الفوضى الهدامة: بنك يبتكر ضريبة على الدولارات الطازجة
لا يمكن تمرير مخالفة “بنك الاعتماد اللبناني” الأخيرة، بالإضافة لما يحمله الرأي العام اللبناني على “حكم المصارف”؛ فقد رصد “أحوال” مخالفة فاضحة تجاه أصحاب الحوالات النّقدية “الدّولارية”.
لم يعلم جهاد مسبقاً، وهو من يعمل في مجال تجارة المواد الغذائية، أن مصرفه المعتمد سيتفنّن بفرض العمولات على تحويلاته المصرفية إلى الخارج، وبعملية واحدة كانت كلفته 480 دولارًا، في حين أن العمولة يجب ألا تتجاوز الـ 50 دولارًا أميركيًا.
وفي التفاصيل أن جهاد قد حوّل مبلغ 38000 ألف دولار إلى تركيا بهدف شراء البضائع، اقتطع منها مصرف الإعتماد اللّبناني 50 دولاراً كعمولة على عملية التّحويل، ليعود ويقتطع 50 دولارًا إضافية بعد أن تمّ رفضها بسبب الإجراءات المشدّدة على العمليات النّقدية والتحويلات من لبنان. وعندما أراد سحب دولاراته الطازجة بعد رفض التّحويل، أخبرته موظفة الفرع أنّه سيتمّ اقتطاع نسبة 1\100 من قيمة المبلغ، أي 380 دولاراً، بناء على قرار إدارة المصرف.
فهل الإجراءات التي تفرضها المصارف على العملاء من رفع نسب العمولات والرسوم في عمليات السحب والإيداع وتحويل الأموال، قانونية بعد حجز جنى أعمارهم؟ وهل يمكن رفضها؟
بلطجة وأساليب ملتوية
مصدر مصرفي أكد لـ”أحوال” أنه “من حقّ العملاء رفض كل أشكال “البلطجة” وتسمياتها المتعدّدة (عمولة، مصاريف، رسوم من قبل المصارف)”، مشدداً على “عدم الرّضوخ لقرارتها الهادفة إلى جمع مزيد من الأموال على حساب العملاء”.
وأضاف المصدر: “بعض المصارف اعتمدت أساليب مبتكرة مع عملائها بهدف “ابتلاع” جزء من تحويلاتهم الدولارية إلى الخارج، حتى باتت كل المصاريف والعمولات المطبقة فيها أشبه بضريبة غير مقوننة تفرضها، كونها محمية من النافذين السياسيين الذين يشكّلون عدداً كبيراً من مساهمي ومالكي هذه المصارف”.
تجاوزات غير مستغربة
من جهته، رأى الرّئيس السّابق للجنة الرّقابة على المصارف، سمير حمود، في حديث لـ”أحوال” أنّه “في المبدأ العام يترك للمصارف حرية المنافسة، وهذا المبدأ يطبّق في الظروف السليمة”، مضيفًا: “من الطبيعي أن تطلب المصارف عمولات على الدّولار النّقدي خصوصاً وأن السّوق حالياً هو سوق نقدي وعلى المصارف تكاليف أيضاً، ولكن من غير الطّبيعي أن يتمّ التّفنن بفرض هذه العمولات”.
وتابع حمود: “العمولة يجب أن تُدرس بشكل دقيق لأنّ الهدف منها عودة التّحويلات والعمليّات المصرفيّة إلى المصارف، على أن تتم من خلالها حصراً وليس من خلال شركات التّحويل خارج القطاعط، لافتًا إلى أن “اليوم تتّسم الأسواق اللّبنانية بكل قطاعاتها بصفة الفوضى، ما يجعل التّجاوزات التي تطال العمليّات المصرفيّة غير مستغربة”.
وأضاف: “على المصارف أن تفهم بأن إعادة الثّقة بالقطاع يتطلب التّخفيف من الإجراءات على العملاء، خصوصاً الذين يساهمون بإدخال الدّولارات الطّازجة إليها”.
أما الحل الأمثل برأي حمود، فيكون “بوضع سقوف محددة للعمولات من خلال جمعية المصارف، على أن يتمّ عرضها على البنك المركزي لاصدار التّعاميم الخاصّة بها لاحقاً، وبالتالي تصبح المنافسة بين المصارف ضمن هذه السّقوف”.
وختم حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن “على المصارف أن تتحلى بالالتزام الاخلاقي في التّعامل مع عملائها، وأن لا تستغل الفوضى الموجودة لضرب المسيرة الجديدة التي تستعد لها من أجل إعادة الثّقة بالقطاع المصرفي”.
ضرب الثّقة بالقطاع
في المقابل أسف مستشار اتحاد المصارف العربيّة، بهيج الخطيب، في حديث لـ”أحوال” لـ”عدم وجود تعميم من مصرف لبنان ولا من جمعية المصارف يحدّد القيمة القصوى للعمولات التي يجب أن يتقاضاه المصرف من العميل على عمليات التّحويل والسّحب والإيداع وغيرها”، مشيرًا إلى أن “اليوم يتفرّد كل مصرف باتخاذ القرار الذي يصب في مصلحته وفقاً لاحتياجاته وحجم السيولة المتوفرة لديه، سواء محلياً أو لدى المصارف المراسلة”.
ولفت إلى أنّه “في حال أودع العميل دولارات طازجة في المصرف وتقاضى عليها المصرف عمولة التحويل، فهذا أمر طبيعي إن كان سقفها مقبولًا؛ أما المصارف التي تقوم بفرض عمولة 1\1000على الأموال المودعة والتي يريد العميل إعادة سحبها فهو أمر مستهجن، ويتخطى الحدود الرائجة والمعقولة”.
وشدّد الخطيب لموقعنا على أنه “في حال وجود أي مشلكة بين عميل ومصرفه، على العميل مراجعة إدارة المصرف أو مصرف لبنان أو جمعيّة المصارف، لأن هذه القرارات الرائجة مؤخراً لدى المصارف هي قرارات فردية وغير رسمية، وهذه الاجراءات الاعتباطية التي تلجأ إليها المصارف من شأنها زعزعة الثقة بالقطاع”.
وللأمانة الصحفية، فقد اتصل “أحوال” برئيس مجلس إدارة بنك الاعتماد اللّبناني وأبلغه “تفاصيل هذه الحالة التي تعرضت لإجراءات تعسفيّة من قبل مصرفكم”، إلا أنّنا لم نتبلغ أي رد ولم تحرّك المخالفة ساكناً.
ناديا الحلاق