مجتمع

وزارة التربية تسطو على رواتب أساتذة النازحين

كل شيء بات متعثّرًا في هذه الدولة، وفي زحمة التّصارع السّياسي تذهب حقوق المواطنين بين أقدام المتصارعين الكبار، هذه المرّة صرخ الأساتذة المستعان بهم للدّوام المسائي والذين يتولّون مهمّة تعليم النّازحين السّوريين، لكن صرختهم لم تجد آذانًا صاغية لدى المعنيّين، كما حال جميع اللبنانيين المقهورين.

أكثر من عام ولم يتقاضَ هؤلاء الأساتذة مستحقّاتهم، ولا أحد يعرف السبب، مع العلم أنّ هذه المستحقات تُدفع من الأمم المتّحدة ضمن برنامج تعليم النّازحين السّوريين، وفق ما أكّد مصدر خاص لـ”أحوال”، لافتًا إلى أنّه مع بداية هذا البرنامج كان الأساتذة يتقاضون رواتبهم شهريًّا وبالدولار، لكن الأمر تبدّل بعد تسلّم دائرة التّعليم الشامل في وزارة التربية والتعليم العالي مهمّة دفع المستحقات، وهنا حلّت النّكبة على الأساتذة، إذ باتوا يتقاضون رواتبهم فصليًّا، وواقعًا سنويًّا نظرًا للإجراءات الرّوتينية التي تمّ وضعها لدفع المستحقّات، وعوضًا من أن يستلموا رواتبهم بالدولار، باتوا يتقاضونها باللّيرة اللّبنانية، فبدل عشرين دولار للساعة التعليمية الواحدة أصبح المبلغ 12000 ليرة لبنانية، ثم أُعيد رفعها إلى 14000 ليرة لبنانية، لتصل بعد عناء طويل إلى 20000 ليرة لبنانية وفق ما أكّد المصدر، يعني وبحسابات بسيطة أجر الساعة كان 20$ (بحسب سعر الصرف اليوم في السوق السوداء يكون المبلغ 200 ألف ليرة لبنانية)، إلّا أنّ الأستاذ يتقاضى 20 ألف ليرة لبنانية (أي دولارين أميركيين).

هذا الأمر دفع الأساتذة إلى إعلان الإضراب المفتوح، وعدم العودة للتعليم قبل دفع المستحقّات المتراكمة منذ العام الفائت، كذلك القبض بالدولار الأميريكي، باعتبار أنّ الأموال تصل من الأمم المتّحدة بالدولار، وأجر السّاعة 20$.

مصدر آخر من الأساتذة كشف لـ”أحوال” أن ما يجري بقضيتهم وبموضوع الدّولارات جريمة سرقة موصوفة، إذ كانت الأموال تحوّل من الأمم المتّحدة إلى مدراء المدارس مباشرة، والمدير بحسب جداول السّاعات يدفع مستحقّات الأساتذة لديه، إلّا أن وزارة التّربية وضعت يدها على الموضوع وألحقته بدائرة التّعليم الشّامل، وهنا حلّت الكارثة، ولفت المصدر إلى أنّه بعد مراجعة المعنيين لدى الأمم المتّحدة في بيروت بخصوص مستحقاتهم، أتى الرد أنّهم سدّدوها لوزارة التربية، أمّا الأخيرة وبعد مراجعتها فتتحجّجت بأنّ مصرف لبنان لا يصرف لها الدولارات إلّا على السعر الرسمي 1500 ليرة لبنانية، وأنّ الأموال المرصودة لهم دُفِعت في أماكن أخرى.

وأشار المصدر إلى أنّ هناك قطبة مخفيّة حيال قضيّتهم، والقصّة ضائعة بين وزارة التربية بشخص مديرة التّعليم الشّامل في الوزارة صونيا خوري والأمم المتّحدة ومصرف لبنان، لافتًا إلى أنّ الأساتذة ماضون بتحرّكاتهم حتّى تتحقق مطالبهم بقبض مستحقّاتهم بالدولار الأميريكي وشهريًّا، وسأل: لماذا تُدفع أموال النّازحين السّوريين من مصرف لبنان عبر منصّة خاصّة على السّعر 6300 ليرة لبنانية، ونحن الأساتذة يتعنّت المصرف بدفع مستحقّاتنا على السّعر الرّسمي 1500 ليرة لبنانية؟؟ فلماذا لا يعاملنا المصرف بالمثل؟ يسأل المصدر.

“أحوال” أجرى عدّة إتصالات بوزارة التربية والتعليم العالي لاستيضاح قضية الأساتذة، وتبيان أسباب تأخر دفع المستحقات، ولماذا لا تُدفع بالعملة المرسلة من الدول المانحة؟ لكن الجواب أتى: إسأل صونيا خوري فهي المعنية بهذه القضيّة، وبناءً عليه اتّصل أحوال بخوري مرّات عدّة، إلّا أنّ أحدًا لم يجب على الاتصالات.

قضيّة الأساتذة لم تنتهِ فالإضراب لا زال مفتوحًا، رغم التهديدات التي يتلقاها الأساتذة بالفصل واستبدالهم بآخرين، وربما يكون القضاء اللّبناني هو الفيصل في هذه القضية، لإنهاء هذا المسلسل المرير الذي يعيشه الأساتذة ومعهم عائلاتهم، ولوضع حدٍّ للمرتكبين الذّين يستسهلون اللّعب بلقمة عيش المواطنين.

 

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى