منوعات

هل بدأت مرحلة الانتفاض السياسي على باسيل؟

كشفت جلسة مجلس النواب التي عقدت في قصر الأونيسكو لمنح الثقة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أنّ مرحلة الإنتفاض على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بدأت، وهي لن تقتصر على عدد من النواب وحسب، بل ستكون برعاية أحزاب كبرى في طليعتهم حركة أمل وتيار المستقبل والقوات اللّبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي.

اتّخذ جبران باسيل قرارًا بالمواجهة، ليست بالضرورة المواجهة العلنية التي شهدتها جلسة أوّل من أمس حين اعترضه كل من نائب رئيس مجلس النواب إيلي فرزلي والنائب فريد هيكل الخازن، بل المواجهة السياسية بمختلف الملفات الأساسية وفي مقدمها التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، لكن خصوم باسيل لن يسمحوا له بإحراز تقدمًا شعبيًا على حسابهم، بل ستتم محاصرته حكوميًا ونيابيًا وشعبيًا، لدرجة أنّ حتى تصاريحه لن تمر مرور الكرام، وسيكون هناك من يكشف غايته ونواياه أمام الرأي العام، بحسب مصادر سياسية معارضة لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر.

يدرك السياسيون أنّ حكومة ميقاتي لن تنجح في تحقيق إنجازات ولا في إخماد نيران الصراعات، حتى مهمة إجراء الإنتخابات النيابية العامة قد لا تنجح بها، وذلك بسبب خلاف الأفرقاء على قانون الانتخاب، وباسيل أطلق تحذيرًا جديًا من المسّ بالقانون الحالي، معتبرًا أنّها ستكون محاولة لتطيير الانتخابات، بينما حزب الله وحركة أمل يريدان قانونًا جديدًا يقوم على لبنان دائرة واحدة وعلى النسبية وبعيدًا عن القيد الطائفي، وهذا قد يشكّل مادة خلافية بين التيار والحزب، في حال لم يلبِّ الأخير رغبات صهر رئيس الجمهورية الذي يريد ضمان نجاحه في الإنتخابات بأيّ ثمن.

أمّا باسيل، فيدرك أيضًا أنّ شعبيته انخفضت بشكلٍ كبير، لذلك لن يوفّر فرصة ليكون صوت الشعب علّه يتمكن من تعويض خسارته، في حين أنّه منح الثقة لحكومة ميقاتي بعد اتّفاق حصل بين الرجلين تحت عنوان المحاصصة، ولو لم يحصل على الثلث المعطل ولو بطريقة غير مباشرة لما كان منح حكومته الثقة، ويبدو بحسب الأجواء أن باسيل سيتحكّم في قرارات الحكومة خصوصاً أنّ ميقاتي يبدو مسالمًا إلى درجة تلقي الأوامر “العونية” دون اعتراض، وهذا من أكثر الأمور التي لا تبشر بالخير.

وذكرت المصادر، أنّ هدفًا واحداً يجمع ميقاتي وباسيل، الأوّل يسعى للتربع على عرش الزعامة السنية في ظل الحديث عن قرب انتهاء الرئيس سعد الحريري سياسيًا، والثاني يرغب بالحفاظ على زعامة التيار الوطني الحر مسيحيًا، لكنّ الرجلين لن يتمكنا من تحقيق هدفهما، لأنّ بيروت وطرابلس وعكار والبقاع بأهلهم وسكانهم ونوابهم غير راضين عن ميقاتي باعتبار أنّه تنازل لحزب الله ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن ما لم يتنازل عنه سلفه سعد الحريري، أمّا وضع باسيل مسيحيًا فحدّث ولا حرج، وقطار التعويض عن خسارته الشعبية قد فات.

حكوميًا، تؤكد المصادر أنّ ميقاتي لن يستطيع تدوير الزوايا ولا تجنيب حكومته تداعيات الصراعات السياسية، لذلك لن يتمكن من تحقيق مكاسب تودع في حسابه الشعبي، أمّا باسيل فما يريده هو التحكّم بالحكومة وقراراتها وخياراتها لتحسين صورته داخل المجتمع اللّبناني خصوصاً بعدما تعرّض له منذ ثورة 17 تشرين حتى يومنا هذا، وهذا ما لن تسمح به باقي الأحزاب حتى لو كلّف الأمر تطيير الحكومة.

إذن، لا بوادر خير تلوح في الأفق، بل مزيداً من المناكفات والتعقيدات التي لن تضرّ سوى بالشعب اللّبناني الذي بات أسير الأزمات التي تحاصره، وإذا أردنا قراءة المشهد باكرًا، فإنّنا مقبلون على نزالات سياسية من العيار الثقيل.

 

محمد مدني

محمد مدني

صحافي لبناني. يحمل شهادة الإجازة في الصحافة من الجامعة اللبنانية الدولية. عمل في عدد من الصحف والمواقع الأخبارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى