“حزب الله” في عين عاصفة “المرفأ”.. فما علاقة “نيترات البقاع” والإنتخابات النيابية؟
عشية تأليف الحكومة الجديدة، يعود ملف تفجير مرفأ بيروت إلى الواجهة من بوابة تسريب تهديد موجّه للمحقق العدلي في القضية، القاضي طارق البيطار، نُسِب إلى مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في “حزب الله”، الحاج وفيق صفا.
فما حقيقة هذا التسريب وخلفياته وأبعاده؟
فيما اعتصم “حزب الله” بالصمت كعادته عند توجيه اتهام له يتّسم بالخطورة، ريثما يتم تجميع المعطيات ومعرفة مصدر وأهداف التسريب والهجوم الإعلامي المركز عليه، للبناء على الشيء مقتضاه، لكن معطيات تجمّعت عند مراجع رئاسية وسياسية رفيعة، بحسب ما تقول مصادر سياسية وقانونية مواكبة لملف المرفأ لموقعنا، تقود إلى قناعة بأن “أداء بيطار في خانة الشبهة”، ملاحظة التوقيت السياسي الذي يختاره بيطار لاتخاذ قراراته.
وتضيف المصادر بأن “الأخطاء القانونية وسياسة الإنتقائية والإستنسابية، دفعت القوى السياسية والرأي العام إلى التشكيك بالتحقيقات التي لم تتوصل إلى نتيجة عملية حتى الآن، وبالتالي اصطدم بيطار بالمجلس النيابي الذي يدافع عن صلاحياته الدستورية في الإتهام والإحالة إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء فيما خصّ الوزراء النواب، وكذلك في مسألة الحصانة النيابية”.
وبحسب معلومات “أحوال”، فإن بيطار يتحيّن فرصة انتهاء العقد العادي المفتوح للمجلس النيابي، وبالتالي رفع الحصانة تلقائياً عن النواب لتسطير مذكرات توقيف بحق الوزراء النواب المدعى عليهم، إلا أن المعلومات كشفت أن الرئيس نبيه بري يحضّر لفتح دورة استثنائية بالتنسيق مع رئيس الجمهورية لمواكبة عمل الحكومة قبيل بدء العقد العادي للمجلس في تشرين المقبل، ما يدفع للتساؤل: هل استشعرت جهات ما بأن ملف المرفأ قد “خفت” واستنفذ وظيفته، وتريد إشعاله بافتعال قضية شعبية إعلامية على غرار “فبركات” المحكمة الدولية في قضية الرئيس رفيق الحريري؟ أم يريد قاضي التحقيق التعمية على فشله في أداء مهمته، أم أنه قرر التنحي وأراد تحميل جهة ما المسؤولية بعرقلة التحقيق والتهديد؟
بحسب المطلعين، فإن موقف “حزب الله” من مسار التحقيقات منذ مرحلة القاضي السابق فادي صوان سبق وأعلنه السيد حسن نصرالله أكثر من مرة؛ فالحزب، بحسب ما يشير المطلعون لـ”أحوال”، لم يُخفِ ارتيابه وتشكيكه بأداء بيطار وسلوكه في ملف حسّاس كتفجير المرفأ، وقد سبق ووجّه السيد نصرالله أكثر من رسالة علنية لتصويب أدائه ورسم مسار عادل ومتوازن، وتحدّث حينها عن ضغوط من شركات التأمين للتهرّب من التعويض للمتضررين ولأهالي الضحايا، لكن الأمور بقيت على حالها.
ويستبعد المطلعون صدور موقف من “حزب الله” حيال هذا الأمر، لقطع الطريق على محاولات جرّ الحزب إلى سجالات إعلامية ووضعه في مواجهة القضاء وتفجير مواجهة مع أهالي الضحايا. ويكشف المطّلعون أن التواصل والرسائل موجود بشكلٍ طبيعي بين الحزب والمسؤولين الأمنيين والقضائيين في الدولة، نظراً للحاجة الماسة للتنسيق في الملفات الأمنية والقضائية وإن بعيداً عن الإعلام، لكن الجديد هو التصويب على هذه العلاقة واختلاق عبارات لتضخيم وتعظيم القضية لاستغلالها إعلامياً لتحقيق مآرب سياسية باتت واضحة، ووضع الحزب مجدداً في خضم “عاصفة المرفأ”.
ويضيف المطلعون لموقعنا أن “الهدف هو التشويش على دور الحزب الذي اعترف العدو الإسرائيلي بأنه المنقذ للبنان على صعيد الحد من أزمة المحروقات عبر بواخر النفط الإيراني، وبالتالي إظهاره بأنه مهدد للمؤسسات وللدولة، والعودة الى تسويق “نغمة” دولة ضمن الدولة، كما تهدف الحملة التشويش على شاحنة النيترات التي ألقت القوى الأمنية القبض عليها في البقاع والتي أظهرت التحقيقات، بحسب معلومات “أحوال”، أنها تعود لأحد التجار المحتكرين للوقود وترتبط الشاحنة بمنظمات إرهابية مسلحة، فضلاً عما يتردد من معلومات عن أن التحقيقات الأمنية الأخيرة في قضية المرفأ كشفت تورط جهات ما بتهريب “النيترات” إلى المنظمات الإرهابية في سورية خلال مرحلة الحرب.
والملاحظ هو استنفار ماكينة إعلامية حاشدة في الوقت عينه للتركيز الموجه على موضوع “تسريب التهديد” وتحميله أبعاداً عدة، كما تحاول الربط بين “نيترات” البقاع عبر اتهام الحزب بها، وبين نيترات المرفأ للإيحاء بأنه المسؤول عنها بالتزامن مع تسليط الضوء على موضوع تهديد بيطار، علماً أن التحقيقات أثبتت عدم علاقة الحزب بشاحنة نيترات البقاع.
ولا يخفي المطلعون ريبتهم حيال اختيار قضية المرفأ كمادة دسمة لاستخدامها قبيل أربعة أشهر من موعد الإنتخابات النيابية، في ظل رهان أميركي – خليجي لتغيير موازين القوى النيابية والسياسية، ما يعوض الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة في لبنان والمنطقة وتحضير أغلبية نيابية تدور في فلك المحور الأميركي – الخليجي لانتخاب رئيس جديد يدين بالولاء الكامل لواشنطن؛ ومن هذا المنطلق تسعى إلى تحضير اتهامات معلبة للحزب بأنه يؤثر على العملية الانتخابية بقوة السلاح كما كان يحصل عند كل انتخابات بعد العام 2005 في قضية الحريري.
وفي سياق متصل، لا يُخفي مرجع قضائي سابق وجود أخطاء قانونية ومؤثرات سياسية على مسار التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت، رغم ثناء المرجع على حرفية ونزاهة المحقق العدلي في القضية القاضي طارق البيطار. إلا أن المرجع عينه يرسم علامات استفهام عدة حول السلوك الذي ينتهجه بيطار والذي يعتمد على الإنتقائية في توجيه الإدعاء على عدد من الشخصيات الرئاسية والوزارية دون غيرها من المستويات نفسها، ويدعو المرجع عبر “أحوال” بيطار إلى تنقية قرارته وتصويب سلوكه للحفاظ على مهنية وحرفية وعدالة التحقيقات.
محمد حمية