منوعات

خارطة اقتصادية جديدة في المنطقة… فتّشوا عن “توتال” الفرنسية

بعد انفجار مرفأ بيروت ودخول فرنسا الى لبنان من الباب العريض، تمحورت الدراسات والتحليلات حول دور فرنسي جديد في المنطقة بدفع أميركي ظهر بشكل واضح بعد وصول الرئيس الأميركي جو بايدن الى البيت الأبيض، ولكن رغم ذلك كانت الإدارة الفرنسية تعاني في صرف هذا الدعم الاميركي، الذي كان في البداية دعماً بسيطاً سرعان ما تحول إبان الخروج الاميركي من أفغانستان إلى تفويض كبير.

كانت قمة بغداد التي عُقدت الشهر الماضي نقطة التحول في المسار الفرنسي، إذ يمكن القول أن ما قبلها ليس كما بعدها، ففي تلك القمة التي غابت عنها سوريا شكلياً وحضرت في كل المشاورات، تم الإتفاق على استكمال الحوار الإيراني السعودي، والتحضير لإطلاق الحوار التركي السوري، كما تعزيز العلاقات الفرنسية العراقية، والتي تتطلب، كما يعلم الفرنسيون، تطويراً في علاقات فرنسا بإيران الحاضرة بقوة على الساحة العراقية.

بعد هذه القمة، وقعت الحكومة العراقية إتفاقاً “تاريخياً” مع شركة توتال الفرنسية، ليُضاف الى الإتفاق الذي وقعه العراق مع شركة “مصدر” الإماراتية بداية الصيف الجاري للاستثمار في الطاقة النظيفة، وبفضل الإتفاق، حصلت “توتال” على حق الاستثمار في ثروات العراق النفطية، وتأمين الإستقرار الكهربائي، أما القيمة المالية للإتفاق فهي 10 مليارات دولار على 25 عاماً.

بعد توقيع الإتفاق، الذي لم يكن ليحصل لولا موافقة أميركية كاملة، ويتعلق بكل تأكيد بالموافقة الاميركية على تفعيل الخط العربي لنقل الغاز من مصر الى الأردن، فسوريا ولبنان، وربما الى أوروبا بالمستقبل، برز الإتصال الهاتفي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الإيراني الجديد ابراهيم رئيسي، وما حمله من حديث عن لبنان وضرورة تشكيل حكومة فيه تواكب كل ما يجري في المنطقة، وبالفعل بعد أقل من أسبوع تم تشكيل الحكومة اللبنانية على قاعدة “ربح – ربح” لكل المشاركين فيها.

بعد تشكيل الحكومة اللبنانية، كان لافتاً الكلام الاميركي المرحب والذي أكد دعم الولايات المتحدة الأميركية للحكومة وهو أمر لم يحصل منذ سنوات، وسيكون له دلالاته الكبرى في المستقبل القريب، ولكن الأهم سيكون الخطوات الفرنسية المقبلة، إذ بالنسبة للفرنسيين فإن تشكيل الحكومة هي الخطوة الاولى، فالإدارة الفرنسية عازمة على تثبيت أقدامها في المنطقة، وربما سنسمع بالمستقبل القريب عن “شركة توتال” في لبنان مجددا، كما سيكون لمرفأ بيروت أهمية بارزة في الأشهر المقبلة.

إن الحكومة الحالية، رغم أهميتها، لن تكون الأساس في السعي الفرنسي، فالحكومة التي تلي الإنتخابات ستكون هي الابرز، وهذا ما يفتح الباب أمام سؤال أساسي: هل ستحمل الأشهر المقبلة تسوية جديدة تسمح بتخطي الإستحقاقات الإنتخابية اللبنانية بهدوء، وتحديداً رئاسة الجمهورية، لنعود ونشاهد نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة المقبلة؟ وماذا عن ردة الفعل الروسية، إذ أنه معلوماً أن ما يقوم به الاميركيون يهدف لقطع الطريق على روسيا ودورها في منطقة الشرق الأوسط.

 

محمد علوش

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى