منوعات

مصادر “اليرزة” لـ”أحوال”: لا طموح سياسي لقائد الجيش

دور مرّكزي للجيش في حال تعثّرت الحكومة وعمّت الفوضى

لا تزال زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى فرنسا تثير التساؤلات والتأويلات حول أبعادها وأهدافها في ظلّ تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانسداد الحل السياسي؛ لا سيّما وأنّ الزيارة تعدّت حدود الإطار التقليدي و”البروتوكولي” إلى البحث في الأزمة السياسية وتداعياتها الأمنية.

فالزيارة أتت في مرحلة مفصلية لجهة عجز القوى السياسية عن تأليف حكومة، وفشل المبادرة الفرنسية التي رعاها شخصياً الرئيس إيمانويل ماكرون الذي كسر “البرتوكولات” واستقبل قائد الجيش في “الإيليزيه” في سابقة لم تحصل منذ استقبال ملكة بريطانيا إليزابيت لقائد الجيش آنذاك إيميل البستاني.

وكانت لافتة تغريدة النائب جميل السيد بقوله: “هل إستقبال ماكرون لعون رسالة بأن البديل موجود إذا فشلوا بتركيب حكومة؟! ربما ولكن مع الأسف، في لبنان الجيش بديل الفوضى وليس بديل السلطة”.

فهل يجري إعداد الجيش خارجياً للعب دور أمني – سياسي في حال تعثّر تأليف الحكومة؟ أم هو مجرد وسيلة ضغط على السياسيين للدفع باتجاه التأليف؟

مصادر “أحوال” كشفت أن “اللقاء بين ماكرون وعون بحث احتمالات المرحلة المقبلة، في حال حصول فوضى نتيجة تردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي وتعدت الحاجة إلى مرحلة الجوع، وما سيرافقها من عمليات سرقة وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، والعصيان المدني الذي بدأ يتظهر بسلوك موظفي الإدارة العامة بعدم التزام بتعليمات مرؤوسيهم. لذلك سيكون للجيش الدور المركزي في ضبط الأمن”. وأضافت: “البحت تركز على حدود هذا التدخل لتمكين الجيش من الحفاظ على الحد الأدنى من الإستقرار الأمني، إذ أنّ القوى الأوروبية والفرنسية تحديداً تخشى أن يؤدي التفلت الأمني إلى العودة إلى هجرة “القوارب” المنظمة للنازحين السوريين واللبنانيين الهاربين من المجاعة والفقر” إلى أوروبا. لذلك الحل أن يتولى الجيش تنظيم أو إدارة الفوضى”.

مقربّون من عون ينفون أي طموح سياسي له

وإذ ربطت بعض الجهات السياسية بين لقاء “الإيليزيه” وبين الطموح الرئاسي لقائد الجيش، أشارت مصادر مقربة من اليرزة لـ”أحوال” إلى أن “جدول زيارات عون لم يلحظ أي لقاء مع الرئيس الفرنسي، بل اقتصر على لقاء قائد الجيوش الفرنسية ووزيرة الدفاع الفرنسية. لكن بعد وصوله إلى باريس عُرِض عليه لقاء ماكرون”. وأوضحت أن “الجيش تلقى مساعدات مادية وعينية وطبية من دول عدة كالعراق وعمان ومصر، وبالتالي قائد الجيش يسعى إلى طلب المساعدات من أكثر من دولة وليس فقط من فرنسا. وبالتالي هدفه مالي – عسكري بحت، وليس سياسياً”. ونقلت الأوساط عن قائد الجيش أن ليس لديه أي طموح سياسي وخصوصاً في رئاسة الجمهورية، وهو يدرك جيداً قواعد وحدود اللعبة السياسية، وبالتالي لا يربط خطواته بمستقبله السياسي بقدر ما يهمه تأمين المساعدات للجيش لتعزيز صموده الاجتماعي قدر الإمكان لكي يحافظ على دوره كضامن للإستقرار”.

وعلم “أحوال” في هذا الصدد، أنّ جهات رسمية تعمل على استثمار علاقاتها وصداقاتها الخصبة مع رجال أعمال ومتمولين لبنانيين في لبنان والخارج لتأمين مساعدات مالية للجيش.

في المقابل، ترى جهات سياسية أن “تطمينات المقربين من قائد الجيش تناقض الوقائع، لجهة أن معظم قادة الجيش السابقين استطاعوا التسلّل إلى قصر بعبدا خفية، من فؤاد شهاب إلى إيميل لحود إلى ميشال سليمان وصولاً إلى الرئيس الحالي ميشال عون. فلماذا لا يصل جوزف عون الذي تربطه علاقات وطيدة مع كافة الأطراف السياسية الداخلية والقوى الخارجية ويحظى بتأييد شعبي واسع ظهر خلال العامين الماضيين،  لا سيّما خلال الأحداث الأخيرة في الشارع! علماً أن “العلاقة الوطيدة بين القوى الغربية لا سيّما الأميركية والجيوش العربية معروفة تاريخياً، حيث يفضلون وصول شخصيات عسكرية إلى السلطة نظراً لسهولة التعامل معها”.

فهل يكون قائد الجيش هو الخيار البديل عبر ترؤسه حكومة عسكرية تدير البلاد في المرحلة المؤقتة أو من خلال فرض إنتخابات نيابية مبكرة واستقالة رئيس الجمهورية وانتخاب رئيس جديد؟

وفي حين نفت مصادر “اليرزة” البحث مع الفرنسيين خيار تأليف حكومة عسكرية، ترى أوساط عليمة عبر موقعنا أن “لا مصلحة للفرنسيين بخربطة النظام السياسي القائم واستباق الإستحقاقات الدستورية واللعب من خارجها عبر انقلاب عسكري ما يفتح الباب على انقلابات أخرى. لذلك الفرنسيون يدعمون التغيير وفق الآليات الدستورية الشرعية والتي لازالت متاحة وممكنة”. وتشير إلى أن “خيار الإنتخابات النيابية المبكرة أصبحت وراء الجميع، وبالتالي دخلنا في السنة الإنتخابية، والجهود الفرنسية الأوروبية تتركز على  إنجازها في مواعيدها وقطع الطريق على تأجيلها أو التمديد أو التجديد أكان في رئاسة الجمهورية أو المجلس النيابي”.

جابر: فرنسا تريد الاستثمار في الجيش 

يشير الخبير العسكري والاستراتيجي العميد هشام جابر لـ”أحوال” إلى أنّ “فرنسا ترى بأن الجيش لا يزال المؤسسة الوحيدة التي تحافظ على تماسكها وقوتها وبعدها عن الطبقة السياسة، بعدما سقطت مختلف المؤسسات الأخرى كرئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، إضافة إلى مؤسستي القضاء والمصرف المركزي. وبالتالي الرهان والإستثمار الفرنسي في مؤسسة الجيش تمهيداً لإيلائه دوراً أمنياً بأبعاد سياسية، وذلك للحفاظ على الإستقرار الداخلي وبالتالي حماية المصالح الفرنسية الغربية في لبنان”.

ويرى جابر بأن “لبنان هو موطئ القدم الوحيد لفرنسا في منطقة الشرق الأوسط، فهي لا تملك أي نفوذ في سوريا والعراق والأردن، وبالتالي معنية بحماية مصالحها التاريخية في لبنان عبر الجيش اللبناني في حال عجزت الطبقة السياسية اللبنانية عن ذلك”. لكن جابر يجزم بأن “فرضية حصول إنقلاب عسكري من قبل الجيش غير وارد وغير مطروح ولا ينجح في ظل النظام الطائفي القائم والدستور الحالي”.

محمّد حميّة

 

 

 

 

 

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى