مجتمع

بانتظار النفط العراقي… أزمة البنزين تمتد والسوق السوداء تسرح وتمرح

سعر صفيحة البنزين أربعة أضعاف في السوق السوداء

يومًا بعد يوم، تشتدّ أزمة المحروقات في لبنان، طوابير السّيارات أمام محطّات الوقود باتت مشهدًا مألوفًا لدى اللّبناني، والمواطنون محتجزون داخل سيّاراتهم، لا حول لهم ولا قوّة، إذ لا خيار أمامهم سوى انتظار الفرج على باب المحطّة، هذا إذا وُجدت المحروقات في خزّاناتها.

ولأنّ اللّبناني “حربوق” ويتاجر في السلم والحرب، ويخلق سوقًا سوداء لكلّ شيء، بدءً من الدولار مرورًا بالدواء والمواد الغذائية، اليوم جاء دور المشتقات النّفطية، إذ برزت سوق سوداء موازية للسوق المحلي لبيع البنزين بأسعار تقارب أربعة أضعاف قيمتها المسعّرة من قبل الدولة (42000 ليرة)، فبلغت صفيحة البنزين في السوق السوداء 140 ألف ليرة في البقاع والجنوب ومخيّم برج البراجنة، إذ تنشط مجموعات لبيع هذه المواد، فيطلبها المواطن الذي عجز عن إيجاد الوقود لملء خزّان السّيارة، أو الذي يتجنّب المكوث لوقت طويل في الطابور، فيلجأ إلى السّوق السوداء، ويشتري صفيحة البنزين معبّأة بالغالونات، وتصله إلى أمام المنزل بوقت قصير، بعيدًا عن أعين القوى الأمنية التي تحذّر من بيع البنزين بالغالونات.

جولات عديدة قام بها مراقبو وزارة الاقتصاد والتّجارة على محطّات الوقود، و80% من عمليات الرقابة تركّزت على المحطات حيث المشكلة الكبرى اليوم واقعة، وفق ما أشار مصدر خاص في الوزارة لـ”أحوال”.

يمكن تفنيد المشاكل على الأرض إلى اثنين، أوّلها الاحتكار، إذ “يكون لدى المحطّات كمّيات من مادة البنزين وتمتنع عن تسليمها للمواطنينن، ولهذا شاهدنا في الآونة الأخيرة كيف خُتمت بعض المحطات بالشمع الأحمر بناءً لإشارة القضاء، بعد طلبات عدّة وجّهتها الوزارة للقضاء” .

بلغت صفيحة البنزين في السوق السوداء 140 ألف ليرة في البقاع والجنوب ومخيّم برج البراجنة

أمّا المشكلة الثانية، بحسب المصدر، فهناك محطات فعلًا خالية من البنزين ومراقبو الوزارة تأكّدوا بأنفسهم خلوّها من هذه المادة، وهذه المشكلة لاحقتها الوزارة مع المستوردين، وأخذت لائحة بالكميّات المستوردة والكميّات التي جرى تسليمها للمحطّات، فتبيّن أن الشركات الكبيرة تسلم محطّاتها بشكل طبيعي، لكن نتيجة صغر الكمية تُعطى الأولية لهذه المحطّات، فلهذا نرى المحطات الصغيرة في البلدات مغلقة لأنها كانت تأخذ البنزين من الوسيط الذي يؤمّن المادّة من فائض الشّركات الكبرى، والآن وبسبب التقنين الذي يفرضه مصرف لبنان في الاعتمادات، أصبحت الكميّات أصغر وبالتالي أولويّة هذه الشّركات تأمين حاجات محطّاتها.

المحافظون يقومون بخطوات لمكافحة الاحتكار، وطلبوا من الأجهزة الأمنية مواكبة الصهاريج والتّقصي عن الكميّات المحمّلة والمسلّمة، كذلك التأكد من أن الصهاريج تزوّد المحطّات ولا تعطي التجار الصّغار الذّين ينشطون في السوق السوداء، خصوصًا مع وجود ظاهرة بسطات غالونات البنزين على جوانب الطرقات، التي تعمل القوى الأمنية على ضبطها.

مشكلة المحروقات مستمرّة طالما الاعتمادات التي يفتحها مصرف لبنان للمحروقات أقل بكثير من حاجة السّوق، وتشير مصادر خاصّة إلى أنّ أولى بشائر الانفراجات تبدأ بوصول النّفط العراقي إلى لبنان، لأنّه سيتم توفير مبالغ فيول الكهرباء، وتحويلها إلى البنزين وغيره، ومن الآن حتّى يصل النفط العراقي، سيبقى اللّبناني ينتظر ساعات أمام المحطّات، وستبقى السوق السوداء نشطة وربما تزدهر أكثر، خصوصًا أنّ وزير الطّاقة لا يبشّر بالخير.

 

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى