مجتمع

الأزمة تطال الحيوانات… اللبنانيون يتخلّون عن الكلاب والقطط

ليس بالأمر الغريب أن يرى اللّبنانيون القطط والكلاب منتشرة على الطرقات، لكن الأغرب هو أعدادها الكبيرة والتي يتضح من شكلها ونوعها أنّها حيوانات منزليّة تخلّى أصحابها عنها، لأسباب ترتبط بالوضع المعيشي والاقتصادي الصّعب الذي يمرّ به المواطن، واعتبار تربية الحيوانات الأليفة ترفًا، فيما الأولية اليوم في هذا الظرف العصيب تأمين قوت العائلة.

عدّة أسباب أدّت إلى تعذّر العديد من مربي الحيوانات الاحتفاظ بحيواناتهم، وفق ما أشار نقيب الأطبّاء البيطريين في لبنان الدكتور إيهاب شعبان في حديث لـ “أحوال”.

السبب الأوّل يعود للأدوية البيطرية الخاصّة بالحيوانات الأليفة كاللّقاحات والأدوية، إضافة إلى الطعام فكلّها لم تتلقَ أي دعم من الدولة، باستثناء بعض الأدوية للمواشي، وكلّها مستورد من الخارج وبالدولار الأميركي، حتّى أنّ التاجر لا يقبل بسعر صرف السوق وإنّما بالدولار الأميركي فقط، لذلك ارتفعت أسعار هذه المواد ارتفاعًا خياليًّا، فعلى سبيل المثال كيس أكل القطط الذي وزنه 2 كيلو كان سعره 50000 ليرة لبنانية، أمّا اليوم فأصبح 350000 ليرة، أمّا بالنسبة للقاح فكان 30 $ أميريكي وكانت تساوي 45000 ليرة، واليوم وأصبحت تساوي 525000 ليرة، إلّا أنّ النقابة طلبت من الأطباء تسعيره بمئتي ألف ليرة كي يبقى باستطاعة المواطن شرائه لحيواناته كي لا يتخلّى عنها.

وحذّر شعبان من أن الخوف اليوم هو من انتشار أوبئة أخرى مرتبطة بالحيوانات إذا ما تم إهمالها ورميها في الشّارع، فعلى سبيل المثال داء الكلب إذا انتشر فهو أخطر من كورونا ويقتل بشكل سريع والمشكلة أنّه لا يوجد له لقاح مضاد لا في مستشفى رفيق الحريري ولا في مستشفى ظهر الباشق، وهذا أمر خطير جدًّا، هناك أكثر من مئتي مرض مشترك بين الإنسان والحيوان فإذا لم تلقح الحيوانات من أبقار وأغنام في المزارع والحيوانات الأليفة، فهذا سيؤدي إلى انتقال هذه الأمراض من الحيوان للإنسان ونكون قد عرّضنا حياة الإنسان للخطر، لهذا طلبنا من الأطباء التنازل بجزء من الأرباح، لكي يبقى بمقدور أصحاب هذه الحيوانات شراء الأدوية واللّقاحات اللّازمة والمحافظة على حيواناتهم كي لا ترمى بالشارع، وفق ما أشار شعبان.

ولفت شعبان إلى أنّ ارتفاع أسعار الأدوية دفع بالبعض إلى شراء الأدوية الرخيصة التي لا تستوفي المواصفات المطلوبة، ولم تعطِ النتيجة المطلوبة، وأمام ما يجري أُعطي أصحاب الحيوانات حلول بديلة بالنسبة للأدوية لمعالجتها بالطرق الصحيحة وبأقل كلفة، إلّا أنّ أسعار طعام الحيوانات بقيت المشكلة الأكبر، فأسعارها أصبحت لا تحتمل، مثلًا سعر طعام الكلب شهريًّا ذات النّوعيّة المقبولة يبلغ خمسمئة ألف ليرة أما النوعيّة الممتازة فتبلغ مليون وثمانمئة ألف ليرة، مؤكّدًا أن البعض أمام هول الوضع الاقتصادي والمعيشي اضطرّ للتخلي عن حيواناته وإرسالها إلى أشخاص آخرين ليتبنونها، والأطباء يساعدون في ذلك من خلال معارفهم، أمّا من هو متعلّق بحيواناته فلم يتخلَّ عنها واستبدل طعامها ببقايا طعامه، وهذا أمر جيّد لكن يجب الانتباه إلى بعض الأطعمة التي تحتوي على بهارات وصلصات، فإنها تؤثّر على الجهاز الهضمي للحيوان.

ونوّه شعبان بعمل جمعيّات الرفق بالحيوان التي تهتم بشكل كبير في الحيوانات التي ترمى في الشارع وتعالجها وتتطعمها وتهيّئها للتبنّي، لكنها أيضًا أصبحت تعاني من أعباء هذه الرعاية، مؤكّدًا أن الوضع حتّى الآن لا زال تحت السيطرة بفضل الأطباء والمتبرعين الذين يقدمون الدعم لهذه الجمعيات وللأفراد التي تقتني الحيوانات، لكن في الأيام القادمة لا نعرف إن كان باستطاعتنا الصمود أمام هذا الانهيار الحاصل.

لا شك أن للحيوان الحق بالعيش في ظروف لائقة صحيًّا وغذائيًّا، إلّا أن حظّها التعيس أوجدها في لبنان، حيث لا ظروف لائقة للعيش حتّى لإنسانه، ففساد السلطة أفسد معها كل شيء، فغدى لبنان بيئة موبوءة لا تليق بكل الكائنات الحيّة.

Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى