منوعات

مليون عاطل عن العمل في لبنان قريبًا.. هل من حلول استباقية؟

عدد العاطلين عن العمل في لبنان ارتفع إلى 430 ألفاً بسبب الأزمة الاقتصادية وأزمة كورونا ومن المُتوقَّع أن يصل إلى نحو المليون

أظهر مسح للقوى العاملة والأوضاع المعيشية، الذي أصدرته “المديرية العامة لإدارة الإحصاء المركزي” عن الفترة الممتدة بين نيسان 2018 وآذار 2019، أنّ معدّل البطالة في لبنان وصل إلى نسبة 35% بين الشباب من حمَلة الشهادات الجامعية، في الوقت الذي يتنبّأ خبراء اقتصاديون بأن تصل هذه النسبة إلى 50%.

عدد الخريجين من الجامعات في لبنان، سنويًا، يصل إلى 32 ألفًا، وبحسب “المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين” لا يقدّم سوق العمل اللبناني سوى 3 آلاف وظيفة جديدة سنوياً، إلى جانب استيعابه 9 آلاف فرصة عمل قديمة، في حين يزيد عدد طالبي العمل سنويًا عن 40 ألفًا سنوياً (32 ألفًا منهم من خريجي الجامعات)، لذا فيُحرم 37 ألف مواطن من الحصول على وظيفة.

ماذا عن بنية سوق العمل؟

كشفت الاستطلاعات الدولية للمعلومات، أنّ عدد العاطلين عن العمل ارتفع بعد انطلاق ثورة 17 تشرين الأول 2019 من 350 ألفاً (25% من حجم القوى العاملة) إلى 430 ألفاً (32% من القوى العاملة)، بسبب الأزمة الاقتصادية وتدابير جائحة كورونا، في الوقت الذي يُتوقَّع وصول أعداد العاطلين عن العمل في الأشهر المقبلة إلى نحو المليون، أي 65% من القوى العاملة، وذلك بسبب احتمال صرف نحو 10 آلاف إلى 15 ألف موظف في المدارس الخاصة، نتيجة عدم قدرة الأهالي على تسديد الأقساط المتوجّبة عليهم، بالإضافة إلى إمكانية صرف نحو 50 ألف عامل نتيجة إقفال عدد من المطاعم والفنادق والمؤسسات السياحية مع تراجع المداخيل، والتخلّي عن 20 ألف إلى 25 ألف عامل مع إقفال عدد من المحلات التجارية الصغيرة نتيجة تراجع حركة المبيع بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية وبالتالي ارتفاع الأسعار.

ومع إقفال أبواب الهجرة بسبب جائحة كورونا، قد يُمنع 50 ألفاً إلى 60 ألف لبناني من العمل في الخارج، مع احتمال عودة نحو 200 ألف آخرين من إفريقيا ودول الخليج وأوروبا، بعدما فقدوا وظائفهم نتيجة التراجع الاقتصادي بسبب أزمة كورونا، وتراجع أسعار النفط في دول الخليج. كما قد يفقد نحو 100 ألف إلى 150 ألف لبناني وظائفهم بفعل تقليص الأعمال والمشاريع في قطاعات مختلفة كالبناء والمقاولات، الاعلام والصحافة، النقل والمصارف بعد إعادة هيكلة الأخيرة.

كيف يمكن خلق وظائف وفرص عمل وسط الأزمات المتعددة؟

الخبير الاقتصادي، د. غسان ديبة، يقول في حديث لـ”أحوال” إنّ لبنان يعيش أزمة اقتصادية كبيرة وركود اقتصادي ناتج عن الأزمة المالية وانتشار فيروس كورونا، حيث يصعب الآن خلق أسس لاقتصاد جديد من دون تغيير أسس الاقتصاد اللبناني القديمة، ما يعني أنه على الدولة اللبنانية تحويل اقتصادها من ريعي إلى منتج، الأمر الذي يتطلّب تدخل الحكومة ووضع سياسة صناعية جديدة لجذب الاستثمارات في القطاعات المنتجة في لبنان، كالقطاع الصناعي والزراعي والتعليمي والتكنولوجي وغير ذلك.

من هنا، يتابع ديبة، “يبدأ الطلب على العمّالة الماهرة مع بدء الاستثمار، ولكن لا أمل في أن يخلق الاقتصاد الوظائف بنفسه من دون تدخّل الدولة، ولو من خلال إعطاء حوافز”، لافتًا إلى أنّ العملية ليست سهلة خصوصًا في ظلّ الجمود الموجود بالقطاع المصرفي والمالي، ولكن بالمقابل فباستطاعة الدولة استخدام سياسات مالية عبر وضع ضرائب على الأموال الضخمة والثروات والأرباح من جهّة، وتقديم إعفاءات ضريبية لتوظيف الشباب والاستثمار في القطاعات المنتجة من جهة أخرى.

إذًا، ووفقًا لديبة، تستطيع الدولة تأمين موارد عبر النظام الضريبي من خلال فرض الضرائب على الثروات، ولكن أموال وثروات كبار المودعين محجوز عليها داخل المصارف، في حين يمكن اقتطاع جزء منها مع وضع ضرائب على المداخيل العالية لدعم القطاع المنتج.

ما هو دور القطاع الخاص وحجم المساهمة التي يستطيع تقديمها في هذا الإطار؟

“القطاع الخاص يعاني من وضع اقتصادي سيء جدا”، يقول ديبة لموقعنا، “وهو يحتاج لمساعدة، ورغم أننا قد نرى مبادرات فردية إلا أنّ مفعولها لن يكون بالحجم المطلوب، لذا لا نستطيع أن نطلب من القطاع الخاص خلق وظائف في ظلّ الركود الاقتصادي الحالي، ولكن بالمقابل، فالسياسات المحفّزة والإعفاءات الضريبية وتأمين القروض الميسرة بدون فوائد، قد تحثّ القطاع الخاص على تطوير نفسه”.

ماذا عن الحلول السريعة؟

يرى ديبه في هذا الخصوص، أنّ خيوط الحل السريع تبدأ بالظهور مع تشكيل الحكومة، والتي يجب أن يترافق تشكيلها وعملية دعم للأجور عبر سياسة توسعية، بالإضافة إلى إيجاد حلول لمن تعطّل عملهم نتيجة الأزمة المالية وأزمة كورونا وانفجار مرفأ بيروت، إلى جانب استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإجراء الإصلاحات المطلوبة للحصول على أموال “سيدر”، ما قد يحسّن الوضع النقدي وسعر الصرف، مشيرًا إلى أن ذلك يعتمد أيضًا على الشروط التي سيضعها صندوق النقد وقوّة لبنان في التفاوض، على أن يكون التصحيح المالي سليم ويطال الأغنياء وطبقة الـ1%، كما حصل في آيسلاندا بعد أزمة عام 2008.

باولا عطيّة

باولا عطية

كاتبة وصحافية لبنانية. تحمل شهادة الماجستير في الإعلام الاقتصادي والتنموي والإجازة في العلوم السياسية والإدارية من الجامعة اللبنانية. والإجازة في الصحافة والتواصل من جامعة الروح القدس الكسليك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى