهر الأخيرة، إذ ارتفعت نسبة الجريمة في الأشهر الـ5 الأولى من عام 2020 بنسبة 82.2% مقارنةً بالفترة عينها من عام 2019، بينها 75 جريمة قتل، و303 جرائم سرقة سيارات، أمّا السرقات العادية فبلغ معدلها 61 سرقة في كل شهر، كما بدا لافتًا إرتفاع نسبة الجرائم الألكترونية وأبرزها الابتزاز الجنسي.
خبراء نفسيون واجتماعيون عزوا الأسباب إلى ضيق الأحوال الاقتصادية التي يرزح تحتها المواطن خصوصًا في ظل عجز الدولة عن تأمين الحلول اللّازمة للأزمات التي يعاني منها لبنان، يترافق ذلك مع تفشي فايروس كورونا الذي زاد الأمور تعقيدًا من حيث توقف العديد من المرافق الاقتصادية عن العمل وازدياد نسبة البطالة، كل هذا يضع اللّبناني في وضع نفسي صعب، قد يدفعه إلى التهوّر في حل مشاكله أو اللّجوء إلى طرق ملتوية لتأمين المال ولهذا نشهد ارتفاعًا ملحوظًا في جرائم النشل والسلب بقوة الساح والخطف مقابل فدية مالية وأحيانا القتل بهدف السرقة .
مصدر أمني رفيع أعرب لـ “أحوال” عن قلقه من ظاهرة الخطف التي كان آخرها في منطقة شتورا، والتي بتنا نسمع عنها كثيرًا في لبنان، لكن المصدر نفسه أكد أن الأمور لا زات تحت السيطرة لأن القوى الامنية تتابع هذه العمليات بدقة وبحرفية عالية وتوقف المجرمين .
وحول ارتفاع نسبة الجريمة بشكل عام في لبنان، أكد المصدر أن البطالة والفقر وتردّي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والمعيشية كلّها أسباب تدفع ببعض الأشخاص إلى اللّجوء إلى مثل هذه الطرق غير القانونية لكسب المال، لافتا إلى أن 90%من هؤلاء الأشخاص هم من أصحاب السوابق الذين تتحرك لديهم غريزة القيام بالجريمة فور توفر الظروف الملائمة لها.
وشدّد المصدر على أنّ القوى الأمنية يسجل لها حرفيتها العالية في كشف وتوقيف المجرمين خلال 24 ساعة، وهذا الأمر يشكل ثقة كبيرة في نفوس المواطنين بأجهزتهم ويعد بالوقت نفسه عامل رادع لكلّ من تسوّل له نفسه القيام بأي جريمة لأنه يعلم مسبقًا أنه سيكون في قبضة الأجهزة الأمنية في وقت قصير جدًا .
المصدر الأمني لفت إلى أنّ العامود الفقري للدولة اليوم في ظل هذا الإنهيار الحاصل هو الأمن، مؤكدًا جهوزية القوى الأمنية دائمًا للتصدّي للمخلين بأمن الوطن والمواطن.
على الرّغم من الطمأنة بجهوزية القوى الأمنية إلّا أنّ النشرات الأمنية ترصد كمًّا كبيرًا من الجرائم التي تحصل بشكل يومي من سرقة دراجات نارية إلى سلب الصيدليات بقوّة السلاح إلى سلب العمال على محطات المحروقات إلى خطف مواطن هنا وهناك إلخ، كلّ هذا يضعنا أمام سؤال، هل الأمن فقط بتعقب المجرمين بعد حصول الجريمة ؟ أم على الدولة واجب استتباب الأمن الإستباقي قبل وقوع التجاوزات؟
لا شكّ بأنّ اللّبناني اليوم يعيش أسوأ حقبة بعد الحرب الأهلية المقيتة التي عاشها، لكنّ المزيد من التدهور في الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية سيرفع نسب الجريمة أكثر فأكثر، ويضعنا أمام كارثة في الأمن الاجتماعي، واليوم تشخص أنظار اللّبنانيين نحو حلّ لمسألة تأليف الحكومة علّها تكون بداية النهاية لمسلسل الانهيار الكبير الذي يعيشه لبنان .
منير قبلان