لا يبدو أن طريق الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي إلى السراي الحكومي سهلة المنال. فاللقاء الثالث والأخير الذي جمعه ورئيس الجمهورية ميشال عون أتى مغايراً للمناخ الايجابي الذي رافق اللقائين السابقين، ما شكل صدمة سلبية لميقاتي ولجم اندفاعته وامتنع عن التصريح، مختصراً كلامه بكلمتين فقط “راجع الإثنين”، بحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ”أحوال”. رغم أن مصادر بعبدا تنفي ذلك وتؤكد بأن اللقاء كان إيجابياً.
مطالب عون لتأليف الحكومة
وكشفت المصادر أن “اللقاء الأخير كان سلبياً، حيث سمع ميقاتي من الرئيس عون إصراره على تحقيق ثلاثة مطالب لتسهيل تأليف الحكومة وتتلخّص بالتالي:
- الحصول على وزارتي الداخلية والعدل
- تسمية 8 وزراء مسيحيين وغير مسيحيين من دون حصة حزب الطاشناق.
- شمول مبدأ المداورة حقيبة المالية على أن تنالها طائفة أخرى غير الشيعة أو شيعي من خارج ثنائي أمل وحزب الله.
- عدم تأكيد مشاركة التيار الوطني الحر في الحكومة ومنحها الثقة في المجلس النيابي.
هذه الشروط أو المطالب بحسب المصادر ستُفجر الحكومة وتدفع ميقاتي للإعتذار، كون الرئيس ميقاتي لن يستطيع تحقيقها ولا النزول عن السقف الذي رسمه الحريري. ولهذا السبب أرجأ الرئيس المكلّف زيارته للإثنين المقبل حتى دراسة هذه المطالب وتحريك وسطاء على خط المفاوضات بينه وبين عون لخفض السقف العوني في المفاوضات التي لم تخرج حتى الساعة من دائرة ثنائي عون – ميقاتي.
التيار لا شرط لعون ونفصل بين “التيار” و”الرئاسة”
في المقابل، تنفي مصادر واسعة الإطلاع في التيار الوطني الحر لـ”أحوال” أن يكون عون وضع هذه الشروط على الرئيس المكلّف، كاشفة بأن “النقاش خلال اللقاء اقتصر على التوزيعة الطائفية للحقائب السيادية ولم يتم الدخول في الأسماء؛ كما لم تبحث مسألة مشاركة التيار في الحكومة، وهذا أمر يتعلّق بالتيار ولا علاقة لرئيس الجمهورية بذلك. ورئيس التيار جبران باسيل أبلغ ميقاتي في لقائهما “بأننا لن نشارك في الحكومة”.
كما كشفت الأوساط أن “عون وضع ملاحظاته على صيغة ميقاتي ووعد الأخير الأخذ بها والبحث بشكل أعمق بالأسماء ليتم اللقاء الاثنين المقبل”، وأكدت بأن “اللقاء كان ايجابياً وليس سلبياً كما أشيع ولم يتخلله أيه شروط وشروط مقابلة”.
وأوضحت الأوساط أنه “حتى الساعة أداء ومقاربة الرئيس ميقاتي مختلفة عن مرحلة الحريري لجهة التواصل والزيارات المتكررة والإعتراف بدور وشراكة رئيس الجمهورية، لكن لا شيئ مضمون”. كما أكدت بأن “التيار مسهل للتأليف وعون لم يطرح شروطاً تعجيزية إلا تمسكه بقواعد الدستور والميثاقية والشراكة”، لافتة الى أن “الكرة في ملعب الرئيس المكلّف”. كما نفت أن يكون هناك إشكالية مع الثنائي الشيعي في حقيبة المالية، مضيفة: “لن تقف عائقاً أمام ولادة الحكومة”، موضحة كلام باسيل الذي تم تأويله بغير مكانه، “أن استثناء وزارة المال من مبدأ المداورة يعد اشارة سلبية سنتعاطى معها بموقف في استحقاق الثقة النيابية وبالتالي لم يضعها عقدة أمام التأليف”.
حزب الله على خط الوساطة مجدداً لتسهيل التأليف
في المقابل، أشارت أوساط مطلعة على موقف حزب الله لموقعنا أن “الحزب ينتظر أن يبادر الرئيس عون والنائب جبران باسيل إلى تسهيل التأليف وتذليل العقد والمطالب السابقة التي طرحها خلال مرحلة الرئيس سعد الحريري وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الخاصة”. ولفتت المصادر إلى أن “حزب الله وافق على السير بتكليف ميقاتي لأسباب عدة للتأكيد على نيته وسعيه لتأليف حكومة. فأي حكومة أفضل من الفراغ لأنها المفتاح لمعالجة الأزمات المختلفة والحد منها وفتح الباب على المساعدات الخارجية رغم أن موقف الحزب ترك آثاراً وخسائر في قواعده الشعبية، نظراً للدور السلبي الذي لعبه ميقاتي في بعض الملفات كالفساد والحرب في سوريا. لكن المصلحة الوطنية تقتضي ذلك لمراعاة الواقع اللبناني الصعب والحساسية الطائفية والمذهبية”. فالحزب برأي المصادر، استبق تداعيات اعتذار الحريري في الشارع السني واحتواها من خلال تكليف ميقاتي بموافقة الحريري ونادي رؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى الذين يشكلون جميعهم المرجعية السنية في البلد”.
وحذرت المصادر من أن حزب الله ليس مستعداً أن يخسر أكثر بعرقلة طريق ميقاتي نحو ولادة حكومة جديد تشكّل المعبر لضبط الوضع؛ كاشفة عن دور يستعد الحزب للقيام به للوساطة بين عون وباسيل من جهة، وميقاتي من جهة ثانية، لتذليل العقد كما فعل خلال مرحلة الحريري”. وتوقعت المصادر أن نشهد تقدماً الأسبوع المقبل بعد ضغوط حزب الله على فريق العهد.
أما أوساط مطلعة على موقف ميقاتي، ففضلت عدم الدخول في سيناريوات تفصيلية واستباق المشاورات بين الرئيسين وانتظار النتئجة للبناء على الشيئ مقتضاه، مؤكدة لـ”أحوال” أن “ميقاتي يسعى بإرادة حية وصلبة ونوايا وطنية حسنة للتعاون مع رئيس الجمهورية لإنجاز الحكومة بأسرع وقت ممكن مع مراعاة معايير كفاءة واختصاص الوزراء واستقلالية الحكومية وعدم نيل أي طرف الثلث المعطل لكي لا تتعطل قرارات الحكومة وتفشل في مهمتها”.
تأخير الحكومة سيرفع سعر صرف الدولار إلى 30 ألف
حذرت جهات سياسية ومالية من أن تأخير تأليف الحكومة واعتذار ميقاتي سيرفعان سعر الصرف الى 30 ألف ليرة؛ مذكرة بأن سعر الصرف قبل استقالة حكومة الرئيس حسان دياب استقر على 6 آلاف ليرة لكن بعد استقالتها ارتفع بشكلٍ جنوني وصل إلى 25 ألف ليرة الشهر الماضي. ورأت المصادر لـ”أحوال” أن “أقصى ما يمكن توقعه من الحكومة المقبلة هو الحد من الإنهيار وضبط سعر الصرف وتأمين بعض الخدمات الحياتية والمعيشية، وبالتالي لن تستطيع إنجاز التدقيق الجنائي ولا الإصلاحات. كما أن إجراء الانتخابات النيابية غير مضمون في ظل التعقيدات السياسية القائمة. وهذا ما يفسر تشدد عون وباسيل للحصول على الحقائب الأمنية والقضائية وقوة وزارية وازنة في الحكومة لتوقعهما بأن الانتخابات النيابية بعد 7 شهور قد لا تحصل، وكذلك انتخابات رئاسة الجمهورية، ما يعني أن الحكومة الحالية ستكون الحاكمة وسترث الفراغ النيابي والرئاسي”.
محمّد حميّة