مجتمع

المستشفيات مهدّدة بالعتمة الشاملة وأرواح المرضى على المحك

أزمة المحروقات في لبنان تتمدّد، ومع كل موجة يضرب عبابها قطاعًا بأكمله، يئنّ من خلفه شعب برمّته، فبعد طوابير السيارات أمام محطات الوقود بسبب أزمة البنزين، جاء دور مادّة المازوت التي باتت مفقودة بشكل كبير وخطير للغاية، إذ أعلن العديد من أصحاب المولدات الخاصة عن بدء التقنين، فيما أعلن البعض الآخر توقف مولداتهم بشكل تام عن العمل لنفاد مخزونهم من المازوت، إلّا أنّ أزمة المازوت لم تقف هنا بل وصلت هذه المرّة إلى المستشفيات، القطاع المرهق أساسًا بسبب جائحة كورونا، والوضع الاقتصادي والنقدي المتردّيين.

انقطاع الكهرباء عن المستشفيات أمر خطير للغاية، إذ لا يمكن أن تستمر المستشفيات في تقديم الخدمات للمرضى في ظل غياب الكهرباء، ابتداءً من الإنارة وتشغيل المعدّات، إلى أجهزة التنفّس الاصطناعي وأجهزة المختبر والأشعّة، إلى أجهزة غسيل الكلى، وفق ما أشار نقيب أصحاب المستشفيات الخاصّة سليمان هارون في حديث لـ”أحوال”.

ولفت هارون إلى أنّ كل مستشفى لديها مولداتها الخاصّة لتغطّي غياب كهرباء الدولة، ولهذا تقوم بشراء مادة المازوت من الشركات الموزّعة لتشغيل هذه المولّدات، والمشكلة اليوم أن هذه الشركات لم تعد تسلّم المستشفيات تحت اعتبار أنّ مخزونها نفد، ونحن نحاول أن نشتري المازوت من مصفاتي طرابلس والزهراني إلّا أنّ مخزون المنشأتين ضئيل جدًّا، وقد سلّمونا كميّات قليلة لا تكفي لتغطية ساعات التقنين التي بلغت 22 ساعة باليوم، فالمستشفيات بحاجة باليوم الواحد إلى 350000 ليتر من المازوت، لكنّنا لم نكن نستلم هذه الكميّة.

وأشار هارون إلى أنّ النقابة تواصلت مع مديرية المنشآت النفطية بشخص مديرتها أورور فغالي في  وزراة الطاقة، وقد تجاوبت معها لكنّ الكميات التي أرسلت قليلة جدًّا مقارنة بالحاجة المطلوبة، وذلك لأنّ المخزون غير كافٍ، وكما علمنا بالأمس جرى تفريغ باخرتين لكن حسب الكلام المتداول فإنّ هذه الكميّة لا تكفي البلد لأكثر من ثلاثة أيّام، وبالتالي لن تحل المشكلة.

اليوم هناك مستشفيات من البقاع والجنوب وبيروت والجبل اتصلوا بي وأخبروني أن كميّات المازوت لديهم شارفت على النفاد، ونحن نحاول قدر الإمكان مساعدتها في تأمين المازوت من أجل الاستمرار في تقديم الخدمات الطبية للمرضى لأطول مدّة ممكنة، وإلّا فحياة المرضى ستصبح على المحك وفي خطر حقيقي، وفق ما أكّد هارون.

وكان رئيس لجنة الصّحة النيابية النائب عاصم عراجي قد حذّر في تغريدة له على تويتر من توقف الكهرباء عن المستشفيات نتيجة انقطاع المازوت ما يشكّل تهديدّا كبيرًا، خاصّة لمرضى قسم العناية الفائقة، داعيًا وزارة الطّاقة والقضاء والأجهزة الأمنية للتدخل للضغط على شركات النفط لتوزيع المحروقات المخزّنة بالمستودعات للمستشفيات فورًا، وإلّا سنكون أمام كارثة صحيّة سيكتب التاريخ فصولها.

من الآن حتى يصل النفط المنتظر من الدول الصّديقة، يبقى حال المستشفيات اللّبنانية على شفير السقوط الكبير، سقوط سيودي بالمرضى إلى الشارع، وبالأطباء والممرضين والعاملين إلى منازلهم، إلّا إذا حصلت معجزة وعادت مادّة المازوت لتظهر من جديد بجهود حكومة تصريف الأعمال الغائبة عن السمع، وبهمّة الأجهزة الأمنية والقضائية في التحقق من وجود المحروقات، بدءًا  من الشركات الموزّعة ووصولًا إلى المحطّات، وإلا سيبقى هذا الملف كمن يملأ الماء بالغربال.

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى