منوعات

حزب الله لم يتخلّ بعد عن دعم الحريري

خطفت المواجهات بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الاسرائيلي في عموم الاراضي المحتلة الاضواء والاهتمام خلال الأيام الماضية، بحيث حجب الدخان المنبعث من الميدان، معطوفا على عطلة عيد الفطر، الملف الحكومي اللبناني الذي تراجع تلقائيا الى الوراء.
وما ساهم أيضا في “تحنيط” هذا الملف هو الافتقار الى التسويات المبدعة وعناد القوى السياسية المعنية التي لم تبد بعد اي استعداد للمرونة والتنازل، على الرغم من الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسي إيف لودريان الى بيروت وما رافقها من لهجة قاسية في مخاطبة السياسيين وتلويح بعقوبات متصاعدة على المعطلين.
واذا كانت المبادرة الفرنسية والعقوبات المتدرجة و”البهدلات” المتكررة والضغوط الاقتصادية لم تنفع لغاية الآن في تليين مواقف المختلفين وإذابة الجليد الذي يفصل بينهم، فانه يُفترض، لو ان هناك حدا أدنى من الشعور بالمسؤولية لدى أصحاب القرار، ان تدفع التطورات الدراماتيكية والشديدة الخطورة في فلسطين المحتلة اطراف الازمة الحكومية الى تبادل التنازلات والتعجيل في تشكيل حكومة إنقاذية تحصن لبنان في مواجهة العاصفة الإقليمية المشرعة على كل الاحتمالات.
هذا هو السلوك البديهي في اي دولة طبيعية تجيد ترتيب الاولويات، إذ ان كل الحسابات السياسية والمصالح الفئوية تصغر أمام المخاطر والتحديات التي تنطوي على تهديد استثنائي، الا في لبنان حيث المكابرة تتفوق على اي اعتبار آخر، حتى لو اتخذت طابع جلد الذات.
وفيما يحرص حزب الله على أن يواكب بكل جوارحه وحواسه مجريات المعركة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الاسرائيلي، ويولي الكثير من العناية لما يجري في الميدان العسكري، هناك في الداخل اللبناني من لا يزال واثقا في أن الحزب يستطيع لو اراد ان يفرض الحل الحكومي من خلال الضغط على حليفيه الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل للقبول بمخارج واقعية او حلول وسطية تنهي المراوحة المتمادية منذ أشهر.
لكن مصدرا قياديا رفيع المستوى في الحزب يؤكد ان “ما يطلبه او يتوقعه البعض منا غير واقعي وغير ممكن”، لافتا الى ان “ليست شغلتنا ان نفرض تشكيل الحكومة قسرا وان نلزم هذا أو ذاك بتقديم تنازلات رغما عنه. نحن نستطيع أن نعطي راينا وننصح ونقترح وندل على ما نظن انه الاتجاه الأنسب، انما لا يمكننا ان نفعل اكثر من ذلك.”
وفي موقف متمايز عن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، يكشف المصدر ان الحزب لا يزال حتى هذه اللحظة مؤيدا لتولي الرئيس المكلف سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة على الرغم من كل ما حصل في الأيام الأخيرة من أخذ ورد حول احتمال اعتذاره وسحب الغطاء عنه،” لكن ذلك لا يعني بالضرورة اننا متمسكون به إلى ما لا نهاية.”
ويشير المصدر الى ان الحزب باق عند اقتناعه بأن الجزء الأكبر من الازمة الحكومية هو داخلي وعلاجه محلي، معتبرا ان المشكلة الاساسية التي يعاني منها لبنان تكمن في طبيعة الثقافة السياسية السائدة والتي تولد لدى البعض احساسا بالعجز والحاجة المستمرة الى الخارج لمعالجة الخلافات الداخلية.
وينبه المصدر الى ان معظم الخارج غير مهتم بلبنان حاليا واولوياته في مكان آخر، “الأمر الذي يستوجب من اللبنانيين ان يبادروا هم الى تسوية نزاعاتهم ومعالجة همومهم، بدل الاستمرار في انتظار الحلول المستوردة من الخارج”، ملاحظا ان هناك “شريحة من السياسيين تفترض انها محور الكون في حين ان اي التفات دولي نحو لبنان، اذا وُجد، انما يعود سببه حصرا الى عامل المقاومة، ونحن لا نقول هذا للاعتزاز بأنفسنا وإنما للإشارة الى ان ما يحرك أغلب القوى الدولية هو فقط قلقها على اسرائيل.”
ويلفت المصدر الى ان الحوار السعودي الإيراني والسعودي السوري إيجابي من حيث المبدأ، ونأمل في ان يعطي قوة دفع لتشكيل الحكومة، “علما اننا مصرون على أن المعالجة يمكن ان تنبع من الداخل اذا توافرت الارادة.”
ولئن كان خيار الثنائي الشيعي يدعم الحريري لم يتبدل بعد، الا ان اوساطا عدة بدأت تتصرف على اساس ان اعتذار الحريري أصبح مسألة وقت بعدما ضاقت هوامش المناورة امامه وبالتالي راحت تتداول منذ الآن في أسماء مرشحة لخلافته.
ولم يعد خافيا ان أبرز تلك الاسماء هي الرئيس نجيب ميقاتي والنائب فيصل كرامي ورئيس تحرير صحيفة اللواء صلاح سلام، مع الاشارة الى ان ميقاتي يتجنب حتى الآن الخوض علنا في هذا الاحتمال، وينفي عبر القريبين منه أن يكون مرشحا لرئاسة الحكومة، ما يعكس حرصه على تجنيب علاقته بالحريري اي اهتزازات او التباسات سابقة لاوانها، خصوصا ان الرئيس المكلف لم ينسحب بعد، حتى يبنى على الشيء مقتضاه.

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى