منوعات

كل التفاصيل عن مساعدات قرض البنك الدولي

بعد أن دخلت فئات اجتماعيّة برمّتها في عداد الفقراء، وبعد أن أصبح أكثر من 50% من اللّبنانيين عاجزين عن تأمين لقمة عيشهم، بسبب الغلاء الفاحش في أسعار المواد الأساسيّة، وفي ظلّ انعدام السّوق التّوظيفي والأمن الغذائي، وغياب الخطط الحكوميّة المجدية للتّعامل مع هذا الواقع الحرج، أعلنت وزارة الماليّة اللبنانيّة أنّ البنك الدّولي وافق على منح لبنان قرضاً بقيمة 246 مليون دولار لدعم شبكة الأمان الاجتماعي.

وفي 10 كانون الأول الماضي، وقع وزير الماليّة في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني على محضر التّفاوض حول بنود مشروع الاتفاقية.

وبموجب الاتفاقية، سيُخصّص القرض لتمويل دفعات نقديّة شهريّة للأفراد بدلاً من البطاقات التّموينية، وتوسيع قاعدة الفقراء المستفيدين.

تنمية أم زبائنيّة؟

ستتلقّى الأسر الأكثر فقراً مساعدة شهريّة قدرها 100 ألف ليرة لبنانية للفرد الواحد، بحدٍّ أقصى يصل إلى 800 ألف ليرة للأسرة الواحدة، بالإضافة إلى مبلغ ثابت قدره 200 ألف ليرة للأسرة الواحدة.

عملياً، وفق نظام الدخل في لبنان، سيقع الخيار على الأسر التي تتقاضى الحدّ الأدنى للأجور وما يقلّ عنه، أي الذين دخلهم أقل من 650 ألف ليرة.

فإذا كان لدينا عائلتين تضمّ كل منهما 6 أفراد، الأولى دخلها 600 ألف ليرة تقريباً والثانية 800 ألف ليرة، تحصل العائلة الأولى على المساعدة فيما تُحرم العائلة الثانية من أحقية الاستفادة منها، وبالتالي نكون قد رفعنا من المستوى المعيشي للعائلة الأولى،  فيما أبقينا العائلة الثانية مكانها؛ ما يعني أنّ هذا البرامج سيخدم الفئة الأكثر فقراً فقط، علماً أن أكثر من 70% من اللّبنانيين أصبحوا بحاجة للمساعدة.

الواقع مبكٍ والقادم مفجع، لا سيّما بعد عودة المتظاهرين إلى السّاحات مجددين انتفاضتهم، نظراً للأوضاع المعيشيّة والحياتيّة الصّعبة، التي أدّت أزمة كورونا إلى تفاقمها. فإن لم تضع الحكومة على وجه السّرعة خطّة قويّة ومنسَّقة لتقديم هذه المساعدات سينزلق الوضع إلى الهاوية. فمن هي الفئات المستفيدة فعليّاً، وهل تخضع المساعدات لمبدأ الاستنسابيّة، ومن سيراقب آلية جمع البيانات وتوزيع الإعانات؟

وأعلن رئيس الجمهوريّة ميشال عون، أمس، تسلّم بلاده قرضاً بقيمة 246 مليون دولار من البنك الدّولي، لدعم الأسر الفقيرة والمتضررين من الأزمة الاقتصاديّة، خلال اجتماع حضره رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، ومدير البنك الدّولي في لبنان ساروج كومار.

ووعد عون خلال الاجتماع، بتوزيع المبلغ  بشفافيّة وعدالة على الأسر الأكثر فقراً في لبنان، وذلك من دون انتقائيّة ولا استنسابيّة، دون توضيح طريقة استخدام القرض.

وأضاف، أبسط الواجب، مساعدة هذه الأسر لتخطّي المرحلة الصّعبة الرّاهنة، التي فاقمت من صعوباتها الأزمتين الاقتصاديّة والصّحيّة النّاجمة عن تفشي وباء كورونا.

بدوره، أكّد كومار أنّ البنك الدّولي سيقف إلى جانب لبنان في الأوقات الصّعبة التي يمرّ بها، كما كنّا إلى جانبه في الأوضاع الجيّدة.

إلى ذلك، حمل “أحوال” أسئلة كثيرة لممثل وزارة الشّؤون الاجتماعيّة في المفاوضات مع البنك الدّولي عاصم أبي علي، والذي يؤكّد أن برنامج استهداف الأسر الأكثر فقراً لا علاقة له بجائحة كورونا، ولا بإجراءات الإقفال التّامّ. فمساعدة الأسر الفقيرة واجب وطنيّ وحقّ مكرّس للمواطن على دولته.

قياس مستوى الدخل

ويوضح أبي علي أنّ هذا البرنامج يهدف إلى توفير المساعدات الإجتماعيّة للأسر اللّبنانيّة الأكثر فقراً، بناءً على معايير شفافة تحدّد مستوى فقر الأسرة.  وسيستخدم البرنامج منهجيّة استهداف، تقوم على أسلوب اختبار قياس مستوى الدّخل الفعليّ،  لتحديد الأسر المؤهّلة المستفيدة، وكذلك أسلوب استهداف وفق الفئات الاجتماعيّة لإعطاء أولويّة للفئات المهمّشة. وتتضمّن منهجيّة اختبار قياس مستوى الدخل الفعلي تقييم أهليّة الأسرة، للاستفادة من المشروع تبعاً لدرجة الفقر لكل أسرة، واستناداً إلى مواردها وخصائصها الديموغرافية التي ترتبط بالفقر؛ مشيراً إلى أنّ وزارة الشّؤون الاجتماعيّة ما زالت تعمل على تحديث قاعدة بيانات الأُسر المحتاجة.

مساعدة 200 ألف أسرة

وفيما يواجه لبنان أزمات خانقة أدّت إلى زيادة نسبة الفقر إلى 45%، حيث نسبة الفقر المدقع  22%، تشير التّقديرات إلى أنّ نحو 1.7 مليون شخص قد أصبحوا تحت خط الفقر، منهم 841 ألفاً دون خط الفقر الغذائي. ويهدف قرض البنك الدّولي، وفقاً لوزارة الشؤون الاجتماعيّة، إلى رفع عدد الأسر التي تستفيد حالياًّ من برنامج دعم الأُسر الأكثر فقراً بحوالى 150 ألف أسرة، ليصل العدد الإجمالي إلى 200 ألف، ما يعني تغطية كل الأسر المصنّفة تحت خطّ الفقر المدقع .

فإذا كان الهدف دعم 200 ألف أسرة، فإن اللّوائح المتوافرة حاليّاً لا تضم أكثر من 50 ألف أسرة. ورغم  أنّ الزّيارات الميدانيّة بدأت لدرس أوضاع نحو 300 ألف أسرة، سيحتاج ذلك في الحد الأدنى إلى 4 أشهر. هنا يؤكد أبي علي أنّ برنامج المساعدات سيُوزّع على اللّوائح التي تمّ التّحقق من وضعها،  فور صدور قرار المجلس النّيابي قوننة هذه الاتفاقيّة، من أجل السّير بالإجراءات المطلوبة للحصول على الأموال تباعاً من البنك الدّولي.

وعن آلية استلام المساعدات يوضح، أنّه سيتمّ تحويل قيمة المساعدة النّقديّة للأُسرة الواحدة، إلى بطاقة مسبقة الدّفع من خلال وزارة الشّؤون، على أن يحصل المستفيد على المبلغ نقداً عبر ماكينات الصّرّاف الآليّ.

مراقبة التّوزيع

وعن مدى ضمان وصول المساعدات مباشرة إلى من هم بحاجة إليها، يقول أبي علي سنضمن أعلى معايير  الشّفافيّة  والموضوعيّة، وسنخصّص خطاً ساخناً للشكاوى والاستفسارات؛ كما سيشمل البرنامج شركات تدقيق لاختيار عيّنات عشوائيّة من الأسر على مدار مدّة البرنامج، ومن ثم سنرسل عمّالاً اجتماعيين لزيارة هذه الأسر، بهدف المتابعة والرّصد؛ كما وسنستعين بشركتين منتدبين من البنك الدّولي ووزارة الشؤون، لمساعدة العمّال الاجتماعيين في عملية التّقييم.

تقديم الطّلبات

أمّا بالنّسبة للمشاكل التّقنيّة التي تواجه اللّبنانيين أثناء تسجيل طلباتهم عبر الموقع الالكترونيّ، فيقول: تواصلنا مع البنك الدّولي وسيتمّ تحديث الموقع، كما وطلبنا من شركة أوجيرو  تكبير الخادم، كي يتمكّن المواطن من تقديم الطّلب بسهولة.

الخروج من الشّارع

وعلى خطّ التّظاهرات المطالبة بضرورة تأمين الدّولة اللّبنانية للاحتياجات الأساسيّة  للمواطن، في ظلّ الإقفال التّام، يطالب أحد المتظاهرين في مدينة طرابلس مجلس النّواب، الإسراع بتوزيع المبالغ على الأسر المستحقّة، مؤكداً أنه قد يكون مفتاح الخروج من الشّارع.

طريق التّنفيذ

في المقابل،  يشدّد رئيس الاتّحاد العمّالي العامّ بشارة الأسمر، على ضرورة أن يأخذ قرض ​البنك الدّولي​ طريقه سريعًا إلى التّنفيذ، لأنّنا أمام وضع كارثيّ.

ويشدّد على ضروة استناد وزارة الشّؤون إلى قاعدة بيانات الجّيش ووزارة الماليّة والضّمان الاجتماعي، فيما يخصّ العاملين في القطاع العامّ والمياومين، كي يتمّ اختيار الأسر الأكثر حاجة على أساسها .

ورغم أهمية حصول لبنان على قرض من البنك الدولي، إلّا أنّ ثمّة مخاوف تبرز حيال سوء استخدام الأموال المخصّصة في الأساس لدعم الفقراء، لتخطّي الأزمة الاقتصادية. هنا يوضح الأسمر أهمية إنشاء لجنة مشتركة يكون للاتّحاد العمّالي دور فاعل فيها، لمراقبة وتتبّع آلية اختيار المستفيدين  وتوزيع المساعدات، وما إن كانت ستشمل الشّرائح الفقيرة فقط أم أنها ستخضع لمبدأ الزبائنيّة والمحسوبيّات.

ناديا الحلاق

 

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى