منوعات

تزامن مشبوه بين التصعيد الإسرائيلي وبين ذكرى 4 آب وحادثة خلدة

العميد جابر لـ"أحوال": التصعيد جنوباً لن يتطوّر إلى حرب عسكرية

خيّم الهدوء الحذر اليوم على طول الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة، بعد التصعيد العسكري الإسرائيلي، رداً على إطلاق صاروخين من الأراضي اللبنانية سقطا داخل المستوطنات.

وأشارت مصادر ميدانية لـ”أحوال” إلى أنّ “الهدوء سيد الموقف حتى الساعة، ولم تشهد المنطقة أي تطورات جديدة رغم شدة القصف الإسرائيلي البري والجوي.”

ولاحظت المصادر أنّ “الغارات الإسرائيلية استهدفت مناطق غير مأهولة بالسكان لتجنب استهداف المدنيين اللبنانيين، وبالتالي عدم استفزاز حزب الله واختراق قواعد الإشتباك القائمة منذ حرب تموز 2006. فالقصف الإسرائيلي لا يزال ضمن المعادلة رغم شموله مناطق متقدمة في الجنوب”.

جابر: التصعيد جنوباً لن يتوسّع إلى حرب

في سياق ذلك، أشار الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور العميد هشام جابر لـ”أحوال” إلى أن “التصعيد الإسرائيلي في الجنوب له خلفيات وأسباب عدة داخلية وخارجية:

أولاً: جاء بالتزامن مع توجه مجلس الأمن الدولي لبحث قضية استهداف ناقلة النفط الإسرائيلية في الخليج، والتي توجه فيها إسرائيل أصابع الإتهام إلى ايران. لذلك تحاول تسليط الضوء على حزب الله ومن خلفه إيران لاستنفار المجتمع الدولي والرأي العام العالمي ضد طهران.

ثانياً: الضغط على الأميركيين ودول الخمس زائد واحد لتضمين الاتفاق النووي المرتقب توقيعه، قضايا تتصل بالأمن الاسرائيلي مثل لجم نشاط ايران الخارجي، ضبط الطائرات المسيرة، والصواريخ الدقيقة التي يملكها حزب الله. لكن ايران مصرة على توقيع الاتفاق وعدم بحث أمور أخرى إلا بعد التوقيع.

واستبعد جابر أي تداعيات لما حصل أمس على صعيد الجبهة مع لبنان ولا على صعيد جبهات المنطقة، مشيراً إلى أن “الولايات المتحدة لن ترد على استهداف الناقلة الإسرائيلية لأسباب عدة رغم تهديد مسؤوليها. وميّز جابر بين الحرب العسكرية الواسعة النطاق والمستبعدة حالياً، وبين الحرب الإستخبارية القائمة بين طهران من جهة وكل من الأميركيين والإسرائيليين من جهة ثانية؛ لا سيّما حرب الناقلات واستهداف معمل “نطنز” الإيراني النووي وتنفيذ عمليات اغتيال لعلماء نوويين ايرانيين.

كما أوضح جابر بأن “إسرائيل لن تستطيع تحمّل أن تكون المبادرة بالضربة الأولى على لبنان لخشيتها من الخسائر الفادحة التي سلتحق بها جرّاء ردة فعل حزب الله الذي يملك 150 ألف صاروخ يحذّر منها القادة العسكريون في إسرائيل؛ لكن الأخيرة تريد استدراج حزب الله للمبادرة بمهاجمة إسرائيل لاستمالة المجتمع الدولي والإدارة الأميركية خصيصاً إلى جانبها، لفرض شروط وقواعد اشتباك جديدة على الحزب.

ورجّح جابر أن يكون العملاء الإسرائيليون هم من أطلقوا الصواريخ لخلق مبرّر للتصعيد الإسرائيلي، لا سيّما وأن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تحوي فصائل مقاومة وفصائل أخرى متناقضة ولها ارتباطات خارجية إسرائيلية وإستخبارية عدة.

ورأى أن إسرائيل تدرك بأن لا علاقة لحزب الله بإطلاق الصواريخ وأن هذا الأمر يسبّب له الإحراج والإرباك. وأضاف: “لكن لا مصلحة للحزب بالإعلان عن مصدر إطلاق الصواريخ والجهة المسؤولة إن كان يعلم، ذلك أنّ الحزب ليس شرطة حماية للعدو الإسرائيلي لكي يكشف عن مصدر  إطلاق النار، فضلا عن أن منطقة إطلاق الصواريخ تقع في جنوب الليطاني، خارج نطاق عمليات ووجود حزب الله، وبالتالي الإعلان عن المصدر يوقعه في إحراج أمام الدولة والمجتمع الدولي”.

التصعيد الإسرائيلي يكشف تورّطه بالأحداث الأمنية الأخيرة

في سياق ذلك، توقفت أوساط سياسية وعسكرية مطّلعة عند التوقيت المريب والمشبوه للدخول الإسرائيلي على خط التوتر والأحداث والأزمات في لبنان، إذ تزامن هذا الإنخراط المفاجئ مع جملة تطوّرات داخلية وخارجية خلال الأسبوع الماضي:

  • التوتر الإيراني – الإسرائيلي في ظل حرب الناقلات.
  • تقدم المباحثات النووية الأميركية – الغربية – الإيرانية.
  • ذكرى إحياء انفجار مرفأ بيروت في 4 آب والأحداث الأمنية التي رافقتها في وسط بيروت .
  • حوادث خلدة الأمنية ومحاولات إحداث فتنة مذهبية تخدم المصلحة والأهداف الإسرائيلية.
  • تعثر تأليف الحكومة الجديدة في ظل الخلاف بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلّف.
  • تفاقم الأزمات الحياتية وتمدد الإنهيارات الاقتصادية والاجتماعية وخطر الفوضى الشاملة.
  • الإعلان عن إطلالة مرتقبة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله السبت المقبل في ذكرى الانتصار في حرب تموز، والمواقف التي نقلت عنه في جلسة داخلية عن توجّه للحزب لاستيراد النفط والأدوية والمواد الغذائية من ايران في القريب العاجل.

خطة بومبيو  سارية المفعول في لبنان

لفتت الأوساط المتابعة إلى أنّ سياق الأحداث الأمنية الداخلية من خلدة إلى اشتباكات وسط بيروت والدخول الإسرائيلي على خطها، تؤكد تورّط جهات خارجية وسفارات دول حليفة لها بكمين خلدة المدبّر، لاستدراج حزب الله إلى مستنقع الفتنة المذهبية؛ كاشفة أنه لو انزلق الحزب إلى اشتباك واسع في خلدة لكانت مجموعات أخرى تنتظر ذلك لفتح جبهات عدة في المناطق ذات الحساسية المذهبية في الشمال والبقاع والخط الساحلي بين بيروت وصيدا، وبالتالي إغراق الحزب في فتنة كبيرة قد يدخل فيها خلايا إرهابية وتعقبها ضغوط دولية وتدخل إسرائيلي عسكري ظهرت نذره أمس.

وذكّرت المصادر ببنود خطة وزير الخارجية الأميركية السابق مايك بومبيو، التي تتضمن في بندها الأول تعميم الفراغ في المؤسسات لا سيّما في مجلس الوزراء، وثم تفجير الأزمات الحياتية وأخذ البلد إلى انهيارات اقتصادية ومالية متتالية وفوضى اجتماعية وأمنية، ثم إشعال الوضع الأمني بشكل واسع تمهيداً لعدوان اسرائيلي مفاجئ يليه تدخل دولي لفرض الوصاية الأجنبية الأوروبية الأميركية على لبنان، على كافة الصعد السياسية والعسكرية والمالية والاقتصادية؛ ما يدل على أن خطة بومبيو لا تزال سارية المفعول لغياب استراتيجية أميركية جديدة للملف اللبناني.

محمد حمية

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى