مجتمع

سهرة شروق الشمس.. الجغرافيا في خدمة بيصور

ظاهرة تأمّل غروب الشمس في لبنان، انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، بعدما أصبحت السياحة الداخلية المتنفّس الوحيد للمواطنين جراء ارتفاع سعر صرف الدولار من جهة، واشتراط شركات الطيران بتقاضي قيمة تذاكر السفر حصرًا بالعملة الأجنبية، من جهة ثانية، الأمر الذي زاد من عدد الأماكن الطبيعية التي يقصدها الإنسان خصوصًا عند ساعات الغروب، لتأمّل هذه اللحظة والتقاط أجمل الصور بطبيعة لبنان الخلابة.

ولكن، ماذا عن شروق الشمس؟ فهل فكّرتم لبرهة بروعة تأمّل لحظة الشروق من بلدة لبنانية مميّزة، هي أوّل بلدة تستمد نور الشمس نظرًا لموقعها الجغرافي الذي تمتاز به عن بقية البلدات والمدن؟.

بلدة بيصور في قضاء عاليه، والتي تقع مقابل سلسلة جبال لبنان الغربية، هي أوّل بلدة لبنانية تستمدّ النور، حيث تتسلّل إليها خيوط الشمس من منحدر جبل الباروك المتاخم لجبل ضهر البيدر، فتلاقيها “بيصور” بأول شعاعتها على أعلى قمة فيها “رادار بيصور”، لتعود وتنثر نورها على باقي البلدة ثم على باقي البلدات الموازية.

ونظرًا لجمال لحظة الشروق، وكون بيصور تنفرد باستقبال الشمس قبل غيرها من القرى، قرّر أهالي البلدة، وتحديدًا “الرابطة الثقافية الرياضية – بيصور” إحياء هذه المناسبة تحت اسم “عيد شروق الشمس”، بحفل تقليدي قروي يبدأ من منتصف الليل حتى ساعات الفجر الأولى، ويجمع أهالي البلدة والبلدات المجاورة، ويتخلّله برنامجًا فنيًا يشارك فيه مجموعة من شابات وشباب البلدة، ضمن أجواء ترفيهية ممتعة مليئة بالألفة والفرح.

فمع مطلع فصل الصيف، وفي وسط البلدة، يتحول مبنى الرابطة إلى “خلية نحل”، وكلما ازدادت حرارة الطقس ازداد نشاط شبابها، حيث تشهد القاعة العامة على توزع مجموعات وهم يحضّرون كل مشاريع النشاطات التي ستُقام في مناسبات ومحطات مواعيدها ثابته.

في ذاك المبنى “الحركة فيها بركة”؛ فهنا مجموعة تدريب مسرحي، وهناك للموسيقى وعلى جانب القاعة فرق تدريب رياضي، وفي كل الحالات والزوايا متطوعون للعمل العام من أجل “ضيعتنا بيصور، التي حباها الله والطبيعة بعدّة مميزات، واليوم نحضّر بسرعة لـ”سهرة شروق الشمس” في تلة الرادار، التي ستُقام من منتصف ليل غد السبت، 31 تموز/يوليو، وتستمر حتى ساعات الصباح الأولى”، بحسب ما عبّر أحد الشبان لـ”أحوال”.

وفي سياق متصل، رأى رئيس الرابطة الثقافية الرياضية – بصور، طلال ملاعب، في حديث لموقعنا أن “في ظل هذه الظروف الإستثنائية التي تمرّ بها البلاد، والتباعد الإجتماعي الذي فُرض علينا جراء جائحة كورونا، نحن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى الى خلق نشاطات وفعاليات تشكل مساحة مشتركة بين جميع الفئات العمرية في المجتمع”، مضيفًا “من هنا، يأتي هذا النشاط ضمن مجموعة من أنشطة “الرابطة الثقافية الرياضية – بيصور” التي تهتم بتعزيز التواصل بين أفراد المجتمع والقرى المجاورة، بالإضافة إلى بناء القدرات والإضاءة على المواهب الفنية والرياضية والثقافية”.

ملاعب أوضح أن “هذا الحدث بدأ تنظيمه منذ أكثر من 10 سنوات، حيث تمّ الاحتفال بهذه المناسبة لأول مرة في 7 تموز 2009، ليصبح عيدًا اجتماعيًا شاملًا، يُقام في تلة “الردار” الأعلى في البلدة، والتي توازي نقطة الوسط على الشاطئ اللبناني – وفقًا للخرائط المعتمدة في مصلحة الشؤون الطبوغرافية في الجيش اللبناني-“، بحسب قوله.

أما حول الهدف من إقامة هكذا نشاطات، فقد أكّد رئيس الرابطة الثقافية الرياضة، أنهم “كهيئة إدارية، نعتبر أننا في موقع مسؤولية تجاه أبناء مجتمعنا بشكل عام والجيل الجديد بشكل خاص، من خلال مساعدة الشباب على الانخراط في أنشطة ترسّخ التربية على المواطنة، من حرية ومسؤولية وتنظيم ومشاركة وتعدّد، واختلاف وحوار وتسامح واحترام الرأي الآخر وغير ذلك”.

وأردف “هذا ونهدف أيضًا عبر نشاطاتنا المتنوعة إلى تحفيز المواطنين على التعامل في إطار مؤسساتي وقانوني، وتوسيع قاعدة المهتمين بالمصلحة العامة وتقوية الشعور بالانتماء الوطني وروح التطوع”، مشددًا على أن “ترسيخ العمل الجماعي المنظم والحد من النزعة الفردية والأنانية، من شأنه أن يحقّق الاندماج والتعاون بين أفراد تجمعهم الرغبة المشتركة في خدمة المجتمع”.

وفي الختام، لفت ملاعب في حديثه لـ”أحوال” إلى أنهم في الرابطة الثقافية الرياضية – بيصور، مؤتمنون على صرح ثقافي إجتماعي ورياضي، “تجسّد بشعلة حافظ عليها من سبقنا بكل حرص ومحبة وتضحية وعطاء”، مؤكدًا “وبدورنا سنوصلها للأجيال التي ستأتي من بعدنا كما تعلمنا من أسلافنا”.

ياسمين بوذياب

ياسمين بوذياب

صحافية لبنانية، عملت كمراسلة ومحررة أخبار في عدة مواقع الكترونية إخبارية وفنيّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى