منوعات

دراسة توثّق طائرًا يُشاهَد للمرة الأولى في لبنان.. و”أحوال” ينفرد بنشرها

تمكّن الناشط البيئي وخبير الطيور، د. ميشال صوّان، من توثيق مشاهدات لطائر للمرة الأولى في لبنان، حيث قدّم بحثًا علميًا هامًا نُشر في المجلة الهنغارية Ornis Hungarica المتخصّصة في مجال علم الطيور Ornithology.

صوان خصّ “أحوال” بهذه الدراسة، وشرح تفاصيل رحلته التي اكتشف فيها النوع الجديد من الطيور، فقال: “خلال رحلة صيد لطائر السُمُّن Song Thrushes، واسمه العلمي Turdus philomelos، مساء 19 كانون الثاني/يناير 2020، لاحظ أحد الصيادين مجموعة طيور سريعة للغاية، بلغ عددها 12 طائرًا، فأطلق عليها النار ليردي ثلاثة منها ويتمكّن من الإمساك بثلاثة على قيد الحياة، وبعد مشاهدتي لتلك الطيور تأكدت أنّها أحد أنواع طيور “القطا” Sandgrouse، وتمكّنت من تحديد النوع، كما استخدمت “دليل كولينز الميداني” Collins Field Guide للتحقق من الأمر”.

أمر غير عادي

وتابع صوّان كلامه قائلًا: “عندها تواصلتُ مع الاختصاصي في الطيور Ornithologist، د. غسان جرادي، والخبير في مجال الطيور، مارتن كيش، أكّدا لي أن هذا النوع هو Lichtenstein’s Sandgrouse، واسمه العلمي Pterocles lichtensteinii، وأن هذه هي المشاهدة الأولى لهذا النوع من الطيور في لبنان”.

أما عن أنواع هذا الطائر، فقد أوضح لـ”أحوال” أن Sandgrouse Lichtenstein يُعتبر من الأنواع الرحّالة، ومعظمها من الأنواع الليلية، حيث يتواجد نوع P. l. targius في المنطقة الممتدة من المغرب عبر الصحراء إلى تشاد، ونوع P. l. sukensis من جنوب السودان جنوبًا حتى وسط كينيا، أما نوع P. l. arabicus فيتواجد في آسيا وصولًا إلى أقصى شرق إيران وباكستان، لافتًا إلى وجود النوع الفرعي P. l. lichtensteinii في الشرق الأوسط، وهو مقيم في مصر وجنوب الأرض المحتلة والأردن والمملكة العربية السعودية واليمن ومصر وسلطنة عُمان وجنوب إيران، في حين أن نوع P. l. ingramsi فهو النوع الوحيد المقيم في المجموعة الأوروبية، لافتًا إلى أن أفراد هذه العائلة توجد في الموائل الجافة للغاية، بما في ذلك الوديان والصحاري الصخرية، وأن رؤية مجموعة منها في لبنان هو “أمر غير عادي”.

المواصفات والخصائص

في المقابل، وعن مواصفات وخصائص هذا الطائر، شرح صوان: “يصل طوله إلى 25 سم، وينتمي إلى Pteroclidae، مثل غيره من أفراد هذه العائلة، كما توجد Lichtenstein’s Sandgrouse في الموائل الجافة للغاية، بما في ذلك الوديان والصحاري الحجرية، وطبيعتها الليلية وعاداتها في ورود المياه للشرب قبل الفجر وبعده، يعني أنه غالبًا ما يكون من الصعب جدًا اكتشافها أو رؤيتها”.

من هنا، أشار صوّان في حديثه لموقعنا إلى أن Birdlife International صنفت هذه الطيور عام 2016 على أنها ذات وضع “الاهتمام الأقل” أو ما يُعرف بـ”Least concern”، أي أن أعدادها جيّدة، في حين أن الأنواع الفرعية الأقرب إلى لبنان هي P. l. lichtensteinii، أي تلك التي تمّ التعرف عليها، وهي موجودة في جنوب الأرض المحتلة وصولًا إلى الصومال وسقطرى، في حين تقع أقرب مجموعة معروفة منها على بعد أكثر من 550-600 كلم، في جنوب فلسطين المحتلة أما أقرب توزّع مسجل معروف فهو في العراق، سجّله “بورتر” وآخرون عام 1996، ليؤكد صوّان لموقعنا أنه وبما أن هذه المشاهدة جديدة، فمن الممكن إضافتها إلى قائمة الطيور اللبنانية، مع استبعاد احتمال تهريب هذه الطيور إلى لبنان أو وصولها إلى هنا لأسباب غير طبيعية.

نوع رحّال

أما المنطقة التي تم فيها إطلاق النار على الطيور، أردف صوّان، فكانت في قضاء عكار في شمال لبنان، وهي تُعتبر ممرًا لنوع آخر من هذه الطيور وهو Black-Bellied Sandgrouse واسمه العلمي (Pterocles orientalis). وفي الصورة المرفقة، يظهر ذكر وأنثيان وقد أصيب كل منها إصابات مختلفة، حيث أكد صوّان أنه من المستبعد جدًا أن تكون هذه الطيور مهرّبة، فضلًا عن أنها كانت مصابة بالخردق، وأن ثلاثة منها قُتلت بالفعل.

وأضاف: “من الواضح أن المكان الذي أتت منه هذه الطيور لا يمكن تحديده، ولكن بالنظر إلى طبيعة هذا النوع الرحّال، فقد تكون أتت من أقرب مكان لتواجدها، أي من جنوب الأرض المحتلة والأردن، ومن الممكن أيضًا أن أعدادًا أخرى موجودة لم يتم اكتشافها بعد، خصوصًا وأن هذه الأنواع تحب الموائل الصحراوية أو شبه الصحراوية، وهي من المناطق الشبيهة ذات الموائل المناسبة والتي يمكن العثور عليها في كل من شمال لبنان في عكار وعلى حدود الهرمل، وكذلك في سوريا، حيث تتميّز هذه المناطق بأنها مناطق حصى وصخور ومناخ شبه جاف الى بارد للغاية شتاءً وجاف حار صيفاً، لذلك من الممكن وجود مجموعات تكاثر صغيرة في أي من هذين البلدين أو كليهما”.

التغير المناخي

وفي السياق، رأى صوّان أن الرياح ودفء الطقس خلال الأيام الثلاثة السابقة لإمساكها، قد تكون جلبتها إلى لبنان في ذلك الوقت، لافتًا إلى أن التغيّر المناخي قد حرم لبنان من أنواع عدة من الطيور التي كانت تهاجر إليه من قبل، لكنه بالمقابل قد يسمح بتواجد طيور وحيوانات أخرى. هذا ولا يستبعد صوان أن تكون هذه الطيور متواجدة بينما لم يتنبه إليها أحد، إذ وبسبب العادات الليلية لهذا النوع والعدد القليل نسبيًا من مراقبي الطيور المطلعين في لبنان وسوريا لا سيما في المناطق التي قد توجد فيها، لن يكون من المستغرب عدم التعرف عليها، خصوصًا إذا كانت هذه المجموعات حديثة.

وفي الختام شكر صوّان كل من “كولين كونري” الذي ساعد في كتابة وتحرير المقال العلمي، ود. غسان جرادي ومارتن كيش على مساعدتهما في تأكيد النوع.

سوزان أبوسعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

ناشطة وصحافية لبنانية. مجازة في التحاليل البيولوجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى