منوعات

لسان حال شربل وهبة: أعطني حظاً وارمني في البحر

في الثالث من شهر آب من العام الماضي، وقبل يوم واحد فقط على وقوع أكبر انفجار في لبنان، في مرفأ بيروت، تم توقيع مرسوم تعيين شربل وهبة وزيراً للخارجية والمغتربين بدلاً عن السفير ناصيف حتّي الذي قدّم استقالته اعتراضاً على تهميش دوره كوزير للخارجية، وقيام مدير مكتبه “المقرّب من جبران باسيل” بدور الوزير.

يُقال أن حظّ وهبة بالوزارة سيء جداً، فبعد تعيينه بيوم حصلت كارثة المرفأ وتعرّض مبنى وزارة الخارجية للتدمير الجزئي، وبعدها بدأت مرحلة تدهور الحكومة حتى استقالتها بعد تعيينه بـ 7 أيام فقط، فنال عن جدارة لقب “وزير الأسبوع”، لا لأنه حقق نجاحات باهرة، بل لأنه تحوّل خلال أسبوع واحد من وزير إلى وزير مستقيل.

لم ينته حظّ وهبة العاثر هنا، ففي التاسع من أيلول أصيب الوزير بالكورونا وحجر نفسه لمدّة أسبوعين، ولو كان وهبة مؤمناً “بالعين” لقال أن عيناً أصابته، وأنه يحتاج “رقوة” تُنقذه من المواقف التي وجد نفسه غارقاً فيها، أو تلك التي سيُغرق نفسه فيها مستقبلاً.

هو سفير سابق في أكثر من بلد، إذ كان قد عيّن سفيراً للبنان لدى فنزويلا بين عاميْ 2007 و2012، وقنصلاً عاما للبنان في لوس أنجلوس في الولايات المتحدة الأميركية من عام 2002 إلى عام 2007، وقنصلاً عاماً للبنان في مونتريال بكندا بين عامي 1995 و2000، إلى جانب عمله في مناصب دبلوماسية في سفارات لبنان في كل من القاهرة، لاهاي، برلين، وفي قنصلية لبنان العامة في تورونتو.

هو مقرّب من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، إذ شغل منصب مدير الشؤون السياسية والقنصلية في وزارة الخارجية بين عامي 2012 و2017، وعمل كأمين عام لوزارة الخارجية والمغتربين بالوكالة بين شباط وتمّوز 2017. في العام 2017 وصل وهبة إلى السن القانونية وتقاعد، ولكنه وجد عملاً جديداً في القصر الرئاسي إذ شغل منصب مستشار رئيس الجمهورية ميشال عون للشؤون الدبلوماسية.

رغم كل هذه السيرة الذاتية الباهرة، والعمل كمستشار دبلوماسي لفخامة الرئيس، سقط وهبة في فخ “حماسته” الكلامية، ملمّحاً خلال مقابلة تلفزيونية إلى تورّط دول خليجية وعربية بتصدير الإرهاب إلى لبنان ومواقف إضافية فيها إساءة لتلك الدول، فتخلّى عنه من أوصله لمناصبه، وتبرأت منه رئاسة الجمهورية في بيان واضح يحمّل وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال مسؤولية كلامه على اعتبار أنه يمثّله شخصياً، وكذلك فعلت رئاسة الحكومة، حيث كان هناك بيان بعد اتصال من دياب بوزير الخارجية.

حتى وهبة نفسه تبرأ من كلامه محاولاً تصحيح الخطأ، فاعتبر أنه ” فوجئ بتفسيرات وتأويلات غير صحيحة لكلامه في ​مقابلة​ تلفزيونية وأن ما قاله لم يتناول الأشقاء في ​دول الخليج​ العربي، ولم يتطرق إلى تسمية أي دولة، ولكنه فوجىء (مجدّداً) أكثر ببعض البيانات التي صدرت في ​لبنان​ والتي تحوّر كلامه وتدفع لتوتير العلاقات مع الأشقاء في المملكة ودول الخليج، تحقيقاً لمصالح شخصية على حساب مصلحة لبنان”.

كثيرة هي البيانات التي استنكرت ما قاله وزير الخارجية، الذي وللمناسبة لا يمكن لكلامه أن يمثّل نفسه، فهو لم يتم استضافته في المقابلة كونه شربل وهبة، بل وزير خارجية لبنان، والذي يُفترض به أن يكون محنّكاً بالعمل الدبلوماسي، قادراً على تجاوز الأفخاخ بطريقة سلسة، تؤمن موقف لبنان من جهة، ومصالحه من جهة أخرى.

“غلطة الشاطر بألف”، فكيف إذا صدرت “الغلطة” عن شخص غير محظوظ بمنصبه على الإطلاق.. فعلاً صدق الشاعر أحمد شوقي عندما قال: “والحظ يبني لك الدنيا بلا عمد…. ويهدم الدعم الطولى إذا خانا”.

 

 

 

 

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى